طرح الناشط السياسي ووزير التجارة الجزائري السابق، عبد النور بوكروح مبادرة سياسية للتغير السلمي في الجزائر، موجها "نداء إلى الجزائريين والجزائريات من أجل ثورة سلمية ومواطنة"، واعتبر بوكروح أن "الجزائر تتجه بخطى بطيئة لكنها ثابتة نحو منعرج حساس من تاريخها، يمكن أن يصل بها إمّا إلى الخلاص أو إلى الانزلاق نحو المجهول".
وتابع بوكروح في وثيقة سياسية نشرها، قائلًا إن "كلا الخيارين مفتوحان أمامها اليوم وحظوظ كل واحد منهما في فرض نفسه متكافئة ومتساوية، بعد سلسلة طويلة ومضطربة من التجارب والأخطاء التي أدت إلى الطريق المسدود الذي نتواجد فيه اليوم سياسيا واقتصاديا".
وجاء في الوثيقة السياسية أن السلطة وضعت البلاد في "حالة التبعية التامّة للنفط التي هي ثروة غير قابلة للتجديد وستكون الشهور والسنوات القادمة صعبة جدا عليها، بينما لم يعد حكم البلاد مرتكزا على العقلانية والمصلحة العامة، بل على تعلق مرضي بالبقاء في السلطة مهما كلف الأمر، وبمصالح فردية"، وإنه "من واجبنا أن نتصرف في إطار الشرعية القانونية، تجاه الانحراف البطيء الذي يسير بنا رويدا رويدا نحو الكارثة".
وقال إنه "يعني بنداء الكفاح السلمي إلى الضمير الجزائري، إلى جميع الشركاء في ملكية البيت الجزائري، سواء وجدوا داخل تراب الوطن أو في أي مكان في العالم خارجه، إلى جميع الأجيال من الرجال والنساء، منخرطين كانوا في النشاط السياسي أو الاجتماعي أم لا، عاملين في جميع المؤسسات أو على التقاعد، لكل الفئات الاجتماعية، في كافة الأرجاء والمناطق، لكلّ اللغات والأديان".
ودعا الجزائريين إلى "العمل على تفادي تعرّض البلاد إلى خطر مأساة جديدة بينما لا تزال ملامح تلك التي عرفناها خلال التسعينيات ظاهرة أمام أعيننا"، مضيفا "يجب علينا أن نفتح أعيننا على الواجب الذي ندين به لوطننا، عوض أن ننتظر حتى تصل الكارثة إلى عقر دارنا لننتفض في جو الفوضى وتخريب المرافق العمومية والتعدي على قوى الأمن أو الممتلكات العمومية والخاصة".
وأوضح المعارض السياسي الجزائري أن "الكفاح السلمي الذي يدعو إليه يستهدف يقظة سياسية وطنية، تستفيد من التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الاجتماعي من دون عنف وإخلال بالنظام العام"، وقال إنه "يجب على كل واحد منا أن يشرع في العمل انطلاقا من المكان الذي يوجد فيه حاليا، فإنه توجد اليوم وسائل وطرق عمل لا تحتاج إلى اللجوء إلى العنف والإخلال بالنظام العام والمظاهرات في الشوارع والعصيان المدني، هذه الوسائل السلمية تتاح لنا اليوم عبر التكنولوجيات الرقمية الحديثة للاتصال، شبكات التواصل الاجتماعي، وسائل الإعلام الرقمية، الفيديو، الرسائل الإلكترونية، الهواتف الذكية"، مشيرا إلى أن "استعمال هذه الوسائل أشد فعالية من السلاح أو السرّية أو المنشورات التحريضية".
ودعا إلى "توسيع العمل التحسيسي من أجل هدف مشترك وواحد هو أن نقول لا للوضعية الحالية، في انتظار أن يحين الوقت الذي نعبر فيه عن ذلك عبر صناديق الاقتراع".
وقال إن "الانتخابات الرئاسية المقررة في 2019، أو أن حلت قبل موعدها لسبب أو لآخر، إنما تتيح لنا فرصة تاريخية لأن ننتهي من النظام الحالي، وما تبقى من الوقت ليفصلنا عنها هو بالكاد يكفي لإعطاء هذه الثورة السلمية المواطنة حظوظا كافية للنجاح، وتغيير النظام الحالي بالنهاية إلى دولة القانون".
ودعا بوكروح الجزائريين إلى "الحد من الشعور بالاستقالة الذي كان يشلنا حتى الآن، وروح اللامبالاة والسلبية التي تقوقعنا داخلها، والتغلب على قوة الجمود وتحرير الإرادة الجزائرية وتخليصها من الشعوذة".
واقترح التركيز على أربعة مطالب في المرحلة الأولى، وهي "لا للجوء إلى طباعة العملة من أجل دفع الرواتب، ولا لعهدة خامسة، ولا لخلافة مُرتّبة من فوق، ولا لاستعمال الجيش والسلطات المحلية وقوى الأمن والعدالة من أجل إطالة عمر سلطة أصبحت فاقدة للشرعية ومضرّة بمصالح الوطن".
وأضاف الرئيس السابق لحزب التجديد الجزائري "يجب على الجزائريين والجزائريات الذين يريدون بناء جزائر جديدة أن يعلنوا بأن العهد الذي كان يُختار فيه مرشح تتّفق عليه قوى مجهولة وخفية، ثم تُصادق عليه بتزوير الانتخابات قد ولّى. فنحن لن نقبل بذلك مستقبلا لأننا بلغنا من النضج ما يمكننا من الاختيار بأنفسنا".
وأعلن بوكروح عما أسماه بداية الكفاح السلمي، قائلا: "نُشهد العالم بأسره على أنه قد بدأ في الجزائر كفاح سلمي من أجل الحرية والديمقراطية وحرية ممارسة سيادة الشعب، وأنه لن يتوقف قبل أن يصل إلى الأهداف المسطرة له باسترجاع مواطنتنا وكرامتنا".
وكان نور الدين بوكروح قد وجه قبل أسبوعين نداءً لقيادات في الجيش لإعلان موقفها مما وصفه بحالة التحلل السياسي لمؤسسات الدولة، وغموض الموقف في مؤسسة الرئاسة، وتغول الكارتل المالي، وضرورة إنهاء حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وردت قيادة الجيش على نداء بوكروح، ووصفته وكتاب آخرون بأحد "الأقلام المأجورة"، وتمسكت بانحياز الجيش لصالح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.