وكانت الشرطة الإسرائيلية أعلنت بشكل رسمي، أمس، أن نتنياهو "مشتبه بتلقي رشوة والتحايل على القانون وانتهاك الثقة"، وذلك لأول مرة منذ بدء التحقيقات في القضايا التي عرفت باسم "قضايا 1000 و2000"، وتتصل الأولى بحصول نتنياهو على مبالغ وهدايا من رجال أعمال وأصدقاء من خارج إسرائيل بشكل مخالف للقانون، بينما تتصل الثانية بمحاولات نتنياهو، خلال العام 2014، التوصل إلى صفقة مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نوني موزيس، لتعديل خط التحرير المناهض لنتنياهو في الصحيفة، مقابل عدم اعتراض الأخير على قانون يمنع توزيع صحيفة "يسرائيل هيوم" مجانًا، أو محاولة الضغط على مالك الجريدة وناشرها، الثري الأميركي شلدون إيدلسون، لجهة عدم إصدار ملحق أسبوعي للصحيفة.
ووفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم، فإن هارو، الذي يعتبر أحد أوثق المقربين لبنيامين نتنياهو حتى بعد اعتزاله العمل معه، كان على علم واسع بكل ما يتصل بنشاط نتنياهو المالي والاقتصادي، وهو الذي قام أصلًا بتوثيق اللقاء بين نتنياهو ونوني موزيس في قضية الصفقة بين الاثنين لتغيير خط صحيفة "يديعوت أحرونوت" من مناوئ لنتنياهو إلى خط مساير له.
كما يفترض أن يزود هارو الشرطة الإسرائيلية والنيابة العامة بأدلة تدين نتنياهو في "القضية 1000"، والتي تدور حول تلقي نتنياهو رشاوى وهدايا خلافًا للقانون. وبحسب المعلومات التي تم نشرها لغاية الآن، تتوقع الشرطة الإسرائيلية أن تنهي التحقيق مع آري هارو خلال عشرة أيام، بينما تواصل طلب تحديد جلسات للتحقيق مع نتنياهو في هذين الملفين.
إلى ذلك، يتوقع أن يدلي هارو بمعلومات حساسة ومهمة في ملف الفساد المتعلق بشراء 9 غواصات من ألمانيا، والمعروف باسم "القضية 3000"، إذ تتهم الشرطة عددًا من كبار المسؤولين المقربين من نتنياهو، بينهم محاميه وقريبه دافيد شومرون، وقائد سلاح البحرية الأسبق في جيش الاحتلال، الجنرال تشايني مروم، بتلقي رشى من الشركة الألمانية تيسنكروب، في حال تمكنوا من إقناع الحكومة الإسرائيلية بتفضيل الصناعات الألمانية، ورفع عدد الغواصات من 6، وهو الطلب الرسمي الأول لجيش الاحتلال، إلى 9 غواصات.
ويرتبط نتنياهو بهذا الملف من خلال محاميه الخاص وقريبه دافيد شومرون، الذي يعمل محاميًا وموفدًا من نتنياهو، وفي الوقت نفسه محاميًا لرجل الأعمال الإسرائيلي، ميكي غانور، ممثل الشركة الألمانية في إسرائيل، في تداخل واضح للمصالح. وكان نتنياهو أعلن، مع نشر أول تقارير عن هذه الصفقة، أنه لم يتدخل في الأمر، وأنه لم يكن يعلم ان محاميه الخاص شومرون يعمل في الوقت ذاته محاميًا لرجل الأعمال غانور.
وقد أصدرت الشرطة الإسرائيلية، منذ أمس، أمر منع نشر يحظر تعميم أية معلومات تتعلق بشهادة آري هارو في الملفات المذكورة، مكتفية بالقول إنه "تشتبه بأن رئيس الحكومة نتنياهو ارتكب مخالفات في خيانة الأمانة العامة، وتلقي الرشاوى والغش والخداع". وأعلنت الشرطة أن أمر حظر النشر يبقى ساري المفعول حتى 17 سبتمبر/أيلول القادم.
في المقابل، أعلن ديوان نتنياهو رفض التهم أو الشبهات المنسوبة إليه، مدعيًا أنها "ادعاءات عارية من الصحة". ووصف نتنياهو التحقيقات الشرطية بأنها "حملة صيد تهدف إلى تغيير الحكم في إسرائيل، لكنها ستفشل لا محالة لأنها لا تستند إلى واقع".
ويحاول نتنياهو، منذ بدء التحقيق في هذه الملفات الصيف الماضي، الادعاء بأنها كلها عارية من الصحة، متهمًا "اليسار" والإعلام والقضاء، بالعمل على إسقاط حكومته اليمينية من خلال طرق مرفوضة، وليس عبر صناديق الاقتراع. وأعلن في أكثر من مناسبة، أن التحقيقات لن تدفعه إلى تقديم استقالته، علمًا أنه كان قد طالب إيهود أولمرت، عام 2008، بتقديم استقالته مع بدء التحقيق في قضايا فساد ضده، عندما كان رئيسًا للحكومة خلفًا لأرييل شارون.
وانضمت وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شاكيد، أمس، إلى خط الدفاع الذي يقوده نتنياهو، فأعلنت أنها لا ترى سببًا يدفع نتنياهو لتقديم استقالته، حتى في حال تقديم لوائح اتهام رسمية ضده.
مع ذلك، لا يزال من غير الواضح إلى الآن كيف ستؤثر هذه التطورات على مستقبل حكومة نتنياهو الحالية، التي تنتهي فترة ولايتها الرسمية في العام 2019، وإن كانت التقديرات الأولية تنذر بخلق هزة سياسية في إسرائيل مطلع العام القادم مع تطور التحقيقات في اتجاه تقديم لائحة اتهام رسمية قد تفضي إلى استقالة نتنياهو وإجراء انتخابات جديدة.