بدأت قوّات النظام السوري مؤخراً تكثيف حملات الاعتقالات في مدينة حمص الخاضعة لسيطرتها، وتحديداً في المناطق ذات الغالبية المعارضة، ما أثار تخوّفاً لدى كثير من المواطنين ودفع بعضهم إلى الهروب خارج البلاد، أو إلى مناطق لا تخضع لسيطرة النظام في شمال حمص وشمال سورية.
أكثر ما يثير الذعر بين سكان المدينة، أنّ النظام قام برفع سن الاحتياط في التجنيد الإلزاميّ إلى ما فوق 42 عاماً، فلم تعد الاعتقالات تقتصر على الشباب بل باتت تطاول كثيرين، حتى أن قوات النظام طلبت عدة مرات، اعتقال أشخاص لأداء الخدمة، رغم أن هؤلاء لقوا حتفهم في القصف أو قضوا جراء الحصار.
يقول أبو جهاد، من حمص، لـ"العربي الجديد"، إنّه بدأ البحث عن مهرّبين للخروج من المدينة بعد أن علم أنه مطلوب للاحتياط، "تعرفت على مهربين يعملون شبّيحة لدى النظام، وبعد الاتفاق سيتولون إخراجي عن طريق التهريب إلى ريف حماة، ومنها إلى مناطق لا تخضع لسيطرة النظام".
ويضيف "قامت مجموعة الشبيحة بنقلي في سيارة مزودة بمدفع رشاش ثقيل، عبرت بنا الحواجز من حمص حتى منطقة في ريف حماة بالقرب من بلدة السلمية، ومن هناك قامت مجموعة من الملثمين بإيصالي إلى ريف إدلب، حيث تسيطر المعارضة السورية، ومن هناك قام مهرّبون بنقلي إلى الحدود مع تركيا".
بلغت ساعات الرحلة بين حمص والحدود التركية، وفقاً لقوله قرابة عشر ساعات فقط، و"لم تعترضه أي مشاكل في مناطق النظام كون السيارة التي نقلته تابعة للشبّيحة"، بينما نقله المهربون من ريف حماة إلى الحدود عبر دراجة نارية، وعند الحدود التركية ألقي القبض عليه مرتين من قبل الجيش التركي، لكنه تمكن من العبور في المرة الثالثة.
دفع أبو جهاد 1500 دولار أميركي للمهربين، أي ما يعادل 750 ألف ليرة سورية، ويحتاج الموظف السوري حالياً إلى عدّة سنوات من أجل توفير مثل هذا المبلغ.
المستفيد الأكبر من رفع سن الاحتياط في الخدمة الإلزامية، وفقاً لأبو جهاد، هم المهربون، مؤكداً أنّه ليس الوحيد، بل هناك المئات غيره خرجوا من حمص بذات الطريقة، وكل شخص يدفع ذات المبلغ وأحياناً أكثر.
وعن الدّافع الأكبر للهروب وترك عائلته، أكّد أبو جهاد أن كل من قام النظام باعتقاله، موجود الآن على جبهات القتال في تدمر أو في ريف حلب، وتحديداً في جبهات تنظيم "الدولة الإسلامية". وأضاف "عندما خدمت في الجيش سابقاً، كنت أمضي اليوم في لعب الورق، ولم أطلق رصاصة واحدة طيلة فترة تجنيدي، فكيف أذهب وأحارب في جهات مشتعلة، إنها عملية تصفية وليست سحب احتياط" على حد تعبيره.
ويؤكد الناشط ثائر الخالدية، لـ"العربي الجديد"، أنّ "النظام يقوم بتقطيع أوصال المدينة عبر الحواجز، وفي المناطق ذات الغالبية المعارضة، مثل منطقة الإنشاءات، يقوم النظام بفصلها عن حي بابا عمرو وحي المحطّة وحي طريق طرابلس بجدار إسمنتي مرتفع. وتقوم الحواجز بتوقيف المشاة والسيارات، وكل مطلوب للاحتياط يقومون باعتقاله فوراً، كما تقوم دوريات النظام بمداهمة المنازل والمحال التجارية والمطاعم والمقاهي من أجل التجنيد الإجباري".
ويبيّن ثائر، أنّ "قوات أمن النظام تبتز المواطنين وتقوم بمداهمة أي مكان متى يحلو لها وتعتقل وتسلب دون رقيب أو حسيب، ما دفع كثير من الشباب إلى الهرب من المدينة".
يُذكر أنّ مدينة حمص تخضع لسيطرة قوات النظام باستثناء حي الوعر المحاصر شمال غرب المدينة، وهو آخر حي يخضع لسيطرة المعارضة السورية المسلحة في حمص.