نساء رواندا استطعن كسر الهيمنة الذكورية في مجال الأعمال، ليشرفن على مؤسساتهن الخاصة بأنفسهن، في خطوة أخرجت المناصب العليا في الشركات من نفوذ الرجال المسيطر عليها حتى الآن في معظم الدول الإفريقية... غزو نسائي يتطلّعن من خلاله إلى تحقيق بعض الاستقلالية المادية.
تألّق غير مسبوق تعرفه النساء الروانديات صاحبات المؤسسات، واللائي استطعن غزو مختلف القطاعات والأنشطة في البلاد. ففي 2005، خصّص اتحاد القطاع الخاص في البلاد غرفة خاصة للنساء صاحبات الأعمال، واليوم، تضمّ هذه الهيئة المستقلّة حوالي 1700 سيدة أعمال رواندية، أي حوالي ثلث أصحاب الأعمال في البلاد، بحسب سكرتير اتحاد القطاع الخاص، دوناسيان مانغواريبا.
تيريزا بيبونوبونو، المتحدّثة باسم غرفة النساء سيّدات الأعمال في رواندا، قالت: "نلتقي النساء ونطلع على أنشطتهن، والتقدّم الذي يحرزنه، ونسعى للتعرّف على مواطن الضعف على مستوى إدراة مشاريعهن، لمرافقتهن وحثّهن على التقدّم".
وتحظى المرأة الرواندية بمكانة فريدة من نوعها مقارنة بنساء العالم، بما أنها استطاعت، خلال عقد من الزمن، أن تنطلق بقوة وتفرض نفسها في المجال السياسي وكعامل للنمو الاقتصادي ومحرّك للحياة الاجتماعية. مكانة أهلتها لتصدر البرلمان الرواندي بنسبة 64 في المائة من أعضائه، وحصدت 51 من بين 80 مقعداً في البرلمان. وذكر الاتحاد البرلماني الدولي، في تقريره للعام الجاري (2015) أنّ النسبة التي تمكّنت النساء الروانديات من تحقيقها في المقاربة البرلمانية، تعتبر فريدة من نوعها في العالم، بل إنّها فاقت التوقّعات.
ويعمل العديد من شركاء البلاد على تحسين ظروف عيش النساء الروانديات، أبرزهم منظمة "كير أنترناشيونال رواندا" غير الحكومية، والناشطة في 24 مقاطعة من البلاد، خصوصاً في المناطق الريفية، حيث تقوم بتنظيم دورات تدريبية مجانية، بالشراكة مع غرفة النساء سيدات الأعمال في رواندا.
وقالت سيسيل موكشهيمانا، وهي سيّدة أعمال رواندية ناشطة في المجال الزراعي والغذائي، بمقاطعة نياغاتاري شرقي رواندا:"كان من الصعب عليّ تدبّر أمري، حيث لم تكن لديّ موارد، كما كنت أتكفّل بـ 6 أطفال، وزوج عاطل من العمل. وبفضل برنامج المنظمة، تمكنت من الاستثمار في مجال بيع الذرة، فكان أن تحسّن وضعي، واليوم أشعر بالرضا عن نفسي وعمّا أقوم به".
من جانبها، قالت فيستين يواماليا، وهي صاحبة شركة بالعاصمة كيغالي، ناشطة بمجال التوريد والتصدير: "أشجع النساء الأخريات على العمل في التوريد والتصدير لأنه مجال جيّد، ففي السابق، كان حكراً على الرجال، لكن اليوم، بإمكاننا التميّز أيضاً، ولقد فعلنا ذلك".
ورغم إشعاع سيدات الأعمال في رواندا، فإن طريقهن لا تزال محفوفة بالكثير من المصاعب. إيلي نغابونيزا، أستاذة الاقتصاد بالجامعة الحرّة في العاصمة كيغالي، قالت إنّ "هؤلاء النساء يواجهن صعوبات متعلّقة بالحصول على القروض، فالبنوك لا تزال متردّدة في منح مبالغ هامة للمستثمرات من النساء"، مشيرة إلى أنه "رغم تحسّن ظروف حياة النساء، فإن الكثير من الأزواج يعارضون فكرة سفر زوجاتهن من أجل العمل".
وبحسب السلطات الرواندية، من المنتظر خلق 200 ألف موطن شغل سنوياً، لا سيما بالنسبة للنساء والشباب، ضمن التوجهات العامة للبلاد، والتي تهدف إلى بلوغ مصاف البلدان الناشئة بحلول العام 2020. ولتجسيد توجهها، تعول رواندا على ديناميكية قطاعها الخاص، خصوصاً على المشاريع النسائية التي استطاعت أن تحقق طفرة خلال السنوات الأخيرة، بحسب المراقبين.
اقرأ أيضاً: مسلمات بانغي يلِدْن في المنازل لانعدام الأمن