يبدو أنه بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 في تونس، لم يعد التضييق على حرية الصحافة بالمعنى القانوني من القضايا التي تشغل البال، رغم الحرص على الحيطة والحذر من قبل الهياكل المهنية، والتحفز للدفاع عن حرية الصحافة واحد من أبرز مكاسب الثورة التونسية، ورغم بعض التضييقات التي مورست على بعض الصحافيين لجهة دعوتهم للمثول أمام القضاء وخاصةً العسكري منه، إلا أنه لم تسجل طيلة سنة 2016 حالة واحدة لسجن صحافي تونسي.
لكن الخطر الداهم على قطاع الإعلام بإذاعاته الخمس وثلاثين وتلفزيوناته الخمسة عشر وصحفه الورقية الخمسين ومواقعه الإلكترونية المتعددة بين الرسمي والخاص، يُخشى عليه اليوم أكثر من أي وقت مضى من الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها.
وهو ما دفع نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري إلى القول إن "أكبر تهديد لحرية الصحافة اليوم هو الهشاشة الاقتصادية التي يعانيها"، وهو ما تجسد في أكثر من 180 حالة طرد لصحافيين و480 حالة إعلام بعدم خلاص الأجور لمدة تتجاوز في بعض الأحيان الثلاثة أشهر، وفقاً للنقيب.
ودفع الصحافيون ثمن الوضع الاقتصادي الذي يعيشه القطاع، فعانوا من وضع مادي بائس
وصل بالبعض منهم إلى حدّ العجز عن شراء دواء. كما يعاني الكثير من الصحافيين، وخصوصاً أن جلّهم من المحافظات ويعملون في تونس العاصمة، من عدم القدرة حتى على دفع إيجار المنازل التي يسكنونها. وهي وضعية مأساوية يخشى الكثيرون، ومنهم الهياكل النقابية، أن تكون مدخلاً لاستغلال الصحافيين للعودة بهم إلى مربع الاستبداد الأول قبل الثورة، في معادلة رياضية صعبة: الصمت عن التجاوزات مقابل العمل وضمان دخل شهري.
وكان هذا أيضاً مدخلاً أحسن توظيفه أصحاب المؤسسات الإعلامية، لينتدبوا الصحافيين مقابل جرايات زهيدة، واستغله البعض الآخر في التخلص من الصحافيين والتقنيين من خلال إغلاق مؤسساتهم بحجة ضعف الموارد المالية الآتية أساساً من الإعلانات التجارية. ففي سنة 2016 أغلقت صحيفة "التونسية" اليومية ووجد العاملون فيها أنفسهم في بطالة إجبارية، وكذلك فعلت صحيفة "الضمير" اليومية.
كما أغلق راديو "كلمة" أبوابه. وحتى البعض من المؤسسات التي صمدت أمام هذا الوضع الاقتصادي الصعب، اختارت عدم الوفاء بالتزاماتها المالية أمام العاملين من صحافيين وتقنيين، ما اضطرهم إلى الاعتصام مرات عدة، مثلما حصل مع العاملين في إذاعتي "شمس أف أم" و"الرباط أف أم" وفي قناة "حنبعل تي في".
أمام كُل ذلك، طلبت الهياكل النقابية وجامعة مديري الصحف من الحكومة التونسية التدخل لإنقاذ هذه المؤسسات والعاملين فيها، وهي عملية قد تتضح معالمها في بداية 2017، خصوصاً أمام تلكؤ حكومة يوسف الشاهد الحالية وحكومة الحبيب الصيد قبلها في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع الأطراف الممثلة للصحافيين وأصحاب المؤسسات الإعلامية.
ولا تخفي الوضعية الاقتصادية عديد التجاوزات والاعتداءات التي مورست على الإعلاميين سنة 2016، والتي أكد "مركز تونس لحرية الصحافة" أنّها في تراجع، لكنها لم تنتف. وتتمثل في بعض الاعتداءات من قبل رجال الأمن على الصحافيين ومنعهم من العمل في بعض المواقع تحت مسمّى المحافظة على الأمن العام.
وفي عالم يقضي فيه الصحافي يومه متحرِّزًا مقص الرقيب أو تحت طائلة المساءلة، يُظهر مؤشر "مراسلون بلا حدود" تفوقًا إيجابيًا ملحوظًا لتونس بفارق 30 مرتبة خلال عام واحد، لتصبح في المرتبة 96 من أصل 180 بلدًا في التصنيف، متصدرة دول العالم العربي.
اقــرأ أيضاً
لكن الخطر الداهم على قطاع الإعلام بإذاعاته الخمس وثلاثين وتلفزيوناته الخمسة عشر وصحفه الورقية الخمسين ومواقعه الإلكترونية المتعددة بين الرسمي والخاص، يُخشى عليه اليوم أكثر من أي وقت مضى من الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها.
وهو ما دفع نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري إلى القول إن "أكبر تهديد لحرية الصحافة اليوم هو الهشاشة الاقتصادية التي يعانيها"، وهو ما تجسد في أكثر من 180 حالة طرد لصحافيين و480 حالة إعلام بعدم خلاص الأجور لمدة تتجاوز في بعض الأحيان الثلاثة أشهر، وفقاً للنقيب.
ودفع الصحافيون ثمن الوضع الاقتصادي الذي يعيشه القطاع، فعانوا من وضع مادي بائس
وكان هذا أيضاً مدخلاً أحسن توظيفه أصحاب المؤسسات الإعلامية، لينتدبوا الصحافيين مقابل جرايات زهيدة، واستغله البعض الآخر في التخلص من الصحافيين والتقنيين من خلال إغلاق مؤسساتهم بحجة ضعف الموارد المالية الآتية أساساً من الإعلانات التجارية. ففي سنة 2016 أغلقت صحيفة "التونسية" اليومية ووجد العاملون فيها أنفسهم في بطالة إجبارية، وكذلك فعلت صحيفة "الضمير" اليومية.
كما أغلق راديو "كلمة" أبوابه. وحتى البعض من المؤسسات التي صمدت أمام هذا الوضع الاقتصادي الصعب، اختارت عدم الوفاء بالتزاماتها المالية أمام العاملين من صحافيين وتقنيين، ما اضطرهم إلى الاعتصام مرات عدة، مثلما حصل مع العاملين في إذاعتي "شمس أف أم" و"الرباط أف أم" وفي قناة "حنبعل تي في".
أمام كُل ذلك، طلبت الهياكل النقابية وجامعة مديري الصحف من الحكومة التونسية التدخل لإنقاذ هذه المؤسسات والعاملين فيها، وهي عملية قد تتضح معالمها في بداية 2017، خصوصاً أمام تلكؤ حكومة يوسف الشاهد الحالية وحكومة الحبيب الصيد قبلها في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع الأطراف الممثلة للصحافيين وأصحاب المؤسسات الإعلامية.
ولا تخفي الوضعية الاقتصادية عديد التجاوزات والاعتداءات التي مورست على الإعلاميين سنة 2016، والتي أكد "مركز تونس لحرية الصحافة" أنّها في تراجع، لكنها لم تنتف. وتتمثل في بعض الاعتداءات من قبل رجال الأمن على الصحافيين ومنعهم من العمل في بعض المواقع تحت مسمّى المحافظة على الأمن العام.
وفي عالم يقضي فيه الصحافي يومه متحرِّزًا مقص الرقيب أو تحت طائلة المساءلة، يُظهر مؤشر "مراسلون بلا حدود" تفوقًا إيجابيًا ملحوظًا لتونس بفارق 30 مرتبة خلال عام واحد، لتصبح في المرتبة 96 من أصل 180 بلدًا في التصنيف، متصدرة دول العالم العربي.