28 اغسطس 2016
شهيدات الخبز في المغرب
شكلت حادثة الصويرة في المغرب كارثة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث تناقلت كبريات الصحف والقنوات صور الفاجعة، وكانت الحصيلة جد ثقيلة هذه المرة، أزيد من 15 أمرأة قضت نحبها جرّاء تدافع مئات من النساء، ما يشكل ناقوس خطر حقيقي دشن لثورة صامتة، بطلاتها شهيدات الخبز في المغرب.
وهي اللحظة التي يعيد لنا التاريخ إنتاج نفسه من خلال تلك اللحظة، مذكّرا إيانا بـ "شهداء كوميرا" وهو المصطلح السياسي الذي أطلقه الرجل القوي، إدريس البصري، على أحداث الدار البيضاء بداية الثمانينات خلال الانتفاضة التي تزعمتها إحدى المركزيات النقابية آنذاك، وجاءت رد فعل على سياسة المخزن باللجوء إلى الخيارات السهلة، وهي الزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية كالدقيق والسكر والزيت، ما عجل باندلاع أحداث سنة 1981 التي تشكل محطة سوداء في تاريخ مغرب سنوات الرصاص. وما أشبه الأمس باليوم، على الرغم من اختلاف الزمان والمكان وتغيير الكومبارس. لكن الحصيلة واحدة وهي الموت الذي يحصد أرواح الأبرياء، نتيجة سياسات اجتماعية فاشلة لم تبرح مكانها ولم تطور ميكانيزماتها، ولم تنجح في تأهيل البشر ولم تحقق تنمية المغرب، على الرغم من سياسات تقشف مزمنة، لم يكتب معها تعافي الاقتصاد الوطني.
هناك مخططات ظلّت مجرد شعارات رنانة، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصناديق سوداء وبيضاء حمل اسم بعضها، صندوق التنمية القروية، و يشرف عليه وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، مهندس مخطط المغرب الأخضر. وسبق أن صدر بخصوص هذا الصندوق تقريرا، قال فيه إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات في المغرب، إن صعوبات "تعترض تنفيذ مشاريع التنمية القروية التي رصدت لها ميزانية تصل إلى 50 مليار درهم (حوالي 5 مليار دولار) خلال ست سنوات فقط". ولم تستثمر فيه إلا ميزانيات هزيلة، لتنجلي بعد أشهر للعالم صور مآسٍ، لم يتم تسجيلها حتى في مخيمات وملاجئ النزوح الجماعي لدول عاشت الويلات جراء الحروب والكوارث الطبيعية.
ثورة جياع المغرب هذه أو شهيدات "كوميرا" في الصويرة، تشكل بالنسبة للجميع اليوم لحظة مفصلية لمساءلة الذات حول من تقع عليهم مسؤولية موت أولئك النسوة اللائي خرجن لتحصيل قفة إحسانية لا تتجاوز قيمتها 15 دولارا، ولا تتعدّى محتوياتها كيس دقيق وقالبا من السكر على بعد أيام من دخول المغرب نادي الدول الفضائية بإطلاقه أول قمر تجسسي لتحصين محيطه الجيوسياسي.
في الطرف الآخر من معادلة التنمية، عمل إحساني يقلب الصورة بشكل معكوس تحت غطاء جمعوي وبمباركة السلطة المحلية، بطله ليس سوى الشيخ المقرئ، عبد الكبير الحديدي، الذي تجازو عمله هذا حدود النقد أوالثناء. لكنه يؤكد صدقية المثل الصيني "لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها"، ما يدفعنا إلى التساؤل حول المستفيد من نشر ثقافة التسول والإحسان بين المستضعفين في مشاهد تدمي القلوب في مغرب الهشاشة الاجتماعية في بلدٍ طالما طرح فيه سؤال: أين الثروة؟ وما مصير الثروة؟
وهي اللحظة التي يعيد لنا التاريخ إنتاج نفسه من خلال تلك اللحظة، مذكّرا إيانا بـ "شهداء كوميرا" وهو المصطلح السياسي الذي أطلقه الرجل القوي، إدريس البصري، على أحداث الدار البيضاء بداية الثمانينات خلال الانتفاضة التي تزعمتها إحدى المركزيات النقابية آنذاك، وجاءت رد فعل على سياسة المخزن باللجوء إلى الخيارات السهلة، وهي الزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية كالدقيق والسكر والزيت، ما عجل باندلاع أحداث سنة 1981 التي تشكل محطة سوداء في تاريخ مغرب سنوات الرصاص. وما أشبه الأمس باليوم، على الرغم من اختلاف الزمان والمكان وتغيير الكومبارس. لكن الحصيلة واحدة وهي الموت الذي يحصد أرواح الأبرياء، نتيجة سياسات اجتماعية فاشلة لم تبرح مكانها ولم تطور ميكانيزماتها، ولم تنجح في تأهيل البشر ولم تحقق تنمية المغرب، على الرغم من سياسات تقشف مزمنة، لم يكتب معها تعافي الاقتصاد الوطني.
هناك مخططات ظلّت مجرد شعارات رنانة، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصناديق سوداء وبيضاء حمل اسم بعضها، صندوق التنمية القروية، و يشرف عليه وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، مهندس مخطط المغرب الأخضر. وسبق أن صدر بخصوص هذا الصندوق تقريرا، قال فيه إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات في المغرب، إن صعوبات "تعترض تنفيذ مشاريع التنمية القروية التي رصدت لها ميزانية تصل إلى 50 مليار درهم (حوالي 5 مليار دولار) خلال ست سنوات فقط". ولم تستثمر فيه إلا ميزانيات هزيلة، لتنجلي بعد أشهر للعالم صور مآسٍ، لم يتم تسجيلها حتى في مخيمات وملاجئ النزوح الجماعي لدول عاشت الويلات جراء الحروب والكوارث الطبيعية.
ثورة جياع المغرب هذه أو شهيدات "كوميرا" في الصويرة، تشكل بالنسبة للجميع اليوم لحظة مفصلية لمساءلة الذات حول من تقع عليهم مسؤولية موت أولئك النسوة اللائي خرجن لتحصيل قفة إحسانية لا تتجاوز قيمتها 15 دولارا، ولا تتعدّى محتوياتها كيس دقيق وقالبا من السكر على بعد أيام من دخول المغرب نادي الدول الفضائية بإطلاقه أول قمر تجسسي لتحصين محيطه الجيوسياسي.
في الطرف الآخر من معادلة التنمية، عمل إحساني يقلب الصورة بشكل معكوس تحت غطاء جمعوي وبمباركة السلطة المحلية، بطله ليس سوى الشيخ المقرئ، عبد الكبير الحديدي، الذي تجازو عمله هذا حدود النقد أوالثناء. لكنه يؤكد صدقية المثل الصيني "لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها"، ما يدفعنا إلى التساؤل حول المستفيد من نشر ثقافة التسول والإحسان بين المستضعفين في مشاهد تدمي القلوب في مغرب الهشاشة الاجتماعية في بلدٍ طالما طرح فيه سؤال: أين الثروة؟ وما مصير الثروة؟