كرّست صحيفة "لاكَروا" الفرنسية صفحتها الأولى وملفاً من ثماني صفحات، في عدد اليوم الأربعاء للشعب السوري، تحت عنوان "باسم الضحايا السوريين".
وفي الصفحة الأولى افتتاحية وقّعتها فلورنس كوري، بعنوان "زمن العدالة"، كتبت فيها "سيأتي يومٌ تتوقف فيه الحرب. وسيكون، إذن، بالنسبة للسوريين، زمن إعادة البناء والإصلاح".
وأضافت "لا نجرؤ أن نتحدث عن المصالحة، ما دام أن هذا المنظور لا يزال يبدو بعيداً، بعد أيام من الهجوم الكيميائي المفترض على دوما، والمناورات التي جرت في الساعات الأخيرة لتأخير وصول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى عين المكان". ثم تحدّثت الافتتاحية عن لقاءات صحافيَيْن خلال ثلاثة أسابيع مع محققين وقضاة في المحاكم الأوروبية التي تم اللجوء إليها، وأيضاً مع ضحايا وعائلاتهم.
وأضافت الافتتاحية أن "كل واحد على مستواه يبني فعل الاتهام ضد النظام السوري. العناصر التي أضيفت إلى الملف عديدةٌ، والتي تتحدث عن حالات تعذيب واختفاء وقتل. وقد انضافت إلى العناصر التي جمعتها الأمم المتحدة، صُوَر وفيديوهات وشهادات، يجب التأكد منها، بصبر، ومقارنتها، من أجل تحديد المسؤوليات. ولهذا يحتاج كل من يساهم في كتابة قرار الاتهام إلى كثير من التفاني، وإلى كثير من الشجاعة، أيضاً".
واختتمت فلورنس كوري افتتاحيتها، بالقول "ولكن لا أحد ينوي التخلي عن هذه المعركة التي تخاض باسم كل الضحايا، مهما كان الجلاّدون. معركة تُخاضُ باسم كل السوريين".
وتضمّن الملف شهادات صادمة مع سوريين مدافعين عن حقوق الإنسان ومواطنين آخرين، بينهم مريم الحلاّق التي فقدت ابنها تحت التعذيب سنة 2012، في سن الخامسة والعشرين، وشابال الذي تعرّض للتعذيب في سجون الأسد، إضافةً إلى ضحايا آخرين للقمع الذي مارسته ماكينة الأسد، على مستوى واسع.
ولكن نهاية الصراع في سورية غير مؤكدة، إذ أن هؤلاء الضحايا يعلمون، كما قالت الصحيفة الفرنسية، "أنه يجب انتظار وقت طويل قبل بدء محاكمة نظام الأسد"، ولكنهم أيضاً "يواصلون معاركهم، متأكدين من أن سلاح القانون هو الوحيد الذي له قيمة، وهو الشرط الضروري لسورية وقد استعادت سكينتها". لكنهم "يأملون، على الأقل، بصدور مذكّرات توقيف ضد الجلاّدين تمنعهم من الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل السلام".
وقالت المدرّسة مريم الحلاق، المقيمة الآن في ألمانيا، والعضوة السابقة في حزب البعث، للصحافيين الفرنسيين: "كنت على علم بالفساد في سورية، ولكني كنت أجهل وجود تعذيب. وابني هو الذي فتح لي عينيَّ في بداية الثورة. فقد كان يرتاد صالات الإنترنت ويحضر لي وثائق وصوراً عن القمع".
وأضافت السيدة التي استطاعت أن تؤمّن، خارج سورية، مكانا لابنيها المتبقيين: "لست خائفة، وإذا ما متّ، لا يهم. من يدري، إن كان بشار سيحاكَم يوما؟ على الأقل سنكون قد جمعنا الأدلّة".
وتضمن الملف لقاء مع مؤسس ورئيس "المركز السورى للإعلام وحرية التعبير"، مازن درويش، والذي قضى ثلاث سنوات في سجون الأسد، والذي تقدم أيضاً بشكوى ضد نظام الأسد، يؤكد فيها أن "فظاعات تنظيم داعش أنست العالم جرائم بشار الأسد الواسعة".
وقال درويش إنّ "الديمقراطيين السوريين يرفضون هذا البديل العقيم"، مضيفاً أن "مطالبة نظام دمشق بالحساب، يظل الطريقة الوحيدة لمحاربة الإرهاب". معتبراً أن "تقديم شكوى ضد بشار الأسد فعلُ مقاوَمة. وهو بمعنى ما، رسالة إلى دمشق. هل سنفوز يوماً؟ أجهل الأمر، ولكني على ثقة. أنا من الذين يؤمنون بأن العدالة ستنتصر في النهاية. سيحدث الأمر في خمس سنوات، عشر سنوات، خمس عشرة سنة، أو أكثر. ربما لن أراها وأنا على قيد الحياة. أنا أدرج نفسي على المدى الطويل".
وأضاف "أدعو الضحايا إلى أن ينظموا أنفسَهم، وإلى أن يتجمعوا حتى لا تُنزَع منهم أسلحتهم. انظروا إلى أمهات المختفين في الأرجنتين… لقد تعلمنا الشيءَ الكثيرَ من معارك الآخرين".