صحافيات غزة على الحدود: التغطية مستمرة رغم الاستهداف

16 ابريل 2018
الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الطواقم الإعلامية (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
لم تقتصر تغطية الأحداث الميدانية المندلعة على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة على الصحافيين فقط، إذ ساندتهم في ذلك الصحافيات الفلسطينيات اللواتي اتخذن قراراً بفضح الممارسات الإسرائيلية، وتسليط الضوء على استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمتظاهرين العُزل.

حالات الاستهداف المباشر للطواقم الصحافية وإصابة نحو 30 صحافياً، إلى جانب استشهاد المصور الصحافي ياسر مرتجى في "الجمعة الثانية لمسيرات العودة"، كذلك لم تمنع الصحافيات من تقدم الصفوف بعد أن لبسن الدروع والخوذ المميزة بإشارة "صحافة"، إذ ظهرن في الميدان أمام كاميراتهن، ينقلن الرسائل المباشرة والتقارير المصورة.

مراسلة "تلفزيون فلسطين"، صفاء الهبيل، كانت واحدة من الصحافيات اللواتي بدأن بتغطية أحداث "مسيرات العودة" منذ اللحظة الأولى، وتقول إنه "من أصعب المهام التي نقوم بتأديتها انطلاقاً من عملنا الصحافي وواجبنا الوطني والإنساني، هي تغطية مسيرات العودة بنقاطها الخمس".
وعن السبب، توضح الهبيل لـ "العربي الجديد" أن الأوضاع على طول الشريط الحدودي "خطيرة للغاية"، إذ أن "الرصاص الحي يتطاير بشكل عشوائي، كذلك قنابل الغاز المسيل للدموع والتي لا تفرق بين متظاهر وصحافي"، مبينة أن جنود الاحتلال يستهدفون الطواقم الإعلامية التي لا تتوفر لهم أدنى مقومات الحماية بشكل مباشر، وتضيف أن "الدرع والخوذة لا يقيان من الرصاص الموجه للطواقم الصحافية".

وتعلم الهبيل والصحافيات الأخريات أن الطواقم الاعلامية مستهدفة لعرقلة عملها ومنعها من تغطية المظاهرات السلمية، وعلى الرغم من ذلك يستمررن في العمل ونقل الأحداث والاعتداءات وتوثيقها صوتًا وصورة.



أما المصورة الفوتوغرافية سمر أبوالعوف، فتحاول التركيز في تغطيتها للحدود الشرقية على دور المرأة الأم والممرضة والمشاركة بكل الوسائل المتاحة لها لإسناد التظاهرات السلمية، إلى جانب توثيق اعتداء الاحتلال على المتظاهرين العُزل، وإصابتهم إصابات خطرة وقاتلة.
وعن طبيعة أجواء التغطية على الحدود الشرقية، توضح أبوالعوف: "لم نعهد وقفات وتظاهرات سلمية بهذا الحجم والشكل من قبل، رغم أنني أقوم بتغطية مواجهات الحدود منذ 6 سنوات، خاصة مع تواجد عدد كبير من النساء والأطفال والفتيات والممرضات جنبا إلى جنب الشباب والمتظاهرين السلميين بأطيافهم كافة".

وتنبه أبوالعوف إلى أن الأوضاع خطرة، خاصة في ظل الاستهداف المستمر للصحافيين بشكل مباشر، مضيفة: "كنت ممن استهدفوا بشكل مباشر، في الجمعة الأولى من المواجهات، بقنابل الغاز من قبل طائرة سيّرها الاحتلال لإلقاء قنابل الغاز على المتظاهرين السلميين، من دون تفرقة بين صحافي أو طبيب أو ممرض أو طفل".
وترى أبوالعوف أن رسالتها سامية، وأنها صاحبة قضية ويجب أن توصل صورتها، ورسالة المتظاهرين السلميين، مؤكدة على أن الاعتداءات المباشرة والمقصودة للصحافيين "لا تزيدنا إلا إصراراً لإكمال مشوار الجرحى والشهداء، وكل من أصيب واستشهد أثناء تأدية واجبه وإيصال رسالته".

"التغطية على الحدود الشرقية محفوفة بالمخاطر"، توضح الصحافية إسلام الزعنون، على الرغم من احتياطات السلامة المهنية من لبس الخوذة والدرع وأيضاً الشارات الصحافية التي ترافقهما، مبينة أن الواجب المهني يدفع الصحافيين والصحافيات إلى التواجد في الميدان على الرغم من الاستهداف بشكل مباشر ومتكرر من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي.

وتبين الصحافية الزعنون التي أصيبت بحالة اختناق وهي تنقل رسالة مباشرة، أن تغطية الأحداث في ظل الأوضاع الحالية تعتبر "إنجازاً عظيماً يسجل للصحافيين الفلسطينيين الذين نقلوا الصورة بكل موضوعية، واستطاعوا أن يحولوا العناوين الرئيسية للإعلام الدولي والعربي والمحلي لصالح القضية الفلسطينية".

وتشير الزعنون لـ "العربي الجديد" إلى أن الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يفرق بين صحافي وسواه يضع الصحافيين أمام تحد كبير، إلا أن الصحافيين اختاروا نقل رسالتهم، مضيفة: "أركز في تغطيتي على إبراز جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المتظاهرين".



من ناحيتها، تؤكد المراسلة الصحافية فاطمة جبر العطاونة أن الطواقم الصحافية تتعرض للعديد من الاعتداءات أثناء تأدية واجبها الوطني والإنساني، وأن أجواء التغطية على الحدود "ينتابها نوع من الرهبة"، مشددة على أن شارات الصحافة لم تشفع لأصحابها عند جنود الاحتلال.
"حين أخرج من البيت، لا أكون متأكدة من إمكانية العودة مجدداً، لكننا نؤمن أننا نقوم برسالة سامية" تقول العطاونة لـ "العربي الجديد"، مضيفة أن الميدان الفلسطيني شاهد على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين، من دون احترام للاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى حمايتهم وعدم المساس بهم، وترجح أن سبب تلك الممارسات يرجع إلى ضعف الأجسام الصحافية التي تدافع عن الفلسطينيين في المحافل الدولية.

وتشدد العطاونة على مواصلة الصحافيين نقلهم للأحداث، على الرغم من الاستهداف المتواصل والمتعمد "الاستهداف لم ولن ينل من عزيمتنا، وسنواصل الطريق"، داعية الجهات المعنية إلى الوقوف بجانب الصحافيين الفلسطينيين وحمايتهم، ومحاسبة ومعاقبة من يقوم بانتهاك السلطة الرابعة.