قال الفنان العراقي، سيمور جلال، إنّه اختار أن يقدّم إلى جمهوره وجمهور الغناء العربي لوناً غنائياً مختلفاً في عمله الغنائي الجديد "غرباء"، الذي يقدمه بالعربية الفصحى، مضيفاً في حديث مع"العربي الجديد" أنّ القصيدة، التي كتبت كلماتها الشاعرة الدكتورة حنين عمر، "لا تتوقّف مفاجآتها في لغتها، إنّما تمتدّ أيضاً إلى مضمونها الإنساني الذي يروي بطريقة بسيطة وعميقة في آن واحد مأساة العالم العربي، ومأساة الأطفال المتضررّين من الحروب والأمهات اللواتي فقدنَ أبناءهنَّ، وتغريبة النازحين الذين أجبروا على الرحيل عن بيوتهم".
القصيدة الأغنية التي سترى النور مع ساعات صباح يوم الأربعاء أراد من خلالها أحد نجوم برنامج اكتشاف المواهب "ذا فويس" أن يؤرّخ للوجع اليومي، الذي يعيشه الناس في العالم العربي، ليضيف جلال: "يومياً نشعر بآلام أهلنا في العراق وسورية وفلسطين وفي كلّ بلد عربي متعب من الموت والخراب، فكيف يمكن ألا نتفاعل معه وألا نحتجّ على أوضاعه". وتابع: "الفنّ لا قيمة له إن كان مجرّداً من أهمّ قيمة للفنان، وهي إنسانيته وتضامنه الصادق مع الناس".
وحول أداء القصيدة بالفصحى، قال جلال: "القصيدة الجميلة تنادينا وتحرّك مشاعر أيّ مطرب سواء بالفصحى أو بأيّة لهجة، وقصيدة الدكتورة حنين كانت تلمس همّ كل عربي يعيش مغترباً في وطنه بسبب الحزن والموت والخراب. إنّها مسرح كامل تتحرك فيه شخصيات كثيرة: الأمهات، الشهداء، الأطفال الذين قتلتهم الحروب، واليتامى الذين فقدوا آباءهم والنازحون الذين يقيمون خارج بيوتهم الآن في العراء تحت قسوة البرد والثلج والجوع والغربة. إنها باختصار تتحدث عن آلامنا العربية الحالية في العراق وسورية وفلسطين، والموت والتهجير والألم والهمّ الذي نتقاسمه منذ سنوات".
بدورها أشارت الدكتورة حنين عمر لـ"العربي الجديد" إلى أنّها كتبت الاغنية كرؤية تجاه ما يحدث في العالم العربي، مضيفة: "تجربة القصيدة الأغنية مؤلمة جدا بالنسبة إلي وإلى سيمور، فقد كان الحديث عن الوضع يحتلّ جزءاً كبيراً من أحاديثنا اليومية، بحكم كوننا صديقين خارج مجال العمل، وقد شعرنا في لحظة ما بأنّه من واجبنا أن نتحمل جزءاً من مسؤولية إيصال رسالة إنسانية إلى العالم وإلى الناس، وقرّرنا العمل على أغنية قد تحرّك مشاعرهم قليلا وتدفعهم للتبرع ولو ببطانية لطفل ينام في العراء".
أما حول موضوع القصيدة الأغنية، فكشفت عمر أنّ "غرباء" عبارة عن "مجموعة من الشخصيات التي تتحدث عن أوجاعنا. إنها تجمع الأمهات اللواتي فقدن أطفالهن في الحرب، والأطفال الذين فقدوا أهلهم، والشهداء الذين ماتوا، والنازحين الذين تغرّبوا في أوطانهم، وحتىّ من يتابعون الأخبار ويتألمّون أمام منظر الدماء الملطخة بالدموع، لأنّ ما يحدث الآن في مخيمات النازحين في العراق هو نفسه ما يحدث في مخيمات سورية، ونفسه ما عاناه ويعانيه الفلسطينيون لسنوات، فالجميع غرباء في داخل الوطن ومنفيون داخل أحزانهم ومعاناتهم، فطوبى للغرباء من أهل الحق كما جاء في الحديث الشريف، لذا كانت الأغنية صوتهم جميعا في نص واحد".
وحول اقتصار تجاربها في الشعر المغنى مع مجموعة منتقاة من الفنانين، قالت عمر: "الأستاذ كاظم الساهر بالتأكيد كان أوّل من فتح لي باب الفنّ وكتابة الأغاني، وأنا أعتزّ بكوني كنت تلميذته في مدرسة الحبّ، بعده جاءت فرصة العمل في هوليوود مع دافيد أورسل في أغنية "الأرنب الأبيض" وتحكي عن ظاهرة إدمان المخدرات من ألحان جريس سلايك، وهي تعدّ الأغنية العربية الوحيدة المرشّحة ضمن قوائم الجائزة العالمية الجرامي آوورد 2015 هذا العام. ثم تعاونت مع النجم العالمي، بوب سيغر، في أغنية، وقبلهما مع مطرب تركي إضافة إلى موال مع العراقية بيدر البصري. واليوم أقدّم عملا جديدا مع سيمور جلال، الذي أعتبر صوته نادراً وساحراً، وقد اشتغلنا عليه متطوّعين من أجل مهمة نبيلة، فالفنّ الحقيقي يجعلنا أكثر إنسانية".
الأغنية التي كلّف تنفيذها مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي قدمّها سيمور جلال "من أجل الإنسانية"، نُفّذت في تركيا بشكل محترف في ظلّ عزوف كثير من الفنانين على صرف مبالغ طائلة لتسجيل أعمال إنسانية لا تعود بربح ماديّ ولا تجذب متعهّدي الحفلات.
لكنّ سيمور جلال سبّاق دائما إلى دعم الحملات الإنسانية في الوطن العربي. فهو كان أوّل فنان ينضمّ إلى حملة مطالبة الحكومة العراقية بمساعدة النازحين، وانضمّ إلى حملة جمع التبرعات لهم، ويبدي استعداده لمساندة أيّ عمل خيري في أيّ بلد عربي من أجل تحسين أوضاع الأطفال والفقراء.