وسط الفراغ والقلق الكبيرين اللذين يعيشهما الشباب العراقي، ومع التردي الأمني الذي يعصف بالبلاد منذ 13 عاماً، والذي ارتفعت نسبته بين عامي 2014 -2016 بشكل لافت، ينشغل بعضهم بهوايات فنية، ويبتكرون أفكاراً جديدة تخرجهم من دوامة الملل والترقب.
عدد من هؤلاء الشبان توجهوا إلى جمع الخردة القديمة من المحال التجارية، وورش تصليح السيارات والحدادة، لتجميعها وصناعة تحف فنية منها، تحاكي ابتكارات الشباب في باقي دول العالم.
الشاب عبد القادر النائب، أسس ورشة خاصة أسماها (Scrab Art) أي فن الخردة، وتمكن من خلال قطع الخردة التي جمعها، أن يصنع تحفة فنية كبيرة، نسخة من شخصية الرجل الآلي "غرندايزر" التي اشتهرت في أفلام الكارتون.
ويعمل على تجميع الخردة من الشوارع وورش التصليح، ثم يجري عليها تعديلات فنية، ليصنع منها في النهاية تحفة فنية تلفت الأنظار، فتظن لوهلة أنها مصنوعة في أحد المصانع المتخصصة.
ويجد الموهوبون في صفحات التواصل الاجتماعي وسيلة لترويج منتجاتهم ومواهبهم.
حازم علي (26 عاماً) متخرج من كلية الهندسة الميكانيكية، لم يتمكن من الحصول على وظيفة، فوجد لنفسه طريقة جديدة لشغل وقت فراغه، عبر تجميع الخردة وإعادة تدويرها.
ويقول لـ"العربي الجديد" أجمع الخردة من الشوارع وورش التصليح عبر بعض الأصدقاء، مثل عدّة الميكانيك، والأدوات المنتهية الصلاحية، وقطع الغيار التالفة الخاصة بالسيارات والدراجات النارية، والمحركات، ثم أضع خطة للتحفة الفنية التي أنوي صناعتها من تلك الخردة".
ويضيف "هذه الهواية تجعلنا كشباب نستغل أوقات فراغنا بشيء مفيد، فنخرج أفكاراً جديدة تنفع المجتمع، ونحوّل الخردة التي قد تضر البيئة إلى عمل فني جميل، وندفع الشباب الآخرين لتقليدنا بدلاً من قضاء الوقت في المقاهي مثلاً".
ولا يجد هؤلاء الشباب دعماً حكومياً أو رعاية خاصة، فهم يقومون بتلك الأعمال بجهودهم الذاتية، بعضهم يشاركهم أصدقاؤهم المقربون في إنجازاتهم، وبعضهم يلقى تشجيعاً من أسرته وأصدقائه للمضي في عمله.
وتسجل المراكز البحثية العراقية بين آونة وأخرى براءات اختراع لعدد من الشباب العراقيين، لكنها لا تلقى اهتماماً إعلامياً، ما يجعلهم مضطرين لنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للفت الانتباه.
ويشكو الشباب المبتكرون وجامعو الخردة وصانعو التحف الفنية من قلة إمكانياتهم المادية، ويضطرون أحياناً لشراء بعض المستلزمات من مصروفهم اليومي ليبدأوا بالعمل.
هذا ما يفعله باقر العبيدي (19عاماً)، يدخر مصروفه الذي يحصل عليه من والديه، فيشتري به بعض الخردة أو يحصل عليها مجاناً من بعض أصدقائه، ليصنع منها ألعاباً أو تحفاً فنية، مشيراً إلى إقبال عدد من المعجبين بها على شرائها.
ويقول لـ"العربي الجديد" "للوهلة الأولى، لم أكن أتخيل أني سأتمكن من بيع التحفة الفنية التي صنعتها من الخردة القديمة والمستهلكة، وللفت انتباه الشباب توجهنا لصناعة مجسمات من أفلام الكارتون، كما فعل الصديق عبد القادر النائب الذي صنع مجسماً لشخصية غرندايزر الشهير".
ويشير "هي فرصة على كل حال لقضاء وقت الفراغ بما ينفع، ويطور مهاراتنا لابتكار أشياء مفيدة. وأخطط لصناعة المزيد من المجسمات الصغيرة بعد أن لاحظت أنها تنال إعجاب من يراها".