تهدد الحروب المتوقعة بين المصارف المركزية، خلال العام الجاري، بحدوث اضطراب كبير في سوق الصرف الأجنبية التي ظلت مستقرة إلى حد ما خلال الأعوام السبعة الماضية. ولاحظت دراسة، صدرت أخيراً عن معهد التمويل الدولي، أن الهدنة التي عاشتها المصارف المركزية، منذ أزمة المال العالمية في عام 2007، شارفت على النهاية، وأن عهداً جديداً من التباين في السياسات النقدية والتنافس، وحتى ربما الحرب، ستبدأ خلال العام الجاري.
ومنذ أن فاجأ المركزي السويسري أسواق الصرف العالمية، في بداية العام الجاري، بخفض نسبة الفائدة إلى "0.25 سالب" دون أن يجري تنسيقاً مع البنوك العالمية الأخرى، أثيرت مخاوف من اتخاذ بنوك مركزية أخرى خطوات مفاجئة تقود إلى اضطرابات في سوق الصرف الأجنبية.
ويلاحظ أن المركزي السويسري لم يخفض سعر الفائدة إلى السالب فقط، ولكنه رفع كذلك السقف الذي كان يحدده لسعر صرف الفرنك مقابل اليورو، حيث حدد منذ أربع سنوات سعراً ثابتاً لليورو، بألا يتجاوز حاجز 1.20 فرنك سويسري. وتعني خطوة الفائدة السالبة على الإيداعات أن المركزي السويسري سيأخذ عملياً 25 فرنكا سويسريا على كل ألف فرنك مودعة بالفرنك في الحسابات السويسرية. وهو ما يعد سابقة تجبر المودعين على دفع نسبة من أموالهم مقابل الإيداع بعملة ما.
وأدت خطوة إلغاء السقف المحدد للفرنك السويسري وخفض الفائدة السويسرية على الايداعات إلى ارتفاع الفرنك السويسري في ساعات بنسبة 40% مقابل اليورو، قبل أن يتراجع الفرنك ويستقر عند ارتفاع بنسبة 20%. واتخذ المركزي السويسري الخطوة ليستبق سياسات التحفيز الكمي المتوقعة في منطقة اليورو، والتي
كانت ستسبب له خسائر كبيرة في أرصدته الأجنبية باليورو، والمقدرة بحوالى نصف تريليون يورو "حوالى 600 مليار دولار".
وتبع المصرف المركزي الدنماركي خطوة سويسرا، بخطوة مماثلة لخفض قيمة سعر صرف الكرونا مقابل اليورو، حيث خفض سعر الفائدة على الإيداع بنسبة 50 نقطة سالبة.
ولكن خطوة خفض الفائدة أو التحفيز السويسري والدنماركي، لم تكن منفردة، فقد اتخذ كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان "بانك أوف جابان" خطوات لـ"التحفيز الكمي"، على أمل إنعاش الدورة الاقتصادية وإخراج اقتصاداتهما من الانكماش المتواصل.
حيث قرر المركزي الأوروبي شراء ديون عامة وخاصة حتى حدود 60 مليار يورو في يناير/كانون الثاني، بين مارس/آذار 2015 وسبتمبر/أيلول 2016.
وقال ماريو دراغي في مؤتمره الصحافي في فرانكفورت أثناء إطلاق الحملة النقدية، إن مجلس حكام البنك "قرر إطلاق برنامج موسع لشراء أصول، وإن هذه الحملة ستستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وحتى يكون هناك، على أي حال، تصحيح دائم في مسار التضخم وفق هدفنا المتمثل في بلوغ معدل أدنى قريب من 2%".
من جانبه، رفع البنك المركزي الياباني من قيمة برنامجه التحفيزي لشراء الأصول المالية بقيمة 10 تريليونات ين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليصبح إجمالي البرنامج بذلك 55 تريليون ين.
اقرأ أيضا: الين أكبر الخاسرين بمضاربات أسواق الصرف في 2014
وكلا القرارين كانت نتيجتهما انخفاض سعر صرف العملة، حيث انخفض اليورو مقابل العملات الأخرى، كما سجل الين الياباني انخفاضاً مقابل الدولار والجنيه الإسترليني.
وحسب معهد التمويل الدولي الذي يوجد مقره في واشنطن، فإن خطوات "التيسير الكمي" في كل من اليابان وفرانكفورت ستعني عملياً وفرة في السيولة باليورو والين، مع استمرارية سعر "الفائدة الصفرية"، وربما ستبدأ خطوات جديدة خلال الفترة المقبلة، لإدخال سعر الفائدة السالبة "تحت الصفر" على الإيداعات بين البنوك المركزية، تبعاً للخطوة التي نفذها البنك الوطني السويسري والبنك المركزي الدنماركي.
ورغم أن كلا المصرفين، "المركزي الأوروبي" و"المركزي الياباني"، اتخذا خطوات التحفيز الكمي لإنعاش الدورة الاقتصادية من الانكماش، وسط مخاوف الوقوع في وهدة الركود، إلا أن خطواتهما ستكون لها آثار سالبة على سوق الصرف العالمية.
وفي مقابل سياسات التوسع في "التحفيز الكمي"، في كل من اليابان ومنطقة اليورو، فإن كلا من مصرف الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا المركزي يتجهان نحو تشديد السياسة النقدية، ربما في نهاية العام الجاري. ويحدث ذلك وسط توقعات قوية بنمو الاقتصاد الأميركي فوق نسبة 3.5% خلال العام الجاري، وزيادة التدفقات الأوروبية على المصارف البريطانية. وهذا يعني أن التباين في السياسة النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية سيتواصل خلال العام الجاري.
وفي آسيا، يلاحظ أن ضغوط السياسات النقدية تتكثف منذ ثلاث سنوات، حيث ارتفعت قيمة عملة كوريا الجنوبية "يون" مقابل الين الياباني بحوالى 60%، وسط تباطؤ معدل النمو الاقتصادي وانخفاض معدل التضخم إلى أقل من 2.0%. ويتوقع معهد التمويل الدولي أن تتخذ كوريا الجنوبية قريباً خطوة "تحفيز كمي" لتوسيع الكتلة النقدية وخفض قيمة عملتها. وفي الصين، سجل الاحتياطي الأجنبي من النقد، خلال النصف الثاني من العام الماضي، انخفاضاً بحوالى 150 مليار دولار. وحسب مصادر نقدية، فإن معظم هذا الانخفاض في حجم الاحتياطي الأجنبي الصيني يعود إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل اليوان الصيني.
أمام هذا التباين الكبير في سعر الفائدة والتضارب في سياسات النقد العالمية، يتوقع معهد التمويل الدولي أن يحدث اضطراب في سوق الصرف الأجنبي العالمية، خلال الفترة المقبلة.
خاصة أن الدولار ظل، لفترة طويلة، هو "العملة الحاملة لتجارة" سوق الصرف الأجنبية. ويعني مصطلح "العملة الحاملة للتجارة"، العملة التي تنفذ من خلالها صفقات الشراء. وعادة ما تكون الفائدة على هذه العملة منخفضة عن الفوائد على منافساتها. وظل المضاربون في سوق الصرف العالمية، التي يقدر حجمها بحوالى 9 تريليونات دولار، طوال السنوات التي تلت أزمة المال، يستخدمون الدولار ذا الفائدة المنخفضة في عمليات شراء الديون والإقراض في أسواق آسيا وأميركا اللاتينية. ولكن خبراء نقد يقولون إن الوضع في سوق الصرف العالمية سيشهد انقلابا خلال الفترة المقبلة، حيث سيعمل المستثمرون على شراء الدولار بدلاً عن إقراضه. وربما ستتجه الشركات العالمية، خاصة في الأسواق الناشئة، إلى الاقتراض باليورو أو الين بدلاً عن الدولار الذي يواصل الارتفاع، وتتواصل تكاليفه مع احتمال ارتفاع سعر الفائدة.
اقرأ أيضا: أوروبا تواجه الكساد واحتمالات الشغب في 2015
اقرأ أيضا: 4 عوامل تدعم عودة الدولار القوي في 2015
ومنذ أن فاجأ المركزي السويسري أسواق الصرف العالمية، في بداية العام الجاري، بخفض نسبة الفائدة إلى "0.25 سالب" دون أن يجري تنسيقاً مع البنوك العالمية الأخرى، أثيرت مخاوف من اتخاذ بنوك مركزية أخرى خطوات مفاجئة تقود إلى اضطرابات في سوق الصرف الأجنبية.
ويلاحظ أن المركزي السويسري لم يخفض سعر الفائدة إلى السالب فقط، ولكنه رفع كذلك السقف الذي كان يحدده لسعر صرف الفرنك مقابل اليورو، حيث حدد منذ أربع سنوات سعراً ثابتاً لليورو، بألا يتجاوز حاجز 1.20 فرنك سويسري. وتعني خطوة الفائدة السالبة على الإيداعات أن المركزي السويسري سيأخذ عملياً 25 فرنكا سويسريا على كل ألف فرنك مودعة بالفرنك في الحسابات السويسرية. وهو ما يعد سابقة تجبر المودعين على دفع نسبة من أموالهم مقابل الإيداع بعملة ما.
وأدت خطوة إلغاء السقف المحدد للفرنك السويسري وخفض الفائدة السويسرية على الايداعات إلى ارتفاع الفرنك السويسري في ساعات بنسبة 40% مقابل اليورو، قبل أن يتراجع الفرنك ويستقر عند ارتفاع بنسبة 20%. واتخذ المركزي السويسري الخطوة ليستبق سياسات التحفيز الكمي المتوقعة في منطقة اليورو، والتي
وتبع المصرف المركزي الدنماركي خطوة سويسرا، بخطوة مماثلة لخفض قيمة سعر صرف الكرونا مقابل اليورو، حيث خفض سعر الفائدة على الإيداع بنسبة 50 نقطة سالبة.
ولكن خطوة خفض الفائدة أو التحفيز السويسري والدنماركي، لم تكن منفردة، فقد اتخذ كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان "بانك أوف جابان" خطوات لـ"التحفيز الكمي"، على أمل إنعاش الدورة الاقتصادية وإخراج اقتصاداتهما من الانكماش المتواصل.
حيث قرر المركزي الأوروبي شراء ديون عامة وخاصة حتى حدود 60 مليار يورو في يناير/كانون الثاني، بين مارس/آذار 2015 وسبتمبر/أيلول 2016.
وقال ماريو دراغي في مؤتمره الصحافي في فرانكفورت أثناء إطلاق الحملة النقدية، إن مجلس حكام البنك "قرر إطلاق برنامج موسع لشراء أصول، وإن هذه الحملة ستستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وحتى يكون هناك، على أي حال، تصحيح دائم في مسار التضخم وفق هدفنا المتمثل في بلوغ معدل أدنى قريب من 2%".
من جانبه، رفع البنك المركزي الياباني من قيمة برنامجه التحفيزي لشراء الأصول المالية بقيمة 10 تريليونات ين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليصبح إجمالي البرنامج بذلك 55 تريليون ين.
اقرأ أيضا: الين أكبر الخاسرين بمضاربات أسواق الصرف في 2014
وكلا القرارين كانت نتيجتهما انخفاض سعر صرف العملة، حيث انخفض اليورو مقابل العملات الأخرى، كما سجل الين الياباني انخفاضاً مقابل الدولار والجنيه الإسترليني.
وحسب معهد التمويل الدولي الذي يوجد مقره في واشنطن، فإن خطوات "التيسير الكمي" في كل من اليابان وفرانكفورت ستعني عملياً وفرة في السيولة باليورو والين، مع استمرارية سعر "الفائدة الصفرية"، وربما ستبدأ خطوات جديدة خلال الفترة المقبلة، لإدخال سعر الفائدة السالبة "تحت الصفر" على الإيداعات بين البنوك المركزية، تبعاً للخطوة التي نفذها البنك الوطني السويسري والبنك المركزي الدنماركي.
ورغم أن كلا المصرفين، "المركزي الأوروبي" و"المركزي الياباني"، اتخذا خطوات التحفيز الكمي لإنعاش الدورة الاقتصادية من الانكماش، وسط مخاوف الوقوع في وهدة الركود، إلا أن خطواتهما ستكون لها آثار سالبة على سوق الصرف العالمية.
وفي مقابل سياسات التوسع في "التحفيز الكمي"، في كل من اليابان ومنطقة اليورو، فإن كلا من مصرف الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا المركزي يتجهان نحو تشديد السياسة النقدية، ربما في نهاية العام الجاري. ويحدث ذلك وسط توقعات قوية بنمو الاقتصاد الأميركي فوق نسبة 3.5% خلال العام الجاري، وزيادة التدفقات الأوروبية على المصارف البريطانية. وهذا يعني أن التباين في السياسة النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية سيتواصل خلال العام الجاري.
وفي آسيا، يلاحظ أن ضغوط السياسات النقدية تتكثف منذ ثلاث سنوات، حيث ارتفعت قيمة عملة كوريا الجنوبية "يون" مقابل الين الياباني بحوالى 60%، وسط تباطؤ معدل النمو الاقتصادي وانخفاض معدل التضخم إلى أقل من 2.0%. ويتوقع معهد التمويل الدولي أن تتخذ كوريا الجنوبية قريباً خطوة "تحفيز كمي" لتوسيع الكتلة النقدية وخفض قيمة عملتها. وفي الصين، سجل الاحتياطي الأجنبي من النقد، خلال النصف الثاني من العام الماضي، انخفاضاً بحوالى 150 مليار دولار. وحسب مصادر نقدية، فإن معظم هذا الانخفاض في حجم الاحتياطي الأجنبي الصيني يعود إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل اليوان الصيني.
أمام هذا التباين الكبير في سعر الفائدة والتضارب في سياسات النقد العالمية، يتوقع معهد التمويل الدولي أن يحدث اضطراب في سوق الصرف الأجنبي العالمية، خلال الفترة المقبلة.
خاصة أن الدولار ظل، لفترة طويلة، هو "العملة الحاملة لتجارة" سوق الصرف الأجنبية. ويعني مصطلح "العملة الحاملة للتجارة"، العملة التي تنفذ من خلالها صفقات الشراء. وعادة ما تكون الفائدة على هذه العملة منخفضة عن الفوائد على منافساتها. وظل المضاربون في سوق الصرف العالمية، التي يقدر حجمها بحوالى 9 تريليونات دولار، طوال السنوات التي تلت أزمة المال، يستخدمون الدولار ذا الفائدة المنخفضة في عمليات شراء الديون والإقراض في أسواق آسيا وأميركا اللاتينية. ولكن خبراء نقد يقولون إن الوضع في سوق الصرف العالمية سيشهد انقلابا خلال الفترة المقبلة، حيث سيعمل المستثمرون على شراء الدولار بدلاً عن إقراضه. وربما ستتجه الشركات العالمية، خاصة في الأسواق الناشئة، إلى الاقتراض باليورو أو الين بدلاً عن الدولار الذي يواصل الارتفاع، وتتواصل تكاليفه مع احتمال ارتفاع سعر الفائدة.
اقرأ أيضا: أوروبا تواجه الكساد واحتمالات الشغب في 2015
اقرأ أيضا: 4 عوامل تدعم عودة الدولار القوي في 2015