قرار جديد صدر في سورية يقضي بفصل عشرات من شباب محافظة السويداء، في الجنوب الغربي من سورية، من وظائفهم في مختلف مؤسسات الدولة داخل المحافظة، بذريعة امتناعهم عن الالتحاق بـالخدمة العسكرية الاحتياطية.
تفيد مصادر محلية في محافظة السويداء، "العربي الجديد"، بأنّ "عشرات الشباب من أبناء المحافظة صُدموا بالقرار الذي عُمّم على مؤسسات الدولة منذ بداية الشهر الجاري، ويقضي بفصلهم تعسفياً، على خلفية عدم التحاقهم بالخدمة الاحتياطية ضمن قوات النظام". تضيف أنّ "العدد النهائي لم يُعرف بعد، لكن من التوقع أن يتجاوز 200 شاب، عُرف منهم 38 شاباً من فرع مؤسسات الاتصالات السورية في السويداء".
خالد، موظف فُصِل أخيراً، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "مئات الشباب فُصلوا خلال العام الفائت، ومعظمهم من الموظفين الذين يحملون إجازات جامعية في التعليم والهندسة وغيرهما من الاختصاصات". يضيف أنّ "المسألة لا تتعلق بالدخل المادي، فراتب الوظيفة اليوم في مؤسسات الدولة لا يكفي لشراء بدلة أو فستان أو حذاء مستورد. فأنا كنتُ في الحالة الطبيعية وإلى جانب وظيفتي، أعمل في محل لبيع الألبسة وأجني أربعة أضعاف راتب الوظيفة على أقلّ تقدير". ويلفت إلى أنّ "الوظيفة في سورية تضمن حياة مستقرة، بحسب المجتمع. على الرغم من أنّ الدخل متدنّ، فإنّه يبقى بحسب المثل الشعبي، البحصة التي تسند الجرة".
ويشير خالد إلى أنّ "الشباب الذين فصلوا من وظائفهم، يعملون بمعظمهم في أعمال حرة، خصوصاً أصحاب الاختصاصات الذين لا يجدون مؤسسات خاصة تتناسب مع اختصاصاتهم. فاتجه هؤلاء بمعظمهم إلى العمل في محال تجارية أو في إطار أعمال بناء وورش صناعية وغيرها من أعمال حرّة". ويؤكد على أنّ ذلك "صعب نفسياً. قبل الفصل كان الشخص بالحدّ الأدنى يحاول التخفيف عن نفسه قائلاً إنّه موظف بحسب شهادته التي قضى نصف عمره للحصول عليها".
من جهته، فُصِل هشام، وهو مهندس متزوّج ينتظر مولوده الأول، في بداية العام الجاري من عمله لعدم التحاقه بالخدمة العسكرية الاحتياطية. ويخبر "العربي الجديد"، بأنّه "من دون سابق إنذار، فُصِلت من العمل من دون ذكر الأسباب، وقد كُتِب على التبليغ سريّ. ولحظة تبليغي بالقرار شعرت بأنّني سقطت في بئر لا أدرك قراره. ففي بلدي نكبر ونتعلم ونحلم بوظيفة الدولة لأنّها تضمن لنا شيخوختنا، على الرغم من أنّه منذ سبعينيات القرن الماضي لم يعد الراتب يكفي العائلة". ويلفت هشام إلى أنّه "على الرغم من أنّ الإنسان لا يفوّت وسيلة لتأمين قوت يومه، فإنّ المسألة ترتبط برضا الشخص عن عمله ودخله وواقعه الاجتماعي". وإذ يسخر من أساليب إجبار الشباب على الخدمة العسكرية، يقول: "لست نادماً على قراري. ولو أتيح لي الخيار مرّة أخرى لامتنعت عن تلك الخدمة".
في السياق، يخبر أحد وجهاء مدينة السويداء، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "لقاءً عُقِد نهاية الشهر الماضي مع أحد المسؤولين لبحث أوضاع المحافظة والمشكلات التي يعاني منها أبناء المحافظة منذ أشهر عدّة، إمّا عند الحواجز وإمّا في الوظائف التي راح يُفصل منها الموظفون الشباب، وإمّا بسبب ارتفاع الأسعار الناتج عن كثرة الإتاوات". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ ذلك المسؤول "أقرّ بأنّ سمعة المحافظة في الحضيض، وثمّة توجّه جديد لدى القيادة في ما يخصّها"، شارحاً أنّ "نحو 45 ألف شاب ممتنعون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية والاحتياطية. وفي كل مرّة يُعتقل أحد شبابكم، تردّون باحتجاز عناصر من قوات الأمن أو الجيش، فيما تهرّبون الوقود والمواد الغذائية إلى درعا والبادية. كذلك فإنّ النظام يعلم بأنّ ثمّة أسلحة في المحافظة. كل هذا وتطالبون بالخدمات وغيرها من الأمور".
ويفيد ناشطون في السويداء "العربي الجديد"، بأنّ "مسألة الفصل من الوظائف والحصار الذي يُفرض على شباب المحافظة الممتنعين عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية الذين قارب عددهم 45 ألف شاب، يتسببان بأزمة اجتماعية قد تدفع بهؤلاء الشباب إلى الانفجار في وجه من يمثّل السلطة في المحافظة". ويشيرون إلى أنّ "النظام يحاول الضغط على المجتمع على مختلف الأصعدة لدفع أبنائه إلى القتال. فيعمد إلى تخفيض الخدمات في حين يُسجَّل غلاء نتيجة ارتفاع الإتاوات المفروضة على سيارات البضائع المتجهة إلى السويداء، بالإضافة إلى قطع أرزاق الناس". يضيفون أنّ "التوجه العام للمجتمع هو التمسك بالامتناع عن القتال على الرغم من كل الضغوط".