تواجه الاتجاهات الجديدة للنظام الحاكم في مصر للسيطرة على الإعلام تحت الإدارة أو الملكية المباشرة للأجهزة السيادية والأمنية والتحكم الكامل في محتوى الصحف المطبوعة والقنوات التلفزيونية والإذاعات المحلية ضائقة مالية، نتيجة الإنفاق المبالغ فيه والزائد عن الحاجة على عقود مقدمي البرامج وحقوق بث البطولات الرياضية وتكاليف إنتاج المسلسلات والبرامج الترفيهية. مما أدى إلى صدور تعليمات في الشهور الأخيرة لإدارات القنوات الفضائية تحديداً بتقليص النفقات وعدم صرف مبالغ مالية إلاّ بالرجوع للإدارات الرقابية التابعة للمخابرات العامة أو وزارة الداخلية، حسب اقتسام الأجهزة لملكية وإدارة القنوات.
لكنّ معلومات موثقة من عدة مصادر حصل عليها "العربي الجديد"، تكشف أن نظام عبدالفتاح السيسي، الذي يديره عملياً مدير مكتبه، عباس كامل، وجد أخيراً طوق نجاة لتخفيف الأعباء المالية المتراكمة على الأجهزة السيادية والأمنية، وفي الوقت نفسه لمساعدة النظام في تنفيذ خطة "توحيد الخطاب الإعلامي". بل والإنفاق بصورة أكبر مما اعتادته وسائل الإعلام في العامين الماضيين، لجذب ملايين المصريين لتلقي الخطاب الإعلامي الرسمي الموحد الصادر من مكتب السيسي مباشرة، من بوابة إغرائهم بالمحتوى الترفيهي والرياضي والفني، في ظل منافسة شرسة من القنوات المحايدة أو المعارضة للنظام، خصوصاً التي تبث من تركيا، والتي رصدت الأجهزة الأمنية زيادة نسبة مشاهدتها منزلياً خلال عام 2017، نتيجة اختلافها في المحتوى السياسي، وبثها المسلسلات التركية المحببة للجمهور المصري.
طوق النجاة الذي يرعى عملية تصنيعه "على نار هادئة" حالياً يتمثل في شبكة تلفزيونية جديدة ستدشن قبل نهاية العام، وفق المصادر، بأموال سعودية وإدارة سعودية - مصرية مشتركة، وبتنسيق عالي المستوى بين الدائرة الخاصة للسيسي والمستشارين الإعلاميين لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. ومن المرجح أن يترأسها المستشار الرياضي لبن سلمان ورئيس الهيئة العامة للرياضة في المملكة، تركي آل الشيخ، الذي قفز فجأة إلى المشهد المصري في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كعراب لاستثمارات سعودية واسعة النطاق في الرياضة المصرية، وتحديداً في "النادي الأهلي"، أشهر أندية مصر وأكبرها جماهيرية وأكثرها حصداً للبطولات المحلية والقارية.
ولن تكون الشبكة السعودية على شاكلة شبكة "إم بي سي" التي تخصص قناةً لمصر، كانت ولا تزال تبث برامج سياسية وترفيهية مصرية وتُنتج في مصر، بل ستكون الأولوية فيها للمحتوى المصري الموجّه للمصريين. إذ تمّ الاتفاق بالفعل مع عدد من كبار الإعلاميين الذين يقدمون البرامج السياسية العامة والرياضية على قناة "أون" المملوكة حالياً لشركة "إعلام المصريين" التابعة لشركة "إيجل كابيتال" التي تديرها دائرة السيسي الخاصة مباشرة بأموال المخابرات العامة، وكذلك إذاعة "دي آر إن" المملوكة حالياً لشركة "هوم ميديا" التابعة لشركة "فالكون" التي يديرها رجال أعمال بإشراف وزارة الداخلية.
وتوضح المصادر أنّ عملية إنشاء الشبكة الجديدة جاءت في الأساس بطلب من بن سلمان وآل الشيخ، في إطار سعي السعودية لتوسيع استثماراتها الإعلامية والرياضية في مصر. إذ كان من المقرر في البداية أن تقتصر الشبكة على المحتوى الرياضي، وتم الاتفاق بالفعل مع عدد من نجوم الإعلام الرياضي المصري على الانتقال للشبكة الجديدة.
اقــرأ أيضاً
لكن في وقت لاحق، طوّرت الفكرة لتوسع الشبكة نطاقها، في ظل اتجاه دائرة السيسي ووزيرة الاستثمار السابقة، داليا خورشيد، المديرة التنفيذية لشركة "إيجل كابيتال"، إلى التخفيف من الأعباء المالية التي أورثها إياهم رجل الأعمال المقرب من النظام، أحمد أبوهشيمة، نتيجة إنفاقه مئات الملايين من الدولارات على مشروع "إعلام المصريين"، من دون تحقيق أي أرباح تذكر.
فشركة "إيجل كابيتال" التي ظهرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي كصندوق مجمع لاستثمارات المخابرات العامة بشكل أساسي، فضلاً عن أموال عدد من هيئات الجيش ورجال أعمال مقربين للنظام، أصبحت المالك الحصري لشركة "إعلام المصريين" التي ترأّس مجلس إدارتها أبوهشيمة. ثم امتلكت مجموعة من أبرز وسائل الإعلام المصرية حالياً كشبكة قنوات "أون" وصحيفتي "اليوم السابع" و"صوت الأمة" ووكالتي "بريزينتيشن سبورت" و"بي أو دي" والتي تملك حقوق بث حصرية لبطولات رياضية وبرامج سياسية وعقوداً قصيرة الأجل مع إعلاميين من فئة النجوم، على رأسهم عمرو أديب ومدحت شلبي، إلى جانب ملكية الصندوق من البداية لمشروعات أخرى على رأسها قنوات "دي إم سي" وراديو "9090" وموقع "مبتدا" الإلكتروني.
وكان من الأسباب المباشرة لإطاحة أبوهشيمة وتولي دائرة السيسي قيادة هذه المجموعة مباشرة، بواسطة وزيرة الاستثمار السابقة (زوجة محافظ البنك المركزي الحالي طارق عامر)، أن السياسة المالية التي أدار بها أبوهشيمة المجموعة لم تعد ملائمة للتطلعات والإمكانيات أيضاً. إذ تسبب اندفاعه في دفع مئات الملايين من الجنيهات لاستقدام نجوم الرياضة والفن وإنتاج برامج خاصة بهم فضلاً عن إنتاج بعض المسلسلات عالية التكلفة، في تحقيق خسائر متتالية للمجموعة، وبصفة خاصة شبكة قنوات "أون"، وصلت إلى نحو نصف مليار جنيه، في الوقت الذي تسير فيه الصحف على نحو جيد رغم ضعف التوزيع نتيجة حصول مواقعها الإلكترونية على عدد قراء عال ونجاحها في استقطاب معلنين ثابتين وناجحين.
ولذلك حاولت الأجهزة السيادية طرح أسهم "إعلام المصريين" في البورصة منذ 2016، وتعاقدت مع بنك استثماري لتولي عملية إعادة هيكلة المجموعة الإعلامية. إلاّ أن محاولات تخفيض الخسائر باءت بالفشل، مما دفع شركاء أبوهشيمة لتحذيره مراراً من اتباع سياسات تؤدي لزيادة الخسائر، وهو ما أدى لخلاف في الرؤى، تطور في الأشهر الأخيرة لممارسة القيادات الوسيطة بين الجهات المالكة ومديري وسائل الإعلام ضغوطاً لتحجيم نشر أخبار أبوهشيمة وتقليل معدلات ظهوره بعدما كان قد تحول إلى نجم في عالم الأعمال والرياضة والفن.
هذه الخسائر المالية دفعت "إيجل كابيتال" ومسيّريها الحقيقيين إلى الترحيب بدخول الشبكة السعودية الجديدة إلى السوق. ففي الأفق أفكار للتعاون بين الطرفين مالياً، وهناك ضمان لاستمرار بث الخطاب الإعلامي الموحد الصادر من دائرة السيسي في برامج الشبكة السعودية عبر نجوم الإعلام الذين سينتقلون إليها. وفي الوقت نفسه ستضمن "إيجل كابيتال" تخفيف أعبائها المالية بترحيلها إلى الشبكة السعودية الجديدة التي يبدو مديروها، وعلى رأسهم آل الشيخ، متحمّسين للاستثمار في مصر بصور عدة.
تؤكد المصادر أن من بين دوافع السعودية لاقتحام سوق الإعلام المصري هو إعجاب القيادة الجديدة في الرياض بنمط لتشارك بين الإمارات والجهات الحكومية ورجال الأعمال المصريين في مشروع شركة "بريزينتيشن للتسويق الرياضي" التي تملك حالياً حقوق الدعاية والرعاية للاتحاد المصري لكرة القدم وبطولاته وعدد من الأندية. إذ ترغب الرياض في تكرار هذا النمط التشاركي مالياً وإدارياً، ولكن في مشروعات إنشائية وإعلامية كبرى.
وتسيطر أجهزة السيسي حالياً على المستويين المالي والإداري على معظم شبكات القنوات الفضائية المصرية "أون"، "دي إم سي"، "سي بي سي"، "النهار"، "الحياة"، و"العاصمة"، مع بقاء شبكة "دريم" مملوكة لرجل الأعمال المديون للدولة والمتعثر أحمد بهجت، وقناة "القاهرة والناس" مملوكة لرجل الدعاية الموالي للنظام طارق نور.
طوق النجاة الذي يرعى عملية تصنيعه "على نار هادئة" حالياً يتمثل في شبكة تلفزيونية جديدة ستدشن قبل نهاية العام، وفق المصادر، بأموال سعودية وإدارة سعودية - مصرية مشتركة، وبتنسيق عالي المستوى بين الدائرة الخاصة للسيسي والمستشارين الإعلاميين لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. ومن المرجح أن يترأسها المستشار الرياضي لبن سلمان ورئيس الهيئة العامة للرياضة في المملكة، تركي آل الشيخ، الذي قفز فجأة إلى المشهد المصري في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كعراب لاستثمارات سعودية واسعة النطاق في الرياضة المصرية، وتحديداً في "النادي الأهلي"، أشهر أندية مصر وأكبرها جماهيرية وأكثرها حصداً للبطولات المحلية والقارية.
ولن تكون الشبكة السعودية على شاكلة شبكة "إم بي سي" التي تخصص قناةً لمصر، كانت ولا تزال تبث برامج سياسية وترفيهية مصرية وتُنتج في مصر، بل ستكون الأولوية فيها للمحتوى المصري الموجّه للمصريين. إذ تمّ الاتفاق بالفعل مع عدد من كبار الإعلاميين الذين يقدمون البرامج السياسية العامة والرياضية على قناة "أون" المملوكة حالياً لشركة "إعلام المصريين" التابعة لشركة "إيجل كابيتال" التي تديرها دائرة السيسي الخاصة مباشرة بأموال المخابرات العامة، وكذلك إذاعة "دي آر إن" المملوكة حالياً لشركة "هوم ميديا" التابعة لشركة "فالكون" التي يديرها رجال أعمال بإشراف وزارة الداخلية.
وتوضح المصادر أنّ عملية إنشاء الشبكة الجديدة جاءت في الأساس بطلب من بن سلمان وآل الشيخ، في إطار سعي السعودية لتوسيع استثماراتها الإعلامية والرياضية في مصر. إذ كان من المقرر في البداية أن تقتصر الشبكة على المحتوى الرياضي، وتم الاتفاق بالفعل مع عدد من نجوم الإعلام الرياضي المصري على الانتقال للشبكة الجديدة.
لكن في وقت لاحق، طوّرت الفكرة لتوسع الشبكة نطاقها، في ظل اتجاه دائرة السيسي ووزيرة الاستثمار السابقة، داليا خورشيد، المديرة التنفيذية لشركة "إيجل كابيتال"، إلى التخفيف من الأعباء المالية التي أورثها إياهم رجل الأعمال المقرب من النظام، أحمد أبوهشيمة، نتيجة إنفاقه مئات الملايين من الدولارات على مشروع "إعلام المصريين"، من دون تحقيق أي أرباح تذكر.
فشركة "إيجل كابيتال" التي ظهرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي كصندوق مجمع لاستثمارات المخابرات العامة بشكل أساسي، فضلاً عن أموال عدد من هيئات الجيش ورجال أعمال مقربين للنظام، أصبحت المالك الحصري لشركة "إعلام المصريين" التي ترأّس مجلس إدارتها أبوهشيمة. ثم امتلكت مجموعة من أبرز وسائل الإعلام المصرية حالياً كشبكة قنوات "أون" وصحيفتي "اليوم السابع" و"صوت الأمة" ووكالتي "بريزينتيشن سبورت" و"بي أو دي" والتي تملك حقوق بث حصرية لبطولات رياضية وبرامج سياسية وعقوداً قصيرة الأجل مع إعلاميين من فئة النجوم، على رأسهم عمرو أديب ومدحت شلبي، إلى جانب ملكية الصندوق من البداية لمشروعات أخرى على رأسها قنوات "دي إم سي" وراديو "9090" وموقع "مبتدا" الإلكتروني.
وكان من الأسباب المباشرة لإطاحة أبوهشيمة وتولي دائرة السيسي قيادة هذه المجموعة مباشرة، بواسطة وزيرة الاستثمار السابقة (زوجة محافظ البنك المركزي الحالي طارق عامر)، أن السياسة المالية التي أدار بها أبوهشيمة المجموعة لم تعد ملائمة للتطلعات والإمكانيات أيضاً. إذ تسبب اندفاعه في دفع مئات الملايين من الجنيهات لاستقدام نجوم الرياضة والفن وإنتاج برامج خاصة بهم فضلاً عن إنتاج بعض المسلسلات عالية التكلفة، في تحقيق خسائر متتالية للمجموعة، وبصفة خاصة شبكة قنوات "أون"، وصلت إلى نحو نصف مليار جنيه، في الوقت الذي تسير فيه الصحف على نحو جيد رغم ضعف التوزيع نتيجة حصول مواقعها الإلكترونية على عدد قراء عال ونجاحها في استقطاب معلنين ثابتين وناجحين.
ولذلك حاولت الأجهزة السيادية طرح أسهم "إعلام المصريين" في البورصة منذ 2016، وتعاقدت مع بنك استثماري لتولي عملية إعادة هيكلة المجموعة الإعلامية. إلاّ أن محاولات تخفيض الخسائر باءت بالفشل، مما دفع شركاء أبوهشيمة لتحذيره مراراً من اتباع سياسات تؤدي لزيادة الخسائر، وهو ما أدى لخلاف في الرؤى، تطور في الأشهر الأخيرة لممارسة القيادات الوسيطة بين الجهات المالكة ومديري وسائل الإعلام ضغوطاً لتحجيم نشر أخبار أبوهشيمة وتقليل معدلات ظهوره بعدما كان قد تحول إلى نجم في عالم الأعمال والرياضة والفن.
هذه الخسائر المالية دفعت "إيجل كابيتال" ومسيّريها الحقيقيين إلى الترحيب بدخول الشبكة السعودية الجديدة إلى السوق. ففي الأفق أفكار للتعاون بين الطرفين مالياً، وهناك ضمان لاستمرار بث الخطاب الإعلامي الموحد الصادر من دائرة السيسي في برامج الشبكة السعودية عبر نجوم الإعلام الذين سينتقلون إليها. وفي الوقت نفسه ستضمن "إيجل كابيتال" تخفيف أعبائها المالية بترحيلها إلى الشبكة السعودية الجديدة التي يبدو مديروها، وعلى رأسهم آل الشيخ، متحمّسين للاستثمار في مصر بصور عدة.
تؤكد المصادر أن من بين دوافع السعودية لاقتحام سوق الإعلام المصري هو إعجاب القيادة الجديدة في الرياض بنمط لتشارك بين الإمارات والجهات الحكومية ورجال الأعمال المصريين في مشروع شركة "بريزينتيشن للتسويق الرياضي" التي تملك حالياً حقوق الدعاية والرعاية للاتحاد المصري لكرة القدم وبطولاته وعدد من الأندية. إذ ترغب الرياض في تكرار هذا النمط التشاركي مالياً وإدارياً، ولكن في مشروعات إنشائية وإعلامية كبرى.
وتسيطر أجهزة السيسي حالياً على المستويين المالي والإداري على معظم شبكات القنوات الفضائية المصرية "أون"، "دي إم سي"، "سي بي سي"، "النهار"، "الحياة"، و"العاصمة"، مع بقاء شبكة "دريم" مملوكة لرجل الأعمال المديون للدولة والمتعثر أحمد بهجت، وقناة "القاهرة والناس" مملوكة لرجل الدعاية الموالي للنظام طارق نور.
وتتزامن هذه الاستعدادات مع تصعيد أجهزة الرئيس عبدالفتاح السيسي ضد مختلف وسائل الإعلام لإحكام السيطرة عليها. وآخرها كان الاستحواذ على حصة رجل الأعمال نجيب ساويرس المقدرة بثلث إجمالي أسهم صحيفة "المصري اليوم"، ثم فرض تغيير رئيس تحريرها الأسبوع الماضي، على خلفية نشر الصحيفة عنواناً عن حشد الدولة للناخبين للمشاركة في انتخابات الرئاسة. وكذلك إغلاق موقع "مصر العربية" الإلكتروني الذي كان من المنصات الإعلامية النادرة بعيداً عن السيطرة المباشرة وحبس رئيس تحريره عادل صبري.