وقال الصحافي اليميني إلداد باك إنه لولا هذه التوجهات الجديدة لما حرص القائمون على المتحف على عرض نسخة أثرية من "التناخ"، الكتاب الذي يضم التوراة ونصوصا دينية يهودية أخرى، في زاوية خاصة من زوايا المتحف.
وفي تقرير بعنوان "حدث تاريخي في أبوظبي"، نُشر جزء منه في عدد اليوم الأربعاء من الصحيفة، وتضمن انطباعاته عن جولته المتواصلة في إمارة أبو ظبي، ربط باك بين الاهتمام بالتراث الديني اليهودي واليهود في المتحف والتحول الذي طرأ على السياسة الخارجية لدولة الإمارات، وسلم الأولويات المعتمد من قبل حكامها.
وأشار موفد الصحيفة، التي تعد أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا والأكثر تعبيرا عن توجهات حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، إلى أن الذين يزورون المتحف يبدون اهتماما بالاطلاع على "التناخ"، الذي كتب في اليمن عام 1498، ووضع في الزاوية التي خصصت للنسخ الأثرية من الكتب المقدسة، منوها إلى أن "القائمين على المعرض حرصوا على إبراز أوجه الشبه بين التفاسير التي ألحقت بالكتب المقدسة لليهودية وتفاسير القرآن".
ولاحظ باك أن المتحف يعرض شاهد قبر بنت أحد الحاخامات اليهود، التي ماتت في القرن الثالث عشر، حيث تم وضع الشاهد إلى جانب شواهد قبور لمسلمين ومسيحيين.
ولفت الأنظار إلى أن ما يعبر عنه متحف أبوظبي تجاه اليهودية واليهود يتناقض تماما مع الاتجاهات التي تعبر عنها المرافق الثقافية في الإمارة، منوها إلى أن الكتب التي تزخر بها المكتبات هناك تعبر عن مواقف سلبية تجاه إسرائيل واليهود. واستدرك أن تدشين متحف "اللوفر أبو ظبي" يمثل خطوة أولية تجاه تغيير التعاطي مع إسرائيل واليهود.
ووصف باك الخطوة التي أقدمت عليها إمارة أبو ظبي بـ"الثورة" ، وتعبر عن تحول الإمارة "إلى رأس الحربة في المواجهة ضد المتطرفين الإسلاميين".
واعتبر المتحدث ذاته أن الحرص على تدشين "اللوفر أبوظبي" يعكس توجه القيادة السياسية للإمارات للقطع مع تاريخ الدولة، التي كانت تستثمر في بناء المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية في أرجاء العالم. وأضاف: "هذا التطور يأتي بعد عشرات السنين من الكراهية والإقصاء، فها هي اليهودية تعود إلى قلب العالم العربي".
وشدد على أن هذا التحول "ذو دلالة خاصة، على اعتبار أن دولة الإمارات كانت حتى قبل 20 عاما من الدول التي دعمت بشكل كبير حركة طالبان".
وعدّ باك افتتاح المتحف بالخطوة التي تمثل مظهرا من مظاهر الحرب التي تخوضها الإمارات ضد "الإرهاب الإسلامي". وأضاف: "لقد أدرك قادة الإمارات، وكذلك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأنه في حال لم يتحركوا ضد التطرف الذي صنعوه فإنه سينقلب عليهم".
وعزا التوجهات الثقافية الجديدة للإمارات إلى التحول الذي طرأ على سياساتها الخارجية، مشيرا إلى أن أبوظبي، إلى جانب السعودية والبحرين ومصر، تشارك في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأبرز الصحافي الإسرائيلي أن "هذه الدول قاطعت قطر بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين"، وهناك شراكة بين هذه الدول تهدف إلى "خنق اقتصاد الدولة التي كانت لها أختا"، على حد تعبيره.
ولفت باك الأنظار إلى أن "صناع القرار في الإمارات يترددون حتى الآن في إنهاء الأعمال لإقامة متحف آخر رديف لمتحف "غاغنهايم" اليهودي، الواقع في مانهاتن، في الولايات المتحدة"، ونقل عن مسؤول إماراتي قوله إن "رجل الشارع العربي لا يسلم بعد بأن يتم تدشين متحف يحمل اسما يهوديا في عاصمة عربية".
ومن المتوقع أن يتم نشر التقرير الكامل حول الزيارة في عدد بعد غد الجمعة.