صلاح.. المهمة الأصعب!

لا يمكن للكلمات أن تفيه حقه، لأنه لاعب شكل حالة نادرة جداً ومفرحة للعرب بشكل عام في زمن كثرت فيه المنغصات بمختلف أشكالها على الوطن العربي، وجاء ليداوي جراح الجميع بترياق التألق في الملاعب الأوروبية، حتى أصبح أيقونة تاريخية للاعبين العرب، ولا أبالغ حين أصفه بأنه الأفضل على الإطلاق ممن سبقوه وعاشوا تجارب الاحتراف وفق مستويات عالية.

محمد صلاح اسم أصبح يتردد في صحف العالم وأوروبا تحديدا بسبب تألقه اللافت، بل أصبح أفضل وسيلة وطريقة للدفاع عن العرب ضد العنصرية الغربية والهجمة الشرسة تجاه المسلمين بشكل عام في مختلف بقاع الأرض.

صلاح، شاء أم أبى، تعدى دوره في الملعب من لاعب كرة قدم في نادي ليفربول ليصبح قدوة وملهما للشباب العربي صوب ساحات الإبداع، وأكبر دليل على أن الترهات التي يطلقونها تجاه العرب والمسلمين هي مجرد هجمة منظمة، نياتها خبيثة ويعرفها كل من يملك في قلبه ذرة عروبة.

هاجمونا فقالوا "إرهابيين ورجعيين" وغيرها من الكلمات القاسية، وبعد أن ضعنا في غياهب التاريخ، حمل محمد صلاح الراية، وجعل كل من وصف أبناء لغة الضاد بمثل تلك الكلمات يحولها لأخرى تزينت بحروف المدح والإبداع.

يأسرك خلق اللاعب وابتسامته، وأنت العربي الذي يعرف ويدرك ما هو السحر الذي يصنعه حسن الخلق في الناس، فما بالك بالغربيين الذين لم يتمكنوا ولن يقدروا على إنكار تلك الصفة في العرب، فتحولت لرسالة واضحة المعالم بأن العربي يبدع ويلعب ويأسر الخلق بجمال صفاته الخُلقية وليس كما يصفونه.

كنا في السابق نتقي شر الغرب وهجماته من خلال اللاعبين الذين يعلنون إسلامهم، لكن ذلك لم يعد كافياً، لأن محمد صلاح ابتكر أسلوبا آخر أسرهم في قلوبهم فباتوا يتغنون باسمه، بل أضحوا يحاولون ولو عبر المزاح التعرف إلى دينه، وربما الدخول فيه كحالة استثنائية لم يشهدها التاريخ الحديث وفي عالم الكرة تحديدا.

وفي كرة القدم لن يكفي أن تكون حسن الخلق بل عليك الإبداع والتطوير، وهو ما أحسن صلاح إتقانه فخطف الأنظار بجمال أهدافه ونجوميته، ليشكل أقوى درع دفاعي عن أبناء عروبته والمسلمين في شتى بقاع الأرض.

محمد صلاح..اسم تغنى به الغربيون، وسيبقى أغنية تصدح في أوروبا لأنه يمثل كل صفات الكمال للاعب كرة قدم عربي من النجومية والتهديف والتواضع واللفتات الإنسانية، وكل تلك الصفات التي جعلته يتربع على عرش التاريخ الكروي، وتبقى المشكلة في أن صلاح صعّب المهمة على من سيأتي بعده.

نتفق إذن على أن اللاعب الرائع بات قريباً من إكمال مهمته بمختلف زاوياها في نظر المتابعين، لكننا ننتظر من "أبو مكة" سحرا من نوع خاص ينثره على أشقائه وأبناء لغته، كما فعل مواطنه الظاهرة محمد أبو تريكه سابقاً، وننتظر منه إكمال تلك المهمة من خلال توجيه رسائل عاطفية على سبيل المثال وتقديم اللفتات والتضامن مع الشعوب العربية في مصائبها الكبيرة، فالأمر ممكن جدا خارج حدود الملعب تحديدا ولا يحتاج إلا إلى بعض الكلمات التي لها وقعها الكبير في قلوب محبي "أبو صلاح".