تتزامن أعياد الميلاد المجيدة في فلسطين، مع استمرار الهبّة الجماهيرية الفلسطينية التي اندلعت منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهذا ما يلقي بظلاله الحزينة على مدينة مهد المسيح التي قدمت عددا من الشهداء والجرحى.
في بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، اختارت لجان المقاومة الشعبية طريقة غير تقليدية لتحتفل هذا العام بعيد الميلاد المجيد من أجل تسليط الضوء بشكل كبير على معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة احتلال لم يترك لهم لا كبيرة ولا صغيرة إلا وضيّق عليها.
"شجرة الحياة مقاومة"، هي شجرة الميلاد الجديدة على الطريقة الفلسطينية، تتوسط ساحة المهد في مدينة المسيح عليه السلام، أحضرها نشطاء لجان المقاومة الشعبية من منطقة "بير عونة" بمدينة بيت جالا، شمالي المدينة، كانت هي الأخرى قد تعرضت لانتهاك كبير مع عشرات الأشجار الرومانية القديمة والمعمرة التي اقتلعها الاحتلال في المنطقة هناك منتصف أغسطس/ آب الماضي لصالح المسار الجديد للجدار العازل.
ويقول الناشط الحقوقي في لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية، فريد الأطرش، لـ"العربي الجديد"، إن عملية إضاءة شجرة الزيتون المعمرة التي قطعها الاحتلال في مدينة بيت جالا، هي إظهار لرسالة الميلاد المجيد، وليرى العالم جملة من الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشجر والبشر والحجر في المدينة وبقية المدن الفلسطينية الأخرى.
وعلى شجرة الحياة، علّق الفلسطينيون صورا لشهداء مدينة بيت لحم الذين قتلهم جنود الاحتلال في الهبّة الجماهيرية الحالية، وأخرى تسلّط الضوء على قضية الطفل الفلسطيني الأسير أحمد مناصرة، وكذلك صورا لعمليات المقاومة الشعبية وقمعها من قبل الاحتلال، إضافة إلى مجسّم يجسّد جدار الفصل العنصري الذي يفصل كنيسة المهد في بيت لحم عن كنيسة القيامة في مدينة القدس المحتلة، وبوابة حديدية اقتلعها الفلسطينيون بعدما وضعها الاحتلال لتمنع المزارعين عن الوصول إلى أراضيهم في بيت جالا، لتكون رسالة واضحة المعالم للحجيج المسيحيين الذين يتجولون في ساحة المهد.
وبحسب الأطرش، فإن شجرة الزيتون المعمّرة تحمل عدة رسائل للعالم، إذ إن مدينة المسيح عليه السلام محاصرة من الجدار والاستيطان، وانتهاكات جنود الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق أهالي المدينة، وفي ظل هذه الانتهاكات يريد الفلسطينيون إرسال رسالة للعالم بأنهم سيحتلفون ويفرحون بالعيد رغم أن الاحتلال لا يريد لهم ذلك.
وأضاف: "نرغب من خلال شجرة الميلاد الفلسطينية أيضا أن نثير قضية الطفل الفلسطيني أحمد مناصرة، والذي يقبع خلف سجون الاحتلال في ظروف اعتقال قاسية ومخالفة للأنظمة الدولية، إضافة إلى تسليط الضوء على جدار الفصل العنصري الذي يحاصر المدينة ويمنع الاحتفالات بعيد الميلاد، ويمنع وصول الحجاج إلى مدينة القدس وبيت لحم ويقيّد حرية العبادة المكفولة بالشرائع الدولية عند المسلمين والمسيحيين".
وأضاء زوار المدينة الشموع على شجرة "الحياة مقاومة" ابتهاجا بميلاد المسيح، داخل قنابل الغاز التي يستخدمها جنود الاحتلال الإسرائيلي في قمع الفلسطينيين الذين يخرجون في تظاهرات احتجاجية على تواصل الانتهاكات والجرائم والاعتداءت التي يرتكبها جيش الاحتلال ذاته بحقهم في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
اقرأ أيضا:روح الميلاد.. ألفة وتسامح يحتاج لهما العالم بشدة