بحسب تقديرات غير رسمية تراوح نسبة الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية للعملة الصعبة في الجزائر، بين 30 و40% من قيمة فاتورة الاستيراد، أي ما يزيد عن 20 مليار دولار.
وتعرف الجزائر انتشاراً واسعاً للأسواق الموازية للعملة الصعبة، أشهرها سوق "سكوار" في الجزائر العاصمة، وهي سوق اتخذ التجار فيها قارعة الطريق لمزاولة نشاطهم في بيع وشراء العملة الصعبة. والغريب في الأمر أن هذه السوق تقع على بعد أمتار معدودة من مقر البرلمان، وأكبر مقر للشرطة في العاصمة.
جالت "العربي الجديد" في هذه السوق، ونظراً للحيطة الكبيرة التي يتخذها هؤلاء التجار، كان لا بد من الادعاء بأننا نريد شراء العملة الصعبة، فبدأ الباعة يتهافتون من كل حدب وصوب.
توجهت "العربي الجديد" نحو أحد التجار إلى ركن حيث توجد سيارته، وذلك بهدف تبديل العملة. وكانت الفرصة مناسبة لطرح جملة من الأسئلة. يمارس أحمد هذه المهنة منذ عشر سنوات، ولم يتعرض لأي مضايقات من رجال الأمن. أما زبائنه فهم مواطنون عاديون كما هم مسؤولون كبار في الدولة وأفراد من عائلاتهم، وأيضاً برلمانيون وأصحاب شركات. يختصر أحمد الوضع بالقول: "الدولة كلها تأتي إلى هنا لصرف العملة". بالقرب من سيارة التاجر، ركنت سيارة فاخرة، يظهر في الخلف رجل واضح أنه من الأثرياء، تبادل مع تاجر مظروفاً بدا بوضوح أنه معبأ بالنقود، وغادر.
ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول لـ"العربي الجديد" أن سبب استفحال ظاهرة السوق الموازية للعملة في الجزائر، يعود إلى عدم وجود مكاتب صرافة معتمدة. ويرد مبتول تهافت الجزائريين على شراء العملة الصعبة، إلى تخوفهم من تراجع قيمة الدينار وحدوث أزمة اقتصادية في البلاد نتيجة تراجع أسعار النفط، الأمر الذي دفعهم إلى تحويل أموالهم إلى عملة صعبة لتهريبها إلى الخارج بطرق مختلفة، أو شراء عقارات للشعور بالأمان المالي.
بعد زيارة شارع " سكوار"، تعرض الأخير لمداهمة مفاجئة من عناصر الأمن، وتم اعتقال أكثر من 60 شخصاً، وتم احتجاز ما يفوق الـ100 ألف دولار من مختلف العملات، وذلك بموازاة عمليات مماثلة طالت مختلف الأسواق الموازية للعملة الصعبة في كبريات المدن الجزائرية.
ويرى عدد من المراقبين أن الدولة تنبّهت أخيراً للقضاء على هذه الأسواق، فيما يعتبر آخرون أن المداهمات الأخيرة نتيجة صراعات كبيرة بين نافذين كبار في الدولة من "بارونات" العملة الصعبة، حيث تأتي هذه العملية بعدما أوقفت مصالح الجمارك على مستوى مطار هواري بومدين الدولي نهاية مارس/آذار الماضي تاجر عملة جزائرياً بحوزته نحو 300 ألف يورو و10 آلاف جنيه إسترليني، كان متوجهاً بها نحو تركيا ومن ثم إلى مدينة بوردو الفرنسية، وهي العملية التي جاءت بعد مكالمة هاتفية مجهولة قبل وصول "المهرب" إلى المطار بساعات، ليقوم هو بدوره بالتبليغ عن صفقة بيع أخرى مماثلة.
لكن الملاحظ أن هذه المداهمات الفريدة ضد تجار العملة الصعبة، لم تقض على هذه التجارة الموازية، حيث عاد التجار ليزاولوا نشاطهم خلسة في الشارع نفسه، وهناك من اتخذ من مداخل العمارات مخبأ لتجارته، وهناك من لجأ الى شبكات التواصل الاجتماعي، وهناك من تجرأ وعاد لمكانه، لكن بالمقابل عرفت أسعار العملة ارتفاعاً بنحو 30%، حيث بلغ سعر الـ 100 يورو حوالي 16500 دينار، في حين قفز سعر الدولار إلى مستويات جنونية، حيث وصلت قيمة الـ 100 دولار الى 15500 دينار.
وفي حديث لـ "العربي الجديد"، يؤكد الخبير الاقتصادي عضو لجنة المالية في البرلمان الجزائري أحمد خليفة، أن محاربة هذه السوق الموازية بهذه الطريقة ستحولها إلى سوق سوداء، ولن تحل المشكل، داعياً الى ضرورة رفع منحة السفر إلى الخارج التي لا تتجاوز حاليا 130 يورو سنوياً، وإلى فتح شبابيك رسمية لصرف العملة، حتى يضمن المواطن الأمان من التزوير والسرقات، بالإضافة إلى صرف العملة بثمن رسمي أقل مما هو متداول في السوق الموازية.
ويضيف خليفة أنه ما دام البديل غائباً، حتى لو تم تسخير كل عناصر الأمن للقضاء على الظاهرة فإن ذلك لن ينفع، لأن المواطن والوزير والنائب وأصحاب الشركات، في حاجة للعملة الصعبة للسفر، ما يجبرهم على التوجه إلى السوق الموازية.
إقرأ أيضا: الحكومات العربية لا تحل الأزمات الاقتصادية
وتعرف الجزائر انتشاراً واسعاً للأسواق الموازية للعملة الصعبة، أشهرها سوق "سكوار" في الجزائر العاصمة، وهي سوق اتخذ التجار فيها قارعة الطريق لمزاولة نشاطهم في بيع وشراء العملة الصعبة. والغريب في الأمر أن هذه السوق تقع على بعد أمتار معدودة من مقر البرلمان، وأكبر مقر للشرطة في العاصمة.
جالت "العربي الجديد" في هذه السوق، ونظراً للحيطة الكبيرة التي يتخذها هؤلاء التجار، كان لا بد من الادعاء بأننا نريد شراء العملة الصعبة، فبدأ الباعة يتهافتون من كل حدب وصوب.
توجهت "العربي الجديد" نحو أحد التجار إلى ركن حيث توجد سيارته، وذلك بهدف تبديل العملة. وكانت الفرصة مناسبة لطرح جملة من الأسئلة. يمارس أحمد هذه المهنة منذ عشر سنوات، ولم يتعرض لأي مضايقات من رجال الأمن. أما زبائنه فهم مواطنون عاديون كما هم مسؤولون كبار في الدولة وأفراد من عائلاتهم، وأيضاً برلمانيون وأصحاب شركات. يختصر أحمد الوضع بالقول: "الدولة كلها تأتي إلى هنا لصرف العملة". بالقرب من سيارة التاجر، ركنت سيارة فاخرة، يظهر في الخلف رجل واضح أنه من الأثرياء، تبادل مع تاجر مظروفاً بدا بوضوح أنه معبأ بالنقود، وغادر.
ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول لـ"العربي الجديد" أن سبب استفحال ظاهرة السوق الموازية للعملة في الجزائر، يعود إلى عدم وجود مكاتب صرافة معتمدة. ويرد مبتول تهافت الجزائريين على شراء العملة الصعبة، إلى تخوفهم من تراجع قيمة الدينار وحدوث أزمة اقتصادية في البلاد نتيجة تراجع أسعار النفط، الأمر الذي دفعهم إلى تحويل أموالهم إلى عملة صعبة لتهريبها إلى الخارج بطرق مختلفة، أو شراء عقارات للشعور بالأمان المالي.
بعد زيارة شارع " سكوار"، تعرض الأخير لمداهمة مفاجئة من عناصر الأمن، وتم اعتقال أكثر من 60 شخصاً، وتم احتجاز ما يفوق الـ100 ألف دولار من مختلف العملات، وذلك بموازاة عمليات مماثلة طالت مختلف الأسواق الموازية للعملة الصعبة في كبريات المدن الجزائرية.
ويرى عدد من المراقبين أن الدولة تنبّهت أخيراً للقضاء على هذه الأسواق، فيما يعتبر آخرون أن المداهمات الأخيرة نتيجة صراعات كبيرة بين نافذين كبار في الدولة من "بارونات" العملة الصعبة، حيث تأتي هذه العملية بعدما أوقفت مصالح الجمارك على مستوى مطار هواري بومدين الدولي نهاية مارس/آذار الماضي تاجر عملة جزائرياً بحوزته نحو 300 ألف يورو و10 آلاف جنيه إسترليني، كان متوجهاً بها نحو تركيا ومن ثم إلى مدينة بوردو الفرنسية، وهي العملية التي جاءت بعد مكالمة هاتفية مجهولة قبل وصول "المهرب" إلى المطار بساعات، ليقوم هو بدوره بالتبليغ عن صفقة بيع أخرى مماثلة.
لكن الملاحظ أن هذه المداهمات الفريدة ضد تجار العملة الصعبة، لم تقض على هذه التجارة الموازية، حيث عاد التجار ليزاولوا نشاطهم خلسة في الشارع نفسه، وهناك من اتخذ من مداخل العمارات مخبأ لتجارته، وهناك من لجأ الى شبكات التواصل الاجتماعي، وهناك من تجرأ وعاد لمكانه، لكن بالمقابل عرفت أسعار العملة ارتفاعاً بنحو 30%، حيث بلغ سعر الـ 100 يورو حوالي 16500 دينار، في حين قفز سعر الدولار إلى مستويات جنونية، حيث وصلت قيمة الـ 100 دولار الى 15500 دينار.
وفي حديث لـ "العربي الجديد"، يؤكد الخبير الاقتصادي عضو لجنة المالية في البرلمان الجزائري أحمد خليفة، أن محاربة هذه السوق الموازية بهذه الطريقة ستحولها إلى سوق سوداء، ولن تحل المشكل، داعياً الى ضرورة رفع منحة السفر إلى الخارج التي لا تتجاوز حاليا 130 يورو سنوياً، وإلى فتح شبابيك رسمية لصرف العملة، حتى يضمن المواطن الأمان من التزوير والسرقات، بالإضافة إلى صرف العملة بثمن رسمي أقل مما هو متداول في السوق الموازية.
ويضيف خليفة أنه ما دام البديل غائباً، حتى لو تم تسخير كل عناصر الأمن للقضاء على الظاهرة فإن ذلك لن ينفع، لأن المواطن والوزير والنائب وأصحاب الشركات، في حاجة للعملة الصعبة للسفر، ما يجبرهم على التوجه إلى السوق الموازية.
إقرأ أيضا: الحكومات العربية لا تحل الأزمات الاقتصادية