سوريّون يهتفون في خيمهم للمونديال

مجد أمين

avata
مجد أمين
30 يونيو 2018
BC373F2E-ABE5-432B-BDF3-AB440631C529
+ الخط -

على الرغم من الآلام، يبحث السوريّون عمّا يبعدهم، ولو قليلاً، عن مرارة الحياة في ظلّ الحرب المستمرة في بلادهم منذ سبع سنوات، سواء في المخيّمات أو بين ركام المنازل المدمرة، وأحياناً في المقاهي الشعبية. ويجتمع السوريون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ليتابعوا مجريات كأس العالم في عام 2018، والتي تستضيفها روسيا.

أدهم سعيد (18 عاماً)، نازح من ريف دمشق، وتحديداً من القلمون الشرقي. يومياً، يجتمع ومجموعة من أصدقائه الذين يشاركونه الإقامة في مخيم دير بلوط غرب محافظة حلب، في خيمته التي تحولت إلى صالة تشجيع مصغرة. فيها، يتابعون مجريات المونديال عبر جهاز التابلت الذي يمتلكه أدهم، ويعتبر حجمه كبيراً نسبياً بالمقارنة مع هواتف أصدقائه. يقول لـ "العربي الجديد": "صراخنا يعلو في هذه الخيمة. لكلّ واحد فينا منتخبه المفضل. شخصيّاً، كنت أشجع المنتخب المغربي كونه عربياً، وتمنيت له الفوز وهو يستحق. ومن بين الفرق غير العربية، فأنا ألماني من دون منازع".



يضيف أدهم: "ربّما يتعجّب البعض من حالنا هذه. في مثل هذه الخيام، نهتم بكأس العالم ونتابع مجرياتها. لكنّ من يعيش معنا يدرك تماماً أننا في حاجة إلى بعض الترفيه وتفاصيل قد تخفف عنّا ولو قليلاً قساوة التهجير وصعوبة البعد عن مدننا وقرانا".

ليس بعيداً عن دير بلوط، انتشرت في محافظة إدلب وريفها شاشات عملاقة وضعها أصحاب المقاهي الشعبية بهدف جذب الشباب لحضور المباريات في أجواء حماسية لم تشهدها المحافظة خلال الفترات الماضية.



سامر أبو علي صاحب أحد هذه المقاهي، يتحدث لـ "العربي الجديد" عن الأجواء في مقهاه. يقول: "الإقبال على حضور المباريات في المقهى كبير جداً. هذه أول كأس للعالم تمر خلال الثورة في المحافظة في ظل تخفيف التصعيد والضربات الجوية التي كانت تستهدف أي تجمع سابقاً". يضيف: "زبائن المقهى الذين يأتون لحضور المباريات يتحدرون من كل المحافظات السورية، بعدما أصبحت إدلب جامعة لكل المهجرين من باقي مناطق سورية. هنا، تجد الحمصي والدمشقي والإدلبي ومشجعين لألمانيا والبرازيل والأرجنتين ومصر وباقي الفرق باستثناء المنتخبين الروسي والإيراني كونهما عدوين بالنسبة للشعب هنا، فجيوشهما تقصفنا".

يتابع أن هذه التجمعات اليومية أعطت روحاً للشارع الذي فيه المقهى، خصوصاً حين تعلو الصرخات والهتافات تشجيعاً للفرق المفضلة. "أشعر بالسعادة عندما أرى الناس في هذه الحالة".




من جهته، يعرب وائل حميدون من سكان مدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي، عن خيبته بسبب أداء المنتخبات العربية في المونديال، والذي كان "سيئاً" على حدّ وصفه. يقول لـ "العربي الجديد": "لست من متابعي الرياضة بشكل كبير. لكن وسط الحال الذي نعيشه والممزوج دائماً بالمتاعب والآلام، بتنا نبحث عما يمكن أن يساهم في ترفيهنا ولو قليلاً. بدأت بمتابعة كأس العالم بسبب وجود عدد من الفرق العربية، خصوصاً المنتخب السعودي الذي كنت أشجعه. لكنّها أثبتت فشلها باكراً".

يضيف: "خذلان هذه المنتخبات العربية لنا كمشجعين جعلني أشعر بوجود رابط بينها وبين خذلان حكوماتها لنا كشعب سوري. علّق البعض الأمل عليهم للخلاص، لكنّنا تركنا إلى مصيرنا. يبدو أن الخذلان بات صفة ملازمة للعرب".



من جهته، يضع محمد رمّاح (25 عاماً) علم منتخب الأرجنتين على صفحته الشخصية على "فيسبوك". اختار متابعة المونديال في بيته في مدينة كفرزيتا في شمال ريف حماة. يشرح لـ "العربي الجديد" أنّه أنشأ مجموعة عبر "واتساب" لتبادل أخبار المونديال بين الأصدقاء، قائلاً: "اعتدنا خلال السنوات الماضية نشر أخبار الحرب، إضافة إلى الموت و الدمار الذي ما زال مستمراً في بعض المدن السورية، ولا بد أن نخرج من هذه الأجواء ولو قليلاً. لذلك، وبسبب شغفي بكرة لقدم، قررت التفرغ لكأس العالم. أشاهد كلّ المباريات في البيت، وأنشر كل الأخبار وأهم الصور والفيديوهات على المجموعة التي تضم عدداً من الأصدقاء والمعارف، خصوصاً أولئك الذين لا تتوفر لديهم الكهرباء غالباً، ولا يمكنهم تحميل المباريات عبر الإنترنت".




تجدر الإشارة إلى أن المونديال يأتي هذا العام في المناطق المحررة في الشمال السوري في ظل تضاعف عدد السكان من جراء عملية التهجير الكبيرة التي تعرضت لها مناطق في ريفي دمشق وحمص، و تناثرت المخيمات بين مدن الشمال وبلداته.

ذات صلة

الصورة
الهلال الأحمر القطري يفتتح قريتين سكنيتين شمال غرب سورية، 18 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل منظمة الهلال الأحمر القطري العمل في الإسكان الإنساني في مناطق شمال غربي سورية، حيث افتتحت قريتين في منطقة كفر جالس غربي مدينة إدلب.
الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواجه عائلة علي إدريس واقعاً قاسياً في ظل الفقر المدقع الذي تعيشه، ذلك بعد نزوحها من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب جنوبي سورية قبل خمسة أعوام
المساهمون