من المقرر أن تباشر اللجنة المالية في البرلمان التونسي، اليوم الاثنين، إجراءات فتح ملف مشروع الموازنة الجديدة لعام 2019 بعد انتخاب أعضائها الجدد، على أن تستمر نقاشات اللجنة إلى حدود منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعد انطلاق الجلسات العامة لمناقشة فصول الموازنة.
وتنطلق أعمال اللجان البرلمانية هذا العام وسط خلافات كبيرة بين الكتل الحزبية ما يهدّد بتأخير إقرار الموازنة الجديدة وعدم حصول توافق على تمرير فصولها.
ويوم الخميس الماضي، أعلنت كتلتا "نداء تونس" و"الحرة لمشروع تونس" انسحابهما من الجلسة العامة وعدم مشاركتهما في المصادقة على القوانين الصادرة عن الحكومة بسبب عدم تنفيذ رئيس الوزراء لقرار مجلس نواب الشعب الذي رفض التمديد سنة إضافية لهيئة الحقيقة والكرامة.
والهيئة لجنة حكومية مهمتها الرئيسية الإشراف على مسار العدالة الانتقالية بعد الثورة التونسية، وتتولى كشف الحقيقة عن مختلف الانتهاكات ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها وجبر الضرر ورد الاعتبار للضحايا لتحقيق المصالحة الوطنية.
وتحتاج مناقشة قانون المالية (مشروع الموازنة) إلى 3 أسابيع في اللجان قبل إحالتها على الجلسة العامة ومناقشتها علنيا بحضور أعضاء الحكومة على أن تتم المصادقة على المشروع قبل 10 ديسمبر/ كانون الأول وفق مقتضيات الفصل 66 من الدستور.
وتخصص اللجنة المالية في البرلمان جلسات استماع إلى المسؤولين عن الحقائب الوزارية وعن المنظمات التي ضبطت لها ميزانيات لسنة 2018 إلى جانب مناقشة فصول قانون المالية لسنة 2019 مع الجهة الطارحة للمشروع ومع الأطراف المعنية بتطبيق هذه الفصول.
وفي 10 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي أعلن مكتب مجلس نواب الشعب مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018، ومشروع قانون المالية للعام المقبل ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2019 على أنظار لجنة المالية والتخطيط والتنمية التابعة للبرلمان.
وأضاف المطوسي أن اضطراب عمل البرلمان يهدد المسار الديمقراطي برمته بما في ذلك مواعيد الاستحقاقات السياسية القادمة مشددا على ضرورة احترام المواعيد القانونية في مناقشة الموازنة.
وبالتوازي مع مشروع موازنة 2019 أحالت الحكومة على البرلمان مشروع قانون مالية العام الحالي بعد التعديلات التي أجريت على المالية العمومية نتيجة ارتفاع كلفة توريد الطاقة على الميزانية.
وتواجه حكومة تونس صعوبات لمواصلة تمويل الموازنة خلال ما تبقى من السنة بسبب نقص الموارد وعدم قدرتها على تعبئة مليار دولار من السوق المالية العالمية كانت قد طرحتها الأسبوع الماضي في شكل سندات، ما اضطرها إلى خفض مبلغ السندات المطروحة إلى حدود النصف (560 مليون دولار).
ورغم أن الحكومة لم تذكر أسباب خفض قيمة السندات المطروحة إلا أن خبراء اقتصاد أكدوا لـ"العربي الجديد" أن البنك المركزي التونسي الذي قام بعملية طرح السندات عن الحكومة لم يوفق في تعبئة المليار دولار بسبب سعر الفائدة المرتفعة على السوق، معتبرين أن توتر المناخ السياسي في تونس يضعف ثقة الدائنين فيها.
وقال الخبير الاقتصادي وليد بن صالح لـ"العربي الجديد" إن نسبة فائدة المبلغ المحصّل (6.75%) تظل مرتفعة مقارنة بالقروض التي حصلت عليها دول أخرى فضلا عن قصر مدة السداد.
وأضاف بن صالح أن تونس اقترضت بأعلى نسبة فائدة في السوق مقارنة بالعمليات التي أجريت سنة 2018، مؤكدا أن الحكومة ستعود مجددا في أجال قصيرة إلى السوق المالية بسبب عدم قدرة المبلغ المحصل على تغطية حاجيات الدولة وفق ما ورد في مشروع قانون المالية التكميلي بحسب قوله.
ووافق صندوق النقد الدولي الشهر الماضي على تقديم دفعة قرض قيمتها 245 مليون دولار، وهي خامس دفعة في برنامج إقراض لتونس، ما مهد الطريق لإصدار السندات، وربط الصندوق برنامج الإقراض بتنفيذ إصلاحات اقتصادية، بهدف إبقاء عجز الموازنة تحت السيطرة.
وتبرز المعطيات الأولية الخاصة بمشروع موازنة 2019، أن الحكومة تطمح إلى حصر عجز الميزانية في حدود 3.9% مقابل 4.9 % منتظرة لكامل 2018.
وينتظر أن تبلغ نسبة المديونية من الناتج الداخلي الخام العام القادم 70.9% مقابل حوالي 72% منتظرة في سنة 2018.
وحسب الأرقام الرسمية، تقدر ميزانية الدولة المقبلة بما يعادل 40.662 مليار دينار أي نحو 14.522 مليار دولار.