انتقد سياسيون أردنيون وعرب تعامل الدول الغربية مع أزمة اللاجئين السوريين، وفيما حمل بعضهم المجتمع الدولي المسؤولية نتيجة عدم تعاملهم مع جذور نشأة الأزمة، المتمثلة في جرائم النظام السوري، تجاوز آخرون تحدثوا في مؤتمر "اللاجئون والأمن والتنمية المستدامة في الشرق الأوسط: الحاجة إلى حوار الشمال-الجنوب" الذي انطلقت أعماله في العاصمة عمّان، اليوم الثلاثاء، أزمة اللجوء السورية ليحملوا المجتمع الدولي المسؤولية عن أزمات اللجوء السابقة التي شهدتها المنطقة خاصة اللجوء الفلسطيني والعراقي.
ووجه الأمير السعودي، تركي بن طلال بن عبدالعزيز، نقداً عنيفاً لتعامل الدول الغربية مع أزمة اللجوء السوري، مؤكداً أن اهتماماتهم بأزمة اللجوء بدأت بالتزامن مع وصول اللاجئين السوريين إلى الدول الأوروبية، وتساءل "أين كان الاهتمام العالمي بقضية اللجوء السوري خلال الأعوام 2011 و2012 و 2013؟ الاهتمام بدأ فقط عندما وصل اللاجئون إلى أوروبا".
الأمير الذي كشف عن وجود 2 مليون لاجئ سوري في المملكة السعودية، لكنهم حسب كشفه "لا يعيشون في مخيمات للاجئين"، حمل بشدة على تعامل دول أوروبية مع اللاجئين والعنصرية التي يقابلونهم فيها، مدللاً على ذلك بالحل الذي أعلنه رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان لكبح وصول اللاجئين من خلال بناء سور على الحدود المجرية، معلناً أن الإجراء المجري "يخلو من الأخلاق والإنسانية والشهامة".
اقرأ أيضاً قمة بروكسل: تحالف يقلق ميركل.. والمفتاح بيد تركيا
وعبر عن رفضه مواصلة حصر التعامل مع قضية اللاجئين السوريين في إطار جهود الإغاثة الإنسانية على أهميتها، معتقداً بضرورة معالجة جذور الأزمة التي نشأت بسببها حركة اللجوء والنزوح، ومشدداً على أن التدخل الغربي في الأزمة السورية هو ما عطل سبل حلها وأمن الحماية لنظام الأسد، مؤكداً "لو ترك الأمر للعرب لما بقي الأسد حتى الآن".
من جهته ذكر رئيس الوزراء الأردني الأسبق، طاهر المصري، باللجوء الفلسطيني نتيجة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، واللجوء العراقي عقب الاحتلال الأميركي للعراق، منتقداً أن يكون هناك "محاذير وحساسية من الحديث عن احتلال فلسطين والعراق"، ورأى أن المشكلة التي يعيشها العالم العربي تكمن في أن مصير المنطقة يتقرر من خارجها وليس من أبنائها.
كما حمل المصري الدول الغربية المسؤولية الأكبر عن تهجير المسيحيين من المنطقة العربية وهي الهجرة التي أضرت بالمنطقة. معتبراً أن الوقت قد فات للتعامل مع هجرة المسيحيين. الأمر نفسه عبر عنه رئيس الوزراء الأردني الأسبق أيضاً، عبد الرؤوف الروابدة، حين قال "خلافنا مع الغرب هو سبب الهجرة وليس الهجرة نفسها، الغرب وقف مع إسرائيل فكانت الهجرة الفلسطينية، وكانت السياسات الغربية المتخبطة في العراق وسورية فكانت هجرة جديدة، واليوم جاء الغرب ليقفوا معنا بعد أن أصبح خطر الهجرة يتهددهم".
وأثار الروابدة المخاوف حول مستقبل اللجوء السوري في الأردن، خاصة بعد ظهور مصطلح المكون السوري في الأردن على لسان الرسميين، وتكرار الحديث عن طول إقامة اللاجئين والتي تصل قرابة 17 عاماً، وقال " إكرام اللاجئ إعادته إلى بلاده، إنه الحديث عن بقاء اللاجئين لـ 17 عاماً والتعامل ذلك كأمر واقع يثير المخاوف، والرعب يكمن بأن يتحول اللاجئ إلى مكون سياسي في الأردن، وأن تتحول اللقاءات الأردنية مع المنظمات الدولية والدول المانحة للتركيز على تشغيل اللاجئين بدلاً من عودتهم إلى بلادهم".
وحمل كلام الروابدة نقداً صريحاً لتوجه بلاده لتشغيل اللاجئين السوريين في مشاريع تنموية ستوفر الدول المانحة الأموال لإقامتها بشرط أن تصدر المنتجات المصنوعة بأيدي أردنية- سورية إلى السوق الأوروبية، وهو ما تم الاتفاق عليه خلال مؤتمر لندن للدول المانحة الذي عقد مطلع فبراير/ شباط الماضي.
كما وانتقد الروابدة التعامل الأمني مع اللاجئين السوريين، وقال "اللاجئ العربي القادم إلى بلد عربي يتوقع أن يعامل معاملة مواطني البلد التي لجأ إليه، لكن عندما يتم التعامل معه بشكل أمني فنحن مقبلون على كارثة"، وحدد الكارثة بالبعد النفسي للاجئ عندما يوضع في مخيم تديره وزارة الداخلية وتحرسه قوات الأمن، الأمر الذي سيجعله يشعر بعدم الرضا ويتحول عدم الرضا عند عودته إلى بلاده إلى غضب ستدفع الدولة التي كان فيها ثمنه.
اقرأ أيضاً قلق أممي من محاولات "الإعادة المبطنة" للاجئين