معاون مدير دائرة البيئة والمخلفات الصلبة في أمانة بغداد، وسمي عبد الأمير، أوضح في تصريح أورده التلفزيون العراقي الحكومي أن أمانة بغداد تدرس عروضا مقدمة من 28 شركة أجنبية لشراء النفايات وتحويلها إلى طاقة كهربائية، ضمن مشروع متكامل الأجزاء يبدأ من سحب النفايات مرورا باستخدامها وصولا إلى توليد الكهرباء وتجهيزها للمنازل".
وبيّن أن الأمانة طالبت الامانة العامة لمجلس الوزراء بضرورة الإسراع بحسم رأيها في العروض وإحالة قطاع النفايات إلى الاستثمار بشكل كامل".
تأتي هذه التطورات فيما تعاني بغداد منذ سنوات طويلة من مشكلة تكدس النفايات وصعوبة التخلص منها رغم وجود 8 مواقع للطمر الصحي في محيط العاصمة، إلا أن تلك المواقع تسببت، بحسب وزارتي البيئة والصحة، بمشكلات صحية وأمراض سرطانية للساكنين قرب مواقعها.
كما أن المطامر تشكل خطرا على حزام بغداد الأخضر، وباتت روائحها مؤذية للسكان، بعدما تحولت إلى بيئة جاذبة للحشرات والقوارض والأمراض، خصوصاً للذين يقصدونها بهدف البحث عن مواد نافعة لهم لبيعها، وهم من يُعرَفون بالعراق شعبياً باسم "العتّاكة" وتعني "أهل العتيق".
عبد الأمير أوضح أن العروض الاستثمارية تشمل 3 أشكال: الأول تحويل ألفَي طن يوميا، والثاني 5 آلاف طن يوميا، والثالث استثمار جميع نفايات العاصمة التي تراوح كميتها بين 8 و9 آلاف طن يوميا لسد حاجة بغداد كليا من الطاقة الكهربائية.
ولفت إلى أن "الهدف من إحالة قطاع النفايات إلى الاستثمار، هو توفير الأموال المخصصة شهريا لطمر النفايات والبالغة 250 مليون دينار نحو (200 ألف دولار) بالرغم من عدم الحصول على موافقات بيئية من وزارة الصحة لموقعَي طمر أبو غريب والنباعي غرب بغداد وشمالها، واللذين يستقبلان يوميا أكثر من 8 آلاف طن من النفايات، إضافة إلى تقليل نسب التلوث وانتشار الأمراض والأوبئة التي قد تخلفها مواقع الطمر الصحي".
وأشار إلى أن إحدى الشركات قدّمت عرضا لشراء الطن الواحد من النفايات بمبلغ خمسة دولارات ومن ثم تبيع الطاقة المنتجة لصالح وزارة الكهرباء بـ4.5 سنتات لكل كيلوواط، اذ تشير الإحصاءات إلى ان استيراد الكيلوواط من دول الجوار بـ11 سنتا والأمانة أعدت ثمانية معايير لاختيار الجهة المقدمة، هي تحديد كلفة التنفيذ، وطريقة التعبئة المستخدمة، وكمية الطاقة الكهربائية المنتجة، والجانب الاقتصادي، واختزال الوقت والعمل بالنسبة للجهد الآلي والبشري".
مصادر حكومية عراقية في بغداد أكدت لـ"العربي الجديد"، أن التأخير في حسم تلك العروض يعود إلى أنها في حال الموافقة عليها ستتقاطع مع خطة وزارة الكهرباء لتوفير الطاقة بالعراق والتي تعاني حاليا من نقص يتجاوز 60%.
مصدر في أمانة مجلس الوزراء قال إن العراق ينتظر إنجاز جميع فقرات الاتفاق مع شركتَي "جنرال إلكتريك" و"سامسونغ" بهدف توقيع عقود رسمية للعمل على مشاريع طاقة ضخمة، لذا فإن وزارة الكهرباء معنية بالدرجة الأولى في موضوع حاجتها لمشاريع مثل هذه وطبيعة الشركات التي ستعمل عليها وما إذا كان يمكن للشركتين القيام بذلك بدلاً من استقدام شركات أخرى، وهي أفكار لا تزال قيد الدراسة.
الخبير في شؤون الطاقة، محمد عدنان عبيد، قال لـ"العربي الجديد"، إن المشروع حديث عموما، وغالبية الدول المتقدمة باتت تلجأ إلى تقنية التخلص من النفايات والاستفادة منها في توليد الكهرباء، بآليات صديقة للبيئة، مع ضمان ألا تتكلف الدولة أعباء الوقود أو أي موارد أخرى، إلا أن قدرة المحطات التوليدية ليست كافية لتغطية حاجة بغداد التي ستبقى بحاجة إلى مصادر كهرباء أخرى.
وقال: "لذا أجد أن المشروع ممتاز لو يُخصص لضواحي بغداد، بمعنى أن تُعزل طاقة ضواحي العاصمة، وتُخصّص لها طاقة المحطات الجديدة التي تعمل بالنفايات، وبالتالي تكون تلك المناطق قد تخلصت من مشكلة مواقع الطمر وحصل سكانها على فرص عمل مع تمتعهم بتيار كهربائي مستدام.
ولفت إلى أن بغداد وحدها تُنتج يوميا نحو 10 آلاف طن نفايات، ويمكن تحويل هذه المشكلة إلى نعمة تُستغل جيداً، مع تأكيده أن نحو ألفَي شخص يعملون في قطاع النفايات في بغداد وإدارتها، ويمكن الاستغناء عن نصفهم في حال بدء المشروع وتحويل العدد نفسه إلى خطوط نقل للنفايات وفرزها وتحويلها وتدويرها.