في افتتاحية صحيفة "يولاندس بوستن"، التي تسبّبت في 2005 بأزمة الرسوم بنشرها الكاريكاتير الساخر من النبي محمد، شبّهت بين تنظيم "داعش" والسعودية، إذ قالت "إنه لأمر بالغ الأهمية أن نرى أن السعودية ليست أسوأ مما كانت عليه قبل نصف عام. إنه مجتمع القرون الوسطى، مثله مثل الدولة الإسلامية (داعش) يقطع يد السارق ويعاقب بالرجم متهمي الزنا".
ورأت الصحيفة، التي بشرت سابقاً بعلاقات اقتصادية وثيقة مع ولي العهد السعودي وسوقت لـ"إصلاحاته"، أنّ قتل جمال خاشقجي "بات يتطلب أيضًا موقفاً دنماركياً واضحاً". ويأتي طلب موقف دنماركي آخر في سياق تناول "يولاندس بوستن" لخطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بطريقة نقدية للغرب عن الحقيقة وما اعتبرته "توضيحاً لكيفية خرق السعودية للقانون الدولي والسلام العالمي، ويبدو أنه شيء خاطئ تماماً أن يظهر أردوغان كداعية في المجال".
وشككت "يولاندس بوستن" في افتتاحيتها المثيرة للانتباه في كوبنهاغن، بعد أشهر من دفاعها عن السعودية وتوجيه سهامها نحو قطر، بقدرة محمد بن سلمان أن يصبح ملكاً، وقالت "بات أمر يصعب مشاهدته في المستقبل المنظور، فهو في مواجهة كوارث في حرب اليمن وتداعيات اعتقال أعضاء من الأسرة الملكية في فندق فخم وقتله على ما يبدو لناقد صحافي مثل جمال خاشقجي، فحتى الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب لم يعد قادراً على المغامرة بالحفاظ عليه وحمايته ومساعدته على المدى الطويل".
وعددت الصحيفة بالتفصيل ما سمته "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لا تستثني فئة بممارسة قروسطية تشبه إلى حد بعيد ممارسات داعش، ويبدو أن حكومتنا في كوبنهاغن بدأت تتخلى عن ترددها، بعد أن رأينا في 2016 كيف أن وزراء وأفراداً من الأسرة الملكية (في الدنمارك) قاموا بزيارة إلى الرياض دون اهتمام بذلك السجل الحقوقي المخزي، فتصديرنا بأكثر من 7 مليارات كرونه (نحو مليار يورو) في السنة بدا أهم من الحقوق، لكن الوقت حان لكي تقوم الدنمارك بمراجعة سياساتها، وهو الأمر الذي بدأه أمس الثلاثاء وزير الخارجية باستدعاء متأخر للسفير السعودي للاحتجاج على عملية القتل".
وفي ذات السياق، ذهبت صحيفة "بيرلنغسكا" ليبرالية التوجه، والأقرب إلى الحزب الحاكم "فينسترا"، إلى استعراض ما جاء في كلمة أردوغان "فكـهرقل أثار أردوغان انتباه الجميع حين تحدث عن أهمية الوصول إلى الحقيقة العارية فيما خص النهاية الدموية للصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلده باسطنبول، وتوجُّه أصابع الاتهام إلى الرياض بإرسال 15 عنصراً من وحدة قتل للتخلص منه".
وذكرت بيرلنغسكا أنه "لا يمكن استبعاد أن الأسرة المالكة في السعودية، ولا سيما من يُطلق عليه (رجلٌ إصلاحيٌّ)، ولي عهد البلد محمد بن سلمان، هو الآمر المباشر لاغتيال خاشقجي".
ورأت الصحيفة أن تركيا مارست ضغوطاً كبيرة على السعودية بحيث ستضطر للاعتراف خلال الأسابيع القادمة بما جرى "وهذا سيطرح العديد من الأسئلة حول أحاديث محمد بن سلمان عن الإصلاحات في المملكة المحافظة جدًا، وسيجعل من كل ذلك الحديث مجرد دخان لتعمية الأبصار لأجل جذب رؤوس الأموال، ولكنه أبداً ليس إصلاحاً في ثقافة البلاد السلفية".
وأكّدت الصحيفة أنّ "الحاجة ماسة الآن لاتخاذ خطوات أوروبية وأميركية منسقة ترسل رسالة واضحة بأنه من غير المقبول إطلاقاً اغتيال المنتقدين. ويجد ترامب نفسه محرجاً حين يتحدث عن مليارات شراء السعودية للأسلحة، وخصوصاً مع توالي الأدلة بأن القتل جرى بسابق تصميم من أعلى الهرم الحاكم. وهنا في الدنمارك خيراً فعلت لجنة الشؤون الخارجية بإلغاء سفرها إلى الرياض والمشاركة بمؤتمر اقتصادي، وكذا استدعاء وزير الخارجية للسفير السعودي إلى وزارة الخارجية يوم أمس. وإذا أخذنا بالخطوات الأخرى ومسعى ألمانيا لتنسيق موقف أوروبي موحد، وخصوصاً لوقف تصدير السلاح، فإن آمال محمد بن سلمان تقديم نفسه كشخص متنور تنتهي حيث لا يمكن قبوله في منظومة دولية تحترم الحقوق والديمقراطية، فيما هو غارق في نظرة بشعة ومخيفة عن الحقيقة وقيمة البشر".
صحيفة "بي تي" كتبت في افتتاحيتها اليوم "التحديات التي تواجه الغرب اليوم أنه يريد الإيمان بالشباب السعودي من ناحية، ولكنه بنفس الوقت ما عاد يطيق أن يكون محمد بن سلمان هو في الواجهة". ورأت أنه "حتى لو قامت السعودية بخفض إنتاج النفط وجعلت الأسعار ترتفع وانتقمت في نواح تجارية بسبب موقف الغرب من قضية الصحافي خاشقجي، فيجب أن يكون واضحاً، حتى لو كان الرئيس الأميركي في صف بن سلمان، أنه لا يمكن اعتبار مثل هذه السلطة في السعودية صديقة للغرب".
ورأت صحيفة "سفنسكا داغبلاديت" السويدية أيضاً تحت عنوان لافت "قصة الإصلاحات تشبه كابوساً" أنه "وكأننا كنا أمام قصة من قصص ألف ليلة وليلة، عن ذلك الأمير السعودي الذي ظهر يحمل مشعل الإصلاح الموعود، ويعد بتحديث ومستقبل مضيء، لكننا أمام قتل خاشقجي نكون في حالة كابوس حين الحديث عن معجزة في الصحراء".