ورغم توفّر الدعم الدولي الكبير، إلا أن القوات العراقية لم تحقّق التقدّم المنشود مع مرور شهرين على بدء عمليات عسكرية واسعة، لاستعادة الأنبار من سيطرة "داعش"، الذي لا يزال ناشطاً بشكل كبير، خصوصاً مع الازدياد الواضح في العمليات الانتحارية، بواسطة الدروع والدبابات، التي يستولي عليها من الجيش. وهو ما بات يُمثل نقطة ضعف القوات العراقية بشكل كبير. وأدت عمليات التنظيم إلى استنزاف الجيش العراقي لقدراته البشرية والمادية، كما استُنزفت المليشيات أيضاً، بفعل المعارك التي اتسعت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
في الأنبار، تبنّى "داعش" هجوماً انتحارياً أودى بحياة أهم قائدين بالجيش، وهما معاون قائد قوات الجيش اللواء عبد الرحمن أبو رغيف، وقائد الفرقة العاشرة اللواء سفين عبد المجيد. وذكر التنظيم في بيانٍ له، أن "التفجير كان عبارة تفجير أربع عربات مفخخة وهجوم مسلح برشاشين ثقيلين". وذكر البيان أن "المنفذين الستة هم ألماني وتونسي وسعودي وسوري وطاجيكي وفلسطيني من غزة"، وأنهم "قُتلوا جميعاً في الهجوم".
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول لوكالة "فرانس برس"، أنه "أثناء تقدّم قواتنا من المحور الشمالي للرمادي في منطقة الجرايشي، تقدمت عربة مفخخة باتجاه قواتنا". وأضاف أنه "تمّ الردّ على العربة، لكن انفجارها أدى إلى استشهاد أبو رغيف وعبد المجيد".
اقرأ أيضاً: طائفية مصطنعة في العراق.. قصة من الواقع
وقال المتحدث باسم الجيش العراقي، العميد يحيى الزبيدي، عبر التلفزيون المحلي، إن "الجيش لن يوقف العمليات وسنواصل التقدم". وكان قائد عمليات الأنبار اللواء الركن قاسم المحمداوي، قد أُصيب الأحد الماضي بجروح، خلال المعارك الدائرة قرب الرمادي.
وعدا العملية الانتحارية، فقد سقط 15 جندياً آخرين، بهجمات صاروخية في الأنبار، وفقاً لبيان وزارة الدفاع العراقية، أمس الخميس. كما أكدت مصادر عسكرية أن "داعش تقدّم في المحور الغربي للرمادي، باسطاً سيطرته على عددٍ من الأحياء السكنية وقرية مجاورة". وأبلغ زعيم قبلي في الأنبار "العربي الجديد"، أنه "سقط لداعش، حوالي 70 قتيلاً وجريحاً، معظمهم بغارات التحالف الدولي خلال الساعات الماضية، إلا أن ذلك لم يؤثر على تقدمهم أو أمساكهم مناطق جديدة".
كما أحكم مقاتلو التنظيم سيطرتهم على ما تبقى من مدينة بيجي (210 كيلومترات شمالي بغداد)، واضطر الجيش والمليشيات للانسحاب من المدينة إلى محيطها، بعد وقوع خسائر كبيرة بصفوفهم. وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من 40 قتيلاً وجريحاً سقط في المعارك".
علماً أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أكد يوم الثلاثاء، أن "معركة السيطرة على بلدة بيجي ومصفاتها النفطية، وهي المصفاة الأكبر في العراق، هي معركة حاسمة في القتال ضد داعش". وأضاف أن "الانتصار في معركة بيجي وتحريرها بشكل كامل مهم جداً، لأنها تُعتبر فصلاً مهماً جداً في كسب المعركة النهائية ضد العصابات الإرهابية".
وفي الفلوجة، نجح التنظيم باستعادة ما خسره الشهر الماضي من أراضٍ في مناطق ذراع دجلة والصبيحات والتمايمة، وفقاً لمصادر محلية. وعكس مناطق غرب العراق، نجحت قوات "البشمركة" الكردية من تحقيق تقدمٍ مهمٍ، في استعادة سيطرتها على داقوق وتل البصل والخناجر والهجر، جنوبي كركوك، بعد حملة عسكرية أطلقتها فجر يوم الأربعاء، بدعم من التحالف الدولي. وذكر قائد "البشمركة" العقيد حاجي عمر، أن "داعش تراجع تجنّباً للخسائر، بسبب قوة الحملة".
ويتوقع خبراء عراقيون أن "تكون هناك صعوبة بالغة في المعارك، في حال لم يتمكن الجيش والمليشيات من الانتقال لمرحلة الهجوم، وتسلّمهم زمام المبادرة في المعارك، بسبب طبيعة تلك المناطق بالشتاء، ما يجعل تكيّف مسلّحي داعش، في موقع المُدافع، ومتكيّفين مع الظروف".
ويقول العميد الركن المتقاعد والخبير بالشؤون العسكرية العراقية محمد حسين الوادي، لـ"العربي الجديد"، إنه "على القوات العراقية تحقيق تقدم قبل بدء الشتاء بالعراق في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فالمهمة حينها ستكون غير سهلة، ويجب أن نسارع بالهجوم". كما شدّد على "ضرورة تكثيف التحالف غاراته، فهناك مناطق سيكون من المستحيل دخولها عند حلول الشتاء، في حال تحصّن داعش فيها، كمناطق شمال وشرق الرمادي وجنوب الفلوجة".
وذكر أن "خطة وزير الدفاع في استمرار المعارك بالأنبار وصلاح الدين غير صحيحة، وهو تشتيت للجهود. وعليه أن يعيد النظر بالخطط ويركز على مدينة تلو الأخرى، وهو ما نصحه الأميركيون به من قبل، لكنه لم يستمع لهم، محاولاً صناعة نصر يحسب لنفسه في خضم التغييرات الوزارية الحالية بالعراق".
اقرأ أيضاً: العراق يعلن أرقاماً تقريبية لعدد السكان