كثيرون هم الشبان التونسيون الذين يبتعدون عن الخدمة العسكرية في البلاد، وتختلف دوافعهم
يُسجَّل في تونس عزوف كبير عن الخدمة العسكرية خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من البرامج التي أعدّتها وزارة الدفاع لتحفيز الشباب عليها. وفي حين نجح برنامج التجنيد الذي أقرّته الوزارة ما بين إبريل/ نيسان 2016 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2017 في تعبئة 12 ألف عنصر من مختلف الاختصاصات جرى دمجهم بعد تأدية الواجب الوطني في إطار تشغيل الشباب، إلا أنّ إدارة التعبئة والتجنيد في وزارة الدفاع أكّدت وجود عزوف كبير من قبل الشباب على تأدية الخدمة العسكرية.
وفي منتصف يونيو/ حزيران المنصرم، اجتمع المجلس الأعلى للجيوش بحضور رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لمناقشة مشروع إلزامية الخدمة العسكرية الذي تعدّه وزارة الدفاع منذ سنتَين تقريباً. يذكر أنّه في فبراير/ شباط الماضي، عُقدت جلسة استماع في البرلمان لوزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، أشار خلالها إلى ملفات لنحو 200 ألف شاب لدى القضاء العسكري بسبب عدم تأديتهم الواجب العسكري. وأوضح أنّ القضاء العسكري طلب من وزارة الداخلية توجيه دعوات إلى هؤلاء الشباب لتسوية أوضاعهم. وأشار الوزير إلى أنّ أكثر من 31 ألف شاب استدعوا لتأدية الخدمة العسكرية خلال عام 2017، لكنّه لم يتقدّم إلا 500 شاب فقط. وخلال الجلسة نفسها، طلب البرلمان من وزير الدفاع ما هو الجديد في ما يتعلق بمراجعة قانون الخدمة العسكرية وإعداد قانون جديد لتقديمه إلى المجلس. فأجاب بأنّه قيد الإعداد، لافتاً إلى أنّ المشروع سوف يُعرض على مجموعة من الجمعيات من قبيل جمعية قدماء العسكريين لجمع الآراء.
اقــرأ أيضاً
قبل عامَين، أعدّت وزارة الشباب دراسة في السياق شملت 1202 شاب موزّعين في كل أنحاء البلاد، وبيّنت الدراسة أنّ سبعة شبان من أصل 10 لا يرغبون في تأدية الواجب العسكري. وقد عبّر 64 في المائة من هؤلاء الشبان المستجوبين عن رفضهم تأدية الخدمة، في حين قال 32 في المائة منهم إنّهم مستعدون للقيام بها.
محمد (26 عاماً) عاطل من العمل ولا يحمل أي شهادة علمية، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه يرفض الخدمة العسكرية لأنّه لا يمكنه قضاء سنة كاملة في معسكر. يضيف: "أستطيع الحصول على أيّ تكوين مهني توفّره وزارة الدفاع، من أيّ معهد تكوين ومن دون أن أكون محبوساً في معسكر". ويتابع محمد أنّ "المشكلة ليست في التكوين بحدّ ذاته، بل في إيجاد عمل بعد إنهاء التكوين المهني الذي أحصل عليه".
من جهته، يشير علي (28 عاماً) وهو عامل مياوم إلى أنّه تلقّى "أكثر من دعوة للالتحاق بالخدمة العسكرية، لكنّني لم أمتثل للأمر مثل آلاف الشباب". يضيف لـ"العربي الجديد": "لن ألتحق بالعمل العسكري والتجنيد إلا في حال ضمان توفير عمل دائم لي، ولا يهمني أن أبقى ملاحقاً أمنياً". وإذ يلفت إلى اعتقاده بأنّ ملفه في المحكمة العسكرية، يقول: "أفكّر في تسوية وضعي وتقديم ملفي في التعيينات الفردية التي تخوّلني تأدية الخدمة العسكرية لمدّة 21 يوماً فقط، على أن أسدد شهرياً مساهمة مالية لصندوق الخدمة الوطنية، تماماً كما يفعل آلاف الشباب الذين يرفضون الخدمة العسكرية".
تجدر الإشارة إلى أنّه في استطاعة كل شاب بلغ العشرين من العمر أن يؤدّي واجب الخدمة الوطنية في نطاق التعيينات الفردية، ويشمل ذلك العاملين في مجال الإدارات والمؤسسات وأصحاب المهن الحرة وأصحاب المشاريع الفردية الخاصة، على أن يتابع تكويناً عسكرياً أساسياً لمدّة 21 يوماً إلى جانب التزامه تسديد مساهمة مالية شهرية لصندوق الخدمة الوطنية.
اقــرأ أيضاً
وفي حال عدم تسديد المساهمة المذكورة في موعدها، يحق لوزير الدفاع الوطني وضع حدّ لتعيين المعني بالأمر في ما يتعلق بتأدية واجب الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية، ثمّ نقله إلى إحدى وحدات القوات المسلحة لقضاء المدة المتبقية. وقد حاول وزراء الدفاع المتعاقبون تعليق العمل به في فترات محددّة من دون إلغائه نهائياً. والشبان يشتكون كثيراً من هذا النظام الذي يستطيع منعهم من الاستمرار في أعمالهم، خصوصاً في ما يتعلق بالمتعاقدين مع مؤسسات خاصة. يُذكر أنّ نسبة المساهمة المالية الشهرية المفروضة على المجنّدين المعنيّين لتأدية الخدمة الوطنية في نطاق التعيينات الفردية بالإدارات والمؤسسات تُحدَّد بحسب قيمة رواتبهم أو أجورهم على أساس الأجر الأدنى المضمون.
في السياق، يشير رئيس جمعية قدماء الجيش التونسي، محمود المزوغي، لـ"العربي الجديد" إلى "أسباب عدّة لعزوف الشبان عن الخدمة العسكرية، ولعلّ أبرزها إلزاميتها ومدّتها الزمنية". ويقترح "تقليص مدّة الخدمة العسكرية من سنة إلى ستة أشهر"، مؤكداً أنّ وزارة الدفاع اتّخذت جملة من الإجراءات التحفيزية المهمة من قبيل فتح مراكز تكوين في مجالات واختصاصات عدّة تساعد الشبان على اكتساب مهارات معيّنة، وهو الأمر الذي يفتح أمامهم آفاق العمل بعد انتهاء الخدمة العسكرية". يضيف المزوغي أنّ "الوزارة سعت كذلك إلى تقريب أماكن عمل المجنّدين من مناطق سكناهم لتخفّف على عائلاتهم عناء التنقل لزيارتهم". ويشير إلى أنّه سوف يطّلع على مشروع القانون في حال عرضته الوزارة كما تقول على جمعيات قدماء الجيش لإبداء الرأي في فصوله حتى يكون أكثر نجاعة وتحفيزاً في ما يخصّ الخدمة العسكرية.
يُسجَّل في تونس عزوف كبير عن الخدمة العسكرية خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من البرامج التي أعدّتها وزارة الدفاع لتحفيز الشباب عليها. وفي حين نجح برنامج التجنيد الذي أقرّته الوزارة ما بين إبريل/ نيسان 2016 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2017 في تعبئة 12 ألف عنصر من مختلف الاختصاصات جرى دمجهم بعد تأدية الواجب الوطني في إطار تشغيل الشباب، إلا أنّ إدارة التعبئة والتجنيد في وزارة الدفاع أكّدت وجود عزوف كبير من قبل الشباب على تأدية الخدمة العسكرية.
وفي منتصف يونيو/ حزيران المنصرم، اجتمع المجلس الأعلى للجيوش بحضور رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لمناقشة مشروع إلزامية الخدمة العسكرية الذي تعدّه وزارة الدفاع منذ سنتَين تقريباً. يذكر أنّه في فبراير/ شباط الماضي، عُقدت جلسة استماع في البرلمان لوزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، أشار خلالها إلى ملفات لنحو 200 ألف شاب لدى القضاء العسكري بسبب عدم تأديتهم الواجب العسكري. وأوضح أنّ القضاء العسكري طلب من وزارة الداخلية توجيه دعوات إلى هؤلاء الشباب لتسوية أوضاعهم. وأشار الوزير إلى أنّ أكثر من 31 ألف شاب استدعوا لتأدية الخدمة العسكرية خلال عام 2017، لكنّه لم يتقدّم إلا 500 شاب فقط. وخلال الجلسة نفسها، طلب البرلمان من وزير الدفاع ما هو الجديد في ما يتعلق بمراجعة قانون الخدمة العسكرية وإعداد قانون جديد لتقديمه إلى المجلس. فأجاب بأنّه قيد الإعداد، لافتاً إلى أنّ المشروع سوف يُعرض على مجموعة من الجمعيات من قبيل جمعية قدماء العسكريين لجمع الآراء.
قبل عامَين، أعدّت وزارة الشباب دراسة في السياق شملت 1202 شاب موزّعين في كل أنحاء البلاد، وبيّنت الدراسة أنّ سبعة شبان من أصل 10 لا يرغبون في تأدية الواجب العسكري. وقد عبّر 64 في المائة من هؤلاء الشبان المستجوبين عن رفضهم تأدية الخدمة، في حين قال 32 في المائة منهم إنّهم مستعدون للقيام بها.
محمد (26 عاماً) عاطل من العمل ولا يحمل أي شهادة علمية، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه يرفض الخدمة العسكرية لأنّه لا يمكنه قضاء سنة كاملة في معسكر. يضيف: "أستطيع الحصول على أيّ تكوين مهني توفّره وزارة الدفاع، من أيّ معهد تكوين ومن دون أن أكون محبوساً في معسكر". ويتابع محمد أنّ "المشكلة ليست في التكوين بحدّ ذاته، بل في إيجاد عمل بعد إنهاء التكوين المهني الذي أحصل عليه".
من جهته، يشير علي (28 عاماً) وهو عامل مياوم إلى أنّه تلقّى "أكثر من دعوة للالتحاق بالخدمة العسكرية، لكنّني لم أمتثل للأمر مثل آلاف الشباب". يضيف لـ"العربي الجديد": "لن ألتحق بالعمل العسكري والتجنيد إلا في حال ضمان توفير عمل دائم لي، ولا يهمني أن أبقى ملاحقاً أمنياً". وإذ يلفت إلى اعتقاده بأنّ ملفه في المحكمة العسكرية، يقول: "أفكّر في تسوية وضعي وتقديم ملفي في التعيينات الفردية التي تخوّلني تأدية الخدمة العسكرية لمدّة 21 يوماً فقط، على أن أسدد شهرياً مساهمة مالية لصندوق الخدمة الوطنية، تماماً كما يفعل آلاف الشباب الذين يرفضون الخدمة العسكرية".
تجدر الإشارة إلى أنّه في استطاعة كل شاب بلغ العشرين من العمر أن يؤدّي واجب الخدمة الوطنية في نطاق التعيينات الفردية، ويشمل ذلك العاملين في مجال الإدارات والمؤسسات وأصحاب المهن الحرة وأصحاب المشاريع الفردية الخاصة، على أن يتابع تكويناً عسكرياً أساسياً لمدّة 21 يوماً إلى جانب التزامه تسديد مساهمة مالية شهرية لصندوق الخدمة الوطنية.
وفي حال عدم تسديد المساهمة المذكورة في موعدها، يحق لوزير الدفاع الوطني وضع حدّ لتعيين المعني بالأمر في ما يتعلق بتأدية واجب الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية، ثمّ نقله إلى إحدى وحدات القوات المسلحة لقضاء المدة المتبقية. وقد حاول وزراء الدفاع المتعاقبون تعليق العمل به في فترات محددّة من دون إلغائه نهائياً. والشبان يشتكون كثيراً من هذا النظام الذي يستطيع منعهم من الاستمرار في أعمالهم، خصوصاً في ما يتعلق بالمتعاقدين مع مؤسسات خاصة. يُذكر أنّ نسبة المساهمة المالية الشهرية المفروضة على المجنّدين المعنيّين لتأدية الخدمة الوطنية في نطاق التعيينات الفردية بالإدارات والمؤسسات تُحدَّد بحسب قيمة رواتبهم أو أجورهم على أساس الأجر الأدنى المضمون.
في السياق، يشير رئيس جمعية قدماء الجيش التونسي، محمود المزوغي، لـ"العربي الجديد" إلى "أسباب عدّة لعزوف الشبان عن الخدمة العسكرية، ولعلّ أبرزها إلزاميتها ومدّتها الزمنية". ويقترح "تقليص مدّة الخدمة العسكرية من سنة إلى ستة أشهر"، مؤكداً أنّ وزارة الدفاع اتّخذت جملة من الإجراءات التحفيزية المهمة من قبيل فتح مراكز تكوين في مجالات واختصاصات عدّة تساعد الشبان على اكتساب مهارات معيّنة، وهو الأمر الذي يفتح أمامهم آفاق العمل بعد انتهاء الخدمة العسكرية". يضيف المزوغي أنّ "الوزارة سعت كذلك إلى تقريب أماكن عمل المجنّدين من مناطق سكناهم لتخفّف على عائلاتهم عناء التنقل لزيارتهم". ويشير إلى أنّه سوف يطّلع على مشروع القانون في حال عرضته الوزارة كما تقول على جمعيات قدماء الجيش لإبداء الرأي في فصوله حتى يكون أكثر نجاعة وتحفيزاً في ما يخصّ الخدمة العسكرية.