01 اغسطس 2019
سوري.. جنسية أم مهنة؟
ليس أمرا مستحيلا أن تعرف الفرق بين الجنسية والمهنة، فالجنسية نسب قانوني لبلدٍ ما، تحمل هويته وتتكلم بلسان أهله ولغته. والمهنة تخصص أو مهارة مكتسبة تعمل فيها لكسب الرزق الكريم. لكن أن تكون جنسيتك مهنة، هنا تقطع الحبال وتقهقه الجبال لهذا الحال. نعم، يمكن لجنسيتك أن تكون مهنة، وهو إن دلّ على شيء فبالتأكيد يدلّ على حنكة الشعب المستهدف وفطنته.
في لحظة ما، تشعر بملل يتسرّب من رأسك إلى أخمص قدميك، فتعزم النية على زيارة صديقك في منزله، لقضاء بعض الوقت بصحبته، فما أن تصل إلى ذلك المكان، حتى يعاجلك صديقك بخبر مفاده بأن المطبخ عائم بالماء، وقد تحول إلى "منتجع سياحي فاخر"، فتهرول والدته إليه مغتاظة، وتنهره سائلة: "ليه بعدك ما حكيت خيّك يبعتلك رقم السوري اللي حد بيت عمّو؟".. يردّ عليها مؤكدا أنه اتصل به لتوّه، لكن السوري أخذ إجازة وسافر إلى سورية لاستفقاد عائلته. ويعود ويطمئنها بأن أبو عدنان السوري الذي أصلح لهم "إمدادات المياه" منذ سنتين لا يزال يعمل في مؤسسة قريبة من بيتهم، وسيتصل به فورا ليأتي ويُجري اللازم.
ونتابع على سكة الأمثلة مع أم علاء التي تقرر أن تقيم مأدبة غداء بمناسبة تجدّد العزاء برحيل والدها الذي مضى ستة وأربعون عاما على وفاته، فترسل ابنها علاء إلى السوق لإحضار بعض المكونات، فتطلب منه: "قوم يا امي روح عند السوري هيدا اللي ورا البناية جبلي شي ست باقات بقدونس وشي اثنين كيلو بندورة".. فيعود بعد عشر دقائق، ويخبرها أن السوري أقفل محله، وهاجر إلى هولندا.
أما سعيد الذي يقيم مع والديه، وقد اقترب موعد زواجه، فلا بد له من إجراء لمسات وتغييرات في أثاث المنزل والدهان الذي ناح بقربه الزمن. سيّما وأن العروس "سمسم" تريد أن تلوّن غرفة نومهما باللون الزهري القاتم، فما على سعيد إلا أن يحضر "سوريا" ليرمّم الجدران، ويسيّر أعمال الدهان واللمسات التجميلية الداخلية.
مهما فصّلنا وأسهبنا، لا يمكن أن نغفل عن الترويقة الصباحية، وأطيب منقوشة، فأبو نزار يحب المنقوشة "المزقزقة" صباح كل أحد. ولكي يحصل عليها، لا بدّ من استصدار أمر يوجب على أبو نزار أن يقصد السوري لإحضار ما يكفي من المناقيش التي لا يعلى عليها.
بعد التحليل والتدقيق وشبك الأفكار، نستشف أن وصف "سوري" لم تعد جنسية، بل أصبحت مهارة مهنية. وبتنا قاب قوسين أو أدنى من استبدال الهوية الشخصية بـ Business Card ولا أخفي عليكم سرا، فبعد انتهائي من إعداد هذه السطور، سأقصد "السوري" لإحضار بعض المقرمشات والشوكولاتة.
في لحظة ما، تشعر بملل يتسرّب من رأسك إلى أخمص قدميك، فتعزم النية على زيارة صديقك في منزله، لقضاء بعض الوقت بصحبته، فما أن تصل إلى ذلك المكان، حتى يعاجلك صديقك بخبر مفاده بأن المطبخ عائم بالماء، وقد تحول إلى "منتجع سياحي فاخر"، فتهرول والدته إليه مغتاظة، وتنهره سائلة: "ليه بعدك ما حكيت خيّك يبعتلك رقم السوري اللي حد بيت عمّو؟".. يردّ عليها مؤكدا أنه اتصل به لتوّه، لكن السوري أخذ إجازة وسافر إلى سورية لاستفقاد عائلته. ويعود ويطمئنها بأن أبو عدنان السوري الذي أصلح لهم "إمدادات المياه" منذ سنتين لا يزال يعمل في مؤسسة قريبة من بيتهم، وسيتصل به فورا ليأتي ويُجري اللازم.
ونتابع على سكة الأمثلة مع أم علاء التي تقرر أن تقيم مأدبة غداء بمناسبة تجدّد العزاء برحيل والدها الذي مضى ستة وأربعون عاما على وفاته، فترسل ابنها علاء إلى السوق لإحضار بعض المكونات، فتطلب منه: "قوم يا امي روح عند السوري هيدا اللي ورا البناية جبلي شي ست باقات بقدونس وشي اثنين كيلو بندورة".. فيعود بعد عشر دقائق، ويخبرها أن السوري أقفل محله، وهاجر إلى هولندا.
أما سعيد الذي يقيم مع والديه، وقد اقترب موعد زواجه، فلا بد له من إجراء لمسات وتغييرات في أثاث المنزل والدهان الذي ناح بقربه الزمن. سيّما وأن العروس "سمسم" تريد أن تلوّن غرفة نومهما باللون الزهري القاتم، فما على سعيد إلا أن يحضر "سوريا" ليرمّم الجدران، ويسيّر أعمال الدهان واللمسات التجميلية الداخلية.
مهما فصّلنا وأسهبنا، لا يمكن أن نغفل عن الترويقة الصباحية، وأطيب منقوشة، فأبو نزار يحب المنقوشة "المزقزقة" صباح كل أحد. ولكي يحصل عليها، لا بدّ من استصدار أمر يوجب على أبو نزار أن يقصد السوري لإحضار ما يكفي من المناقيش التي لا يعلى عليها.
بعد التحليل والتدقيق وشبك الأفكار، نستشف أن وصف "سوري" لم تعد جنسية، بل أصبحت مهارة مهنية. وبتنا قاب قوسين أو أدنى من استبدال الهوية الشخصية بـ Business Card ولا أخفي عليكم سرا، فبعد انتهائي من إعداد هذه السطور، سأقصد "السوري" لإحضار بعض المقرمشات والشوكولاتة.