تعبَ اللاجئ الفلسطيني شادي من رفض توظيفه في لبنان بسبب جنسيته. وبعد فشل محاولات العمل في الخارج، يُفكر المهندس الشاب في افتتاح ورشة تصليح سيارات خاصة. يُصلح محرّك سيارته على سبيل التسلية بعد أيام طويلة قضاها بحثاً عن عمل من دون جدوى. صارَ تقديم طلبات التوظيف لدى الشركات أو عبر الإنترنت والمعارف بمثابة وظيفة ثابتة له، تبدأ صباحاً وتنتهي مساءً، علّه يحصل على فرصة في شركة لا تكترث لجنسيته.
يُعاني شادي، كما العديد من الشبان الفلسطينيين في لبنان، من البطالة، بسبب منعهم، بحسب القانون، من العمل في عشرات المهن الحرة، ما يجعلهم يقبلون بأي وظيفة حتى لو لم تتناسب مع مستواهم العلمي. أمرٌ يرفضه شادي لأن "كفاءتنا لا تقل عن كفاءة أي شخص آخر".
بدأ شادي رحلة البحث عن عمل بعد أشهر على التخرّج وحصوله على شهادة في الهندسة الميكانيكية. عمل في إحدى شركات السيارات مشرفاً على عدد من العمال اللبنانيين. يقول: "كان الموظفون يسخرون مني، ورفض الجميع التعاون معي لأنني فلسطيني. حاول أحد مدراء الشركة مساعدتي إيماناً منه بكفاءتي، لكن الإدارة تذرّعت أخيراً بعدم حيازتي سيارة، وقررت صرفي من العمل من دون تعويض".
يقرأ شادي يومياً الصحف التي تنشر إعلانات التوظيف، ويذهب إلى ورشة جاره لتصليح السيارات حيث يقضي فترة بعد الظهر. يُعدّد لجاره شركات الهندسة التي حاولت استغلاله وتلك التي رفضته لأنه فلسطيني، قبل أن ينتقل للحديث عن مشكلة سفر الفلسطيني اللاجئ من لبنان.
تقدم شادي وزمليه اللبناني ذات مرّة بطلب للحصول على وظيفة لدى إحدى الشركات. حصل الزميل على عرضٍ بألف دولار أميركي، بينما حصل شادي على عرضٍ بخمسمائة دولار فقط، مع وعد بزيادة الراتب بعد أشهر عدة، فرفض الوظيفة. يصفُ المهندس الفلسطيني الانتقال من شركة إلى أخرى بـ"الهرب من استغلال إلى آخر". ومع تكرار التجارب المماثلة، قرّر شادي مغادرة لبنان والتقدّم بطلبات للحصول على وظيفة في الدول الخليجية، ليكتشف أن جواز السفر الفلسطيني غير مرحب به هناك أيضاً.
تجدر الإشارة إلى أن شادي قد بدأ العمل خلال الدراسة لتأمين مصروفه. عمل نادلاً في أحد الفنادق الكبرى في بيروت، بدوام مسائي من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحاً. خلال هذه الفترة أيضاً، تعرض لمضايقات عنصرية كونه فلسطينياً. وإلى أن يجد عملاً، يُرحّب باستشارات الجيران الميكانيكية.
اقرأ أيضاً: الطفل الفلسطيني منير الحزينة.. من الأرجوحة إلى القبر