لا تعرف العشرينية المغربية أماني البقوحي، كيف ستوفر أسرتها زيادة الرسوم الدراسية الجامعية المقررة من قبل الحكومة الفرنسية على الطلاب الأجانب من خارج بلدان الاتحاد الأوروبي، إذ فوجئت بقرار زيادة رسوم التسجيل "المؤلم"، كما تصفه، مضيفة لـ"العربي الجديد": "الاستدانة ولو حتى من المصرف قد تصبح خيار والدي لإكمال دراستي".
وتخشى البقوحي من آثار الزيادة المقرر تطبيقها خلال السنة الجامعية الجديدة 2019-2020، مبدية أملها في ألا يتحول القرار الحكومي إلى مرسوم نافذ، إذ تدفع حاليا قيمة الرسوم نفسها التي يدفعها الطلاب الفرنسيون، أي 170 يورو سنويا لدراسة الليسانس، في حين يفترض أن تدفع 2770 يورو في حال تطبيق القرار، فيما يدفع الراغبون في دراسة الماجستبر حاليا 243 يورو لكنهم سيدفعون مع دخول القرار حيز التطبيق 3770 يورو.
وارتفعت كذلك رسوم تسجيل الدكتوراه من 380 يورو إلى 3770 يورو، بعد قرار الحكومة الفرنسية الذي اتخذته في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وهو ما يؤثر على 280 ألف طالب من جنسيات متعددة، من مجموع 343 ألف طالب أجنبي في فرنسا، بحسب إحصاءات الوكالة الفرنسية للنهوض بالتعليم العالي والاستقبال والحركية الدولية "كامبوس فرانس"، والتي كشفت عن تراجع عدد الطلبة الراغبين في التسجيل المسبق من أجل الدراسة في فرنسا بسبب الزيادات الأخيرة، إذ انخفض عدد طلاب الجزائر الراغبين بالتسجيل بنسبة 22.95%، وما بين 10% و16% لطلبة تونس والمغرب، مقارنة بإحصاءات السنة الماضية، وفق تقرير نشرته الوكالة في 5 فبراير/ شباط الجاري على موقعها الإلكتروني.
أوضاع معيشية صعبة
يؤثر قرار زيادة الرسوم الجامعية على الطلاب الأجانب الراغبين في الدراسة بشكل عام والذين يتصدر المغاربيون أعدادهم، إذ جاء طلاب المملكة المغربية في الصدارة بعدد 39855 طالبا وطالبة، ثم الجزائر بعدد 30521 طالبا، ثم تونس بعدد 12842 طالبا، بحسب إحصاءات كامبوس فرانس.
وتقترب كلفة دراسة الطالب الأجنبي في فرنسا من الدول غير الأوروبية بعد القرار الجديد، من 10 آلاف يورو (كلفة التسجيل والسكن والمعاش) في العام، وقد تزيد على الطلبة الذين يختارون تخصصات معينة، مثل المدرسة المُتعددة التكنولوجيّة أو البوليتكنيك التي تقع تحت إمرة وزارة الدفاع الفرنسية، والمعهد العالي للملاحة الجوية والفضاء، والمدرسة الوطنية العليا للمناجم، الأمر الذي سيؤثر على أوضاع الطلاب العرب والأفارقة على وجه الخصوص، كون أوضاع الطلبة الصينيين والهنود أفضل، نتيجة للدعم الكبير الذي يحظون به من دولهم، بحسب القيادية في فيدرالية الجمعيات العامة للطلبة "لاَفَاجْ"، ليلى ليباس، وإفادات 5 طلاب في الجامعات الفرنسية، ومنهم رشيد علالي، الطالب الجزائري في السنة الأولى من دكتوراه اللسانيات في جامعة نانتير لاديفونس الحكومية، والذي قال لـ"العربي الجديد": "كانت ظروفي من دون هذه الرسوم سيئة، ولا يبدو أنها مع هذه الرسوم ستكون أفضل. قد أضطر إلى التوقف والبحث عن عمل"، وهو موقف آخرين، حتى من الذين يحظون بمِنَح من بلدانهم، فغالبية المِنَح لا تستطيع أن تؤمن بدلات السكن المرتفعة ولا متطلبات العيش المرتفعة الأسعار في كثير من المدن الفرنسية، بحسب المغربية سعاد الهاني، الطالبة في السنة الثالثة بقسم العلوم السياسية في جامعة باريس الأولى، التي تعتبر نفسها محظوظة، نسبيا، لأنها تحظى بمنحة حكومية مغربية سنوية مقدرة بـ350 يورو في الأشهر الأربعة الأولى متضمنة رسوم التسجيل، ثم 250 يورو لثلاثة أشهر أخرى، و350 يورو للأشهر الأربعة الأخيرة، متضمنة رسوم السفر، في حين يتلقى زميلها محمد الريسوني، الذي يدرس في السنة الثالثة آدب مقارن في جامعة بوردو بمدينة لافاييت الغربية، مبلغ 1440 يورو تقريبا في السنة، كما يقول لـ"العربي الجديد". ولكنهما يقولان إن هذه المنح غير كافية، ولهذا يعملان لسد ما تبقى من احتياجاتهما.
اقــرأ أيضاً
المعارضة اليسارية ترفض
ترفض المعارضة اليسارية هذه الزيادات التي تصفها بالعنصرية والتي ستفرغ فرنسا من الطلاب العرب والأفارفة، وفق تأكيد بونوا هامون، رئيس حركة أجيال (انشقت عن الحزب الاشتراكي بعد خسارته في انتخابات 2017 الرئاسية)، قائلا لـ"العربي الجديد": "موقفنا متحد مع كل من أوليفييه فور، زعيم الحزب الاشتراكي، وأوليفيي بوزانسنو، المرشح الرئاسي السابق في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، عن (الحزب الجديد) المناهض للرأسمالية (NBA)، والمرشح السابق للرئاسيات، عن حزب (كفاح عمالي) فيليب بوتو".
"بالفعل فإن القرار يغلق المؤسَّسات الجامعية الفرنسية في وجه الطلبة الأجانب من ذوي القدرات المالية المتواضعة، الذين يساهمون في الإشعاع الثقافي للتعليم الفرنسي ويُدرّون مداخيل حالية تقدر بـ4.6 مليارات يورو عبر نفقاتهم خلال دراستهم، وهو ما يفوق كلفتهم على الدولة التي لا تتجاوز 3 مليارات يورو، كما تقول القيادية الطلابية ليلى ليباس، بينما يردد من يدعمون القرار، ومن بينهم النائبة البرلمانية عن حزب الأغلبية الرئاسية، "الجمهورية، إلى الأمام"، أورور بيرجيه، أن عائلات هؤلاء الطلاب لا تدفع الضرائب في فرنسا وبالتالي لماذا يتم التخفيف عنهم، خاصة أن ما تريد فرنسا فرضه العام القادم يجري العملُ به في كل أنحاء العالَم تقريبا.
ويؤكد أوليفيي فيال، رئيس نقابة الاتحاد الوطني الجامعي (يمينية)، لـ"العربي الجديد"، أن من بين المبررات التي تجد قبولا في الأوساط الجامعية الداعمة لرفع الرسوم، أن القرار سيوفر للجامعات مصادر مالية تساعدها على تحسين نوعية التعليم، وخاصة أن عددا من جامعات فرنسا يعيش ظروفا صعبة، في إطار التنافس على التميّز، وهو ما يراه القيادي اليساري في "حركة فرنسا غير الخاضعة"، (معارضة للحكومة)، إيريك كوكريل، علامة على أن مجانية التعليم في الطريق للاختفاء في فرنسا، قائلا لـ"العربي الجديد": "اختفت الكثير من المكتسبات الاجتماعية في فرنسا خلال السنوات الأخيرة".
بدائل غير مشجعة
تحقق زيادة الرسوم للجامعات الفرنسية ما بين 800 إلى 900 مليون يورو في السنة، وهو مبلغ مهم، لكنه لن يغيّر من أوضاع الجامعة بصورة حاسمة، وفق ما جاء في خطاب رئيس الحكومة، إدوار فيليب، حول "استراتيجية جذب الطلبة الدوليين وتعزيز إشعاع التعليم العالي الفرنسي في الخارج"، الذي ألقاه في 19 نوفمبر 2018، مؤكدا أن حكومته قررت زيادة المنح المقدمة من 7 آلاف حاليا، إلى 15 ألف منحة، إضافة إلى تسهيل دخول الطلبة الأجانب إلى فرنسا وتحسين أوضاع سكنهم.
غير أن هذه الإجراءات ليست كافية، بحسب تأكيد سفيان بن رابح، وهو عضو في نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا (ثاني أهم نقابة طلابية فرنسية)، "لأنّ المنح لا يمكن أن تشمل الجميع"، كما يقول لـ"العربي الجديد"، مضيفا أنه في حال تم فرض الرسوم، فإن عدد من سيتوقفون عن دراستهم في فرنسا أعلى من هؤلاء الحاصلين على المنح.
الموقف الحكومي
يشرح ميشال لوجوندر، الموظف في قسم الاتصال في وزارة التعليم العالي الفرنسية، موقف وزارته بالقول: "أغلبية رؤساء الجامعات ضد زيادة الرسوم، وأي قرار سيتخذ بالتشاور معهم"، لكنه نصح بقراءة ما شدد عليه رئيس الحكومة أمام اللقاءات الجامعية والفرنكوفونية، من أن هذه الزيادات "لا تشكل سوى ثلث الكلفة الحقيقية للتكوين، وهو ما يعني أن مختلف دوائر الحكومة، من مجالس بلدية وإقليمية، تتحمل كلفة ثلثي دراسات هؤلاء الطلبة الأجانب"، قائلا "سيتيح القرار لنا أن نستقبل بشكل أفضل الطلبة الذين سيختارون فرنسا، وسنظل تحت سقف مبلغ كلفة دراسية يراوح بين 8 آلاف و13 ألف يورو مقابل جيراننا الهولنديين، وعشرات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية في بريطانيا العظمى، ومعظم البلدان الأوروبية، دون التطرق، بطبيعة الحال، إلى الوضع في القارة الأميركية"، كما يقول.
هل يمكن وقف القرار؟
يعتبر موقف رؤساء الجامعات وتعبئة النقابات الطلابية الفيصل، وخاصة أن "مؤتمر رؤساء الجامعات" الفرنسية طلب من الحكومة تعليق هذه الزيادة المقررة على الطلبة الأجانب، وهو ما يؤكده أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في جامعة تولوز الثالثة، يونس بلفلاح، قائلا إن تأثير الأحزاب اليسارية المعارضة للقرار ليس حاسما في البرلمان، مضيفا لـ"العربي الجديد"، أن التحركات الطلابية التي تنظمها نقاباتهم هي التي ستؤثر على القرار، شريطة استمراريتها وتأثيرها على الدراسة في فرنسا، "صحيح أنها قامت بإضرابات في الأول والثالث عشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لكن ما ستقوم به لاحقا هو الذي سيحسم الأمور".
ويؤكد "مؤتمر رؤساء الجامعات" (جمعية تأسست وفق قانون 1901، المنظِّم لشؤون الجمعيات، وتجمع المسؤولين التنفيذيين في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي)، في بيانه الموجه لوزارة التعليم العالي، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أن "فرنسا تحتاج إلى طلبة دوليين يساهمون في تطورها وإشعاعها في العالم"، معتبرا أن هذه الزيادة الهامة في رسوم التسجيل تتضمن خطر التخلي عن طلبة جامعيين وطلبة الدكتوراه الذين نستقبلهم اليوم"، الأمر الذي تعول عليه الطالبة المغربية أماني البقوحي حتى لا تعاني عائلتها من آثار القرار على معيشة أفرادها.
وتخشى البقوحي من آثار الزيادة المقرر تطبيقها خلال السنة الجامعية الجديدة 2019-2020، مبدية أملها في ألا يتحول القرار الحكومي إلى مرسوم نافذ، إذ تدفع حاليا قيمة الرسوم نفسها التي يدفعها الطلاب الفرنسيون، أي 170 يورو سنويا لدراسة الليسانس، في حين يفترض أن تدفع 2770 يورو في حال تطبيق القرار، فيما يدفع الراغبون في دراسة الماجستبر حاليا 243 يورو لكنهم سيدفعون مع دخول القرار حيز التطبيق 3770 يورو.
وارتفعت كذلك رسوم تسجيل الدكتوراه من 380 يورو إلى 3770 يورو، بعد قرار الحكومة الفرنسية الذي اتخذته في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وهو ما يؤثر على 280 ألف طالب من جنسيات متعددة، من مجموع 343 ألف طالب أجنبي في فرنسا، بحسب إحصاءات الوكالة الفرنسية للنهوض بالتعليم العالي والاستقبال والحركية الدولية "كامبوس فرانس"، والتي كشفت عن تراجع عدد الطلبة الراغبين في التسجيل المسبق من أجل الدراسة في فرنسا بسبب الزيادات الأخيرة، إذ انخفض عدد طلاب الجزائر الراغبين بالتسجيل بنسبة 22.95%، وما بين 10% و16% لطلبة تونس والمغرب، مقارنة بإحصاءات السنة الماضية، وفق تقرير نشرته الوكالة في 5 فبراير/ شباط الجاري على موقعها الإلكتروني.
أوضاع معيشية صعبة
يؤثر قرار زيادة الرسوم الجامعية على الطلاب الأجانب الراغبين في الدراسة بشكل عام والذين يتصدر المغاربيون أعدادهم، إذ جاء طلاب المملكة المغربية في الصدارة بعدد 39855 طالبا وطالبة، ثم الجزائر بعدد 30521 طالبا، ثم تونس بعدد 12842 طالبا، بحسب إحصاءات كامبوس فرانس.
وتقترب كلفة دراسة الطالب الأجنبي في فرنسا من الدول غير الأوروبية بعد القرار الجديد، من 10 آلاف يورو (كلفة التسجيل والسكن والمعاش) في العام، وقد تزيد على الطلبة الذين يختارون تخصصات معينة، مثل المدرسة المُتعددة التكنولوجيّة أو البوليتكنيك التي تقع تحت إمرة وزارة الدفاع الفرنسية، والمعهد العالي للملاحة الجوية والفضاء، والمدرسة الوطنية العليا للمناجم، الأمر الذي سيؤثر على أوضاع الطلاب العرب والأفارقة على وجه الخصوص، كون أوضاع الطلبة الصينيين والهنود أفضل، نتيجة للدعم الكبير الذي يحظون به من دولهم، بحسب القيادية في فيدرالية الجمعيات العامة للطلبة "لاَفَاجْ"، ليلى ليباس، وإفادات 5 طلاب في الجامعات الفرنسية، ومنهم رشيد علالي، الطالب الجزائري في السنة الأولى من دكتوراه اللسانيات في جامعة نانتير لاديفونس الحكومية، والذي قال لـ"العربي الجديد": "كانت ظروفي من دون هذه الرسوم سيئة، ولا يبدو أنها مع هذه الرسوم ستكون أفضل. قد أضطر إلى التوقف والبحث عن عمل"، وهو موقف آخرين، حتى من الذين يحظون بمِنَح من بلدانهم، فغالبية المِنَح لا تستطيع أن تؤمن بدلات السكن المرتفعة ولا متطلبات العيش المرتفعة الأسعار في كثير من المدن الفرنسية، بحسب المغربية سعاد الهاني، الطالبة في السنة الثالثة بقسم العلوم السياسية في جامعة باريس الأولى، التي تعتبر نفسها محظوظة، نسبيا، لأنها تحظى بمنحة حكومية مغربية سنوية مقدرة بـ350 يورو في الأشهر الأربعة الأولى متضمنة رسوم التسجيل، ثم 250 يورو لثلاثة أشهر أخرى، و350 يورو للأشهر الأربعة الأخيرة، متضمنة رسوم السفر، في حين يتلقى زميلها محمد الريسوني، الذي يدرس في السنة الثالثة آدب مقارن في جامعة بوردو بمدينة لافاييت الغربية، مبلغ 1440 يورو تقريبا في السنة، كما يقول لـ"العربي الجديد". ولكنهما يقولان إن هذه المنح غير كافية، ولهذا يعملان لسد ما تبقى من احتياجاتهما.
المعارضة اليسارية ترفض
ترفض المعارضة اليسارية هذه الزيادات التي تصفها بالعنصرية والتي ستفرغ فرنسا من الطلاب العرب والأفارفة، وفق تأكيد بونوا هامون، رئيس حركة أجيال (انشقت عن الحزب الاشتراكي بعد خسارته في انتخابات 2017 الرئاسية)، قائلا لـ"العربي الجديد": "موقفنا متحد مع كل من أوليفييه فور، زعيم الحزب الاشتراكي، وأوليفيي بوزانسنو، المرشح الرئاسي السابق في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، عن (الحزب الجديد) المناهض للرأسمالية (NBA)، والمرشح السابق للرئاسيات، عن حزب (كفاح عمالي) فيليب بوتو".
"بالفعل فإن القرار يغلق المؤسَّسات الجامعية الفرنسية في وجه الطلبة الأجانب من ذوي القدرات المالية المتواضعة، الذين يساهمون في الإشعاع الثقافي للتعليم الفرنسي ويُدرّون مداخيل حالية تقدر بـ4.6 مليارات يورو عبر نفقاتهم خلال دراستهم، وهو ما يفوق كلفتهم على الدولة التي لا تتجاوز 3 مليارات يورو، كما تقول القيادية الطلابية ليلى ليباس، بينما يردد من يدعمون القرار، ومن بينهم النائبة البرلمانية عن حزب الأغلبية الرئاسية، "الجمهورية، إلى الأمام"، أورور بيرجيه، أن عائلات هؤلاء الطلاب لا تدفع الضرائب في فرنسا وبالتالي لماذا يتم التخفيف عنهم، خاصة أن ما تريد فرنسا فرضه العام القادم يجري العملُ به في كل أنحاء العالَم تقريبا.
ويؤكد أوليفيي فيال، رئيس نقابة الاتحاد الوطني الجامعي (يمينية)، لـ"العربي الجديد"، أن من بين المبررات التي تجد قبولا في الأوساط الجامعية الداعمة لرفع الرسوم، أن القرار سيوفر للجامعات مصادر مالية تساعدها على تحسين نوعية التعليم، وخاصة أن عددا من جامعات فرنسا يعيش ظروفا صعبة، في إطار التنافس على التميّز، وهو ما يراه القيادي اليساري في "حركة فرنسا غير الخاضعة"، (معارضة للحكومة)، إيريك كوكريل، علامة على أن مجانية التعليم في الطريق للاختفاء في فرنسا، قائلا لـ"العربي الجديد": "اختفت الكثير من المكتسبات الاجتماعية في فرنسا خلال السنوات الأخيرة".
بدائل غير مشجعة
تحقق زيادة الرسوم للجامعات الفرنسية ما بين 800 إلى 900 مليون يورو في السنة، وهو مبلغ مهم، لكنه لن يغيّر من أوضاع الجامعة بصورة حاسمة، وفق ما جاء في خطاب رئيس الحكومة، إدوار فيليب، حول "استراتيجية جذب الطلبة الدوليين وتعزيز إشعاع التعليم العالي الفرنسي في الخارج"، الذي ألقاه في 19 نوفمبر 2018، مؤكدا أن حكومته قررت زيادة المنح المقدمة من 7 آلاف حاليا، إلى 15 ألف منحة، إضافة إلى تسهيل دخول الطلبة الأجانب إلى فرنسا وتحسين أوضاع سكنهم.
غير أن هذه الإجراءات ليست كافية، بحسب تأكيد سفيان بن رابح، وهو عضو في نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا (ثاني أهم نقابة طلابية فرنسية)، "لأنّ المنح لا يمكن أن تشمل الجميع"، كما يقول لـ"العربي الجديد"، مضيفا أنه في حال تم فرض الرسوم، فإن عدد من سيتوقفون عن دراستهم في فرنسا أعلى من هؤلاء الحاصلين على المنح.
الموقف الحكومي
يشرح ميشال لوجوندر، الموظف في قسم الاتصال في وزارة التعليم العالي الفرنسية، موقف وزارته بالقول: "أغلبية رؤساء الجامعات ضد زيادة الرسوم، وأي قرار سيتخذ بالتشاور معهم"، لكنه نصح بقراءة ما شدد عليه رئيس الحكومة أمام اللقاءات الجامعية والفرنكوفونية، من أن هذه الزيادات "لا تشكل سوى ثلث الكلفة الحقيقية للتكوين، وهو ما يعني أن مختلف دوائر الحكومة، من مجالس بلدية وإقليمية، تتحمل كلفة ثلثي دراسات هؤلاء الطلبة الأجانب"، قائلا "سيتيح القرار لنا أن نستقبل بشكل أفضل الطلبة الذين سيختارون فرنسا، وسنظل تحت سقف مبلغ كلفة دراسية يراوح بين 8 آلاف و13 ألف يورو مقابل جيراننا الهولنديين، وعشرات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية في بريطانيا العظمى، ومعظم البلدان الأوروبية، دون التطرق، بطبيعة الحال، إلى الوضع في القارة الأميركية"، كما يقول.
هل يمكن وقف القرار؟
يعتبر موقف رؤساء الجامعات وتعبئة النقابات الطلابية الفيصل، وخاصة أن "مؤتمر رؤساء الجامعات" الفرنسية طلب من الحكومة تعليق هذه الزيادة المقررة على الطلبة الأجانب، وهو ما يؤكده أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في جامعة تولوز الثالثة، يونس بلفلاح، قائلا إن تأثير الأحزاب اليسارية المعارضة للقرار ليس حاسما في البرلمان، مضيفا لـ"العربي الجديد"، أن التحركات الطلابية التي تنظمها نقاباتهم هي التي ستؤثر على القرار، شريطة استمراريتها وتأثيرها على الدراسة في فرنسا، "صحيح أنها قامت بإضرابات في الأول والثالث عشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لكن ما ستقوم به لاحقا هو الذي سيحسم الأمور".
ويؤكد "مؤتمر رؤساء الجامعات" (جمعية تأسست وفق قانون 1901، المنظِّم لشؤون الجمعيات، وتجمع المسؤولين التنفيذيين في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي)، في بيانه الموجه لوزارة التعليم العالي، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أن "فرنسا تحتاج إلى طلبة دوليين يساهمون في تطورها وإشعاعها في العالم"، معتبرا أن هذه الزيادة الهامة في رسوم التسجيل تتضمن خطر التخلي عن طلبة جامعيين وطلبة الدكتوراه الذين نستقبلهم اليوم"، الأمر الذي تعول عليه الطالبة المغربية أماني البقوحي حتى لا تعاني عائلتها من آثار القرار على معيشة أفرادها.