باراك أوباما
عند التطرق إلى أبرز حائكي الاتفاق من الجانب الإيراني، لا يُذكر صاحب قرار الفصل النهائي في قبول الاتفاق المرشد الأعلى، علي خامئني ولا حتى أبرز دعاة الاتفاق والمدافعين عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني، وذلك لإفساح المجال للتعريف بأصحاب الدور المباشر في جولات التفاوض. أما في الحالة الأميركية، فإن الرئيس أوباما لم يكن مجرد صاحب قرار الموافقة النهائية فقط، بل كان دوره مباشراً، إذ كرّس جزءا كبيراً من وقته لمتابعة دقائق التفاوض وطرح الأفكار والحلول وتذليل العقبات عن بعد، وفقاً لما أوردته مصادر أميركية متعددة. وليس هذا فحسب، بل كان أوباما أول من تبنّى استراتيجية التفاوض مع الخصوم التاريخيين وفي طليعتهم إيران وكوبا. وتبنّى أوباما عقيدة القوة الدبلوماسية الناعمة منذ حملاته الانتخابية للرئاسة، وظلّ منغمساً في تحقيق إنجاز اعتبره شخصياً قبل أن يكون سياسياً.
لم يكتف أوباما بذلك، بل تصدّى بنفسه للدفاع عن الاتفاق سواء أثناء التفاوض أو بعد إعلان الاتفاق. دخل في صراع خطير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم يعرفه أي رئيس أميركي من قبل مع رئيس حكومة حليفة. تمكّن أوباما من تغيير دفّة الصراع مع أنصار نتنياهو في الكونغرس الأميركي لصالحه، عن طريق تسخير مهاراته في الإقناع، وخلفيّته كأستاذ للقانون في إحراج معارضي الاتفاق، بأن تحداهم أن يقدّموا بديلاً مقنعاً للاتفاق غير الحرب، فعجزوا عن ذلك. ولو لم يكن أوباما منخرطاً ومتابعاً لجولات التفاوض أولاً بأول، لما تمكّن من تقديم مرافعات تفصيلية ناجحة للرأي العام، فضلاً عن أنّ خبرة السنوات الماضية التي كسبها في الإلمام بالسياسة الخارجية وعمق معرفته بخرائط التجاذب الأميركي الداخلي، مكنّاه من جعل الاتفاق غير قابل للنقض، بعد أن نقل مهمة إقراره الفعلية من الكونغرس الأميركي إلى مجلس الأمن، ليتولى المجتمع الدولي تنفيذ بنود الاتفاق. وإذا كان الكونغرس لا يزال يملك الحق الصوري لإبداء الرأي في الاتفاق، فإنه لا يملك أي سلطة على مجلس الأمن أو على الرأي العام الدولي. وبهذا، يكون أوباما قد نجح في صنع الاتفاق وتأمينه من النقض بعد رحيله.
ويبدو أن جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها أوباما في أكتوبر/تشرين الأوّل 2009، كان لها دور أساسي في تشكيل سلوكه السياسي، ودفعه إلى تفضيل الخيارات السلمية على الحلول الحربية التي تبنّاها سلفه جورج بوش بفظاظة. وبعد منحه الجائزة، اعترف أوباما أنّه فوجئ بها بعد تسعة أشهر فقط من وصوله إلى البيت الأبيض، ولم يكن له حينها أي سجل في صنع السلام، الأمر الذي جعل الكثيرين في العالم يفسّرون قرار منحه الجائزة، بأنه جاء بغرض إحراجه ودفعه نحو الخيارات السلمية خلال سنوات رئاسته، وليس بغرض مكافأته على ماضٍ خالٍ من أي إنجاز للسلام، وهذا ما تحقق جزئياً على الأقل. وأكدت سنوات فترتيْ رئاسته، أن جائزة نوبل للسلام شجّعت جهود أوباما اللاحقة في الحوار مع "أعداء أميركا"، وإن لم تمنعه من التوسّع في عمليات القتل خارج نطاق القانون عن طريق الطائرات من دون طيار.
جون كيري
من المصادفات، أنّ مدينة فيينا التي استضافت الجولة الناجحة للمفاوضات مع إيران، يوجد فيها جذور تاريخية لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، إذ إنّ جده لأبيه من أصل نمسوي، ولد ونشأ بالقرب من فيينا في النمسا، كما ولدت جدته في بودابست في المجر. وعلى الرغم من أنّ الجدّين كليهما من أصل يهودي، فإنهما اعتنقا الكاثوليكية عام 1901، وغيّرا اسمهما العائلي إلى كيري، وتركا أوروبا عام 1905. لم يعرف جون كيري الهوية الحقيقية لجدّيه إلّا في وقت لاحق، إذ إن الجد والجدة ربّيا ابنهما، والد جون كيري بحسب التعاليم الكاثوليكية. وربما انتماء كيري المذهبي للأقلية الكاثوليكية في أميركا، يعتبر من الأسباب التي حالت دون وصوله إلى الرئاسة، إذ إنّ جون كندي هو الرئيس الكاثوليكي الوحيد في تاريخ أميركا، ولم ينجح بعده أي مرشح من خارج الأغلبية البروتستانتية.
يتولى جون كيري وزارة خارجية أميركا منذ الأول من فبراير/ شباط 2013 خلفاً لهيلاري كلينتون. لكن تعامله مع الملف الإيراني، يعود إلى مرحلة أبعد من ذلك بكثير، منذ أن رأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي عام 2009. وبعد أن اختاره أوباما وزيراً للخارجية، شارك بنفسه في معظم مراحل التفاوض الصعبة مع إيران، وقضى أسابيع طويلة من المحادثات وجهاً لوجه مع الجانب الإيراني عامي 2014 و2015 حتى نجاح المفاوضات. وكان لوجوده مع المفاوضين الأميركيين دور حاسم في اتخاذ قرارات سريعة لا تتطلب الرجوع إلى الرئيس. وقد يكون كيري، الأميركي الوحيد الذي يجرؤ على اتخاذ قرارات جوهرية في السياسة الخارجية نيابة عن الرئيس أوباما.
وكان لوجود كيري أهمية كبرى في التفاوض، خصوصاً بعد تسرب أسرار المفاوضات إلى إسرائيل في بعض مراحلها، والاشتباه بأن جواسيس إسرائيل حصلوا على تلك الأسرار عبر المشرفين على قنوات الاتصال بين واشنطن ومقر التفاوض. فكان وجود كيري بنفسه كافياً في حد ذاته لتقليل حاجة المفاوضين لاستشارة واشنطن في كل صغيرة وكبيرة، ما دام رئيس الدبلوماسية الأميركية بينهم. وظلّ كيري مصرّاً على البقاء مع المفاوضين طوال المراحل الحرجة على الرغم ممّا تعرض له من إرهاق جراء الأدوية التي يتناولها منذ أن خضع لعملية جراحية لإزالة ورم سرطاني في البروستات عام 2003. وأثناء وجوده في لوزان في سويسرا، وفي المرحلة ما قبل الأخيرة من المفاوضات، تعرّض لحادث إثر سقوطه عن دراجته الهوائية، فأصيب بكسور استدعت إجراء عدة جراحات في ساقه، لكن ذلك لم يخفّف من عزمه واصراره على العودة إلى المفاوضات في مرحلتها الحاسمة والأخيرة.
يكبر كيري الرئيس أوباما بأحد عشر عاماً. دخل كيري المعترك السياسي عام 1972.
وعلى الرغم من أنّ نشاط كيري السياسي ظلّ مرتبطاً في ولاية ماساشوسيتس، من خلال مناصب عدّة في مجلس الشيوخ الأميركي على مدى ثلاثة عقود، فإن ولادته ونشأته الأولية كانت في مدينة دنفر في ولاية كولورادو، حيث تركه والده فيها منطلقاً للمشاركة في الحرب العالمية الثانية. ثم انتقلت العائلة إلى مساتشوسيتس بعد عودة الأب من الحرب. وعلى الرغم من مشاركة أبيه في الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، فإنه أثناء مزاولته السياسية ظلّ ثابتاً في معارضته للحروب.
اقرأ أيضاً: الاتفاق النووي والتنازلات المتبادلة: العقوبات مقابل القنبلة
ويندي شيرمان
إذا كان أوباما وكيري هما من رسما استراتيجية التفاوض، فإن المديرة التنفيذية وحائكة التفاصيل من دون منازع، هي ويندي شيرمان أقرب مساعدي كيري، ورئيسة الوفد الأميركي في غيابه. وبناء على طلب من كيري، عيّن الرئيس باراك أوباما شيرمان في منصب مساعدة وزير الخارجية. وتشغل منذ العام 2011، وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وهو الموقع الثالث في الوزارة إلى جانب صفتها الأخرى كمساعدة لوزير الخارجية خلفاً لوليام بيرنز الذي أحيل إلى التقاعد. والمعروف عن شيرمان، التي ولدت عام 1949، أنّها قيادية في الحزب الديمقراطي. دخلت إلى وزارة الخارجية في تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس بيل كلينتون. تربطها صداقة وثيقة بمرشحة الرئاسة المحتملة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، مثلما كانت على علاقة قوية بمادلين أولبرايت وزيرة خارجية بيل كلينتون.
تعود خبرة شيرمان في المفاوضات النووية إلى فترة مشاركتها في المفاوضات مع كوريا الشمالية في برنامجها النووي التي باءت بالفشل. وبسبب فشلها مع كوريا الشمالية، كان البعض يتوقّع فشل المفاوضات مع إيران، بمن فيهم شيرمان نفسها. فقد أعلنت في إحدى المراحل الصعبة، بأنّها ستترك عملها في الخارجية الأميركية عقب انتهاء المفاوضات مباشرة، لكن يبدو أنّ نجاح المفاوضات، يقف وراء تأجيلها تنفيذ مثل هذا القرار. كما أنّ هناك مؤشرات إلى أن شيرمان تخوض غمار منافسة سياسية ما عن طريق الانتخابات. ومن بين هذه المؤشرات، أنّها توجّهت إلى إسرائيل بعد انتهاء المفاوضات، وأدلت بتصريحات مجاملة لإسرائيل، بقولها إن النصائح الإسرائيلية استفاد منها المفاوضون الأميركيون، وأنّ الاتفاق تضمن عدداً من الاقتراحات التي تلّقاها الأميركيون من إسرائيل. كما قالت، "يحتاج السياسيون الأميركيون الراغبون في خوض أي انتخابات نيابية أو رئاسية أو غيرها إلى ضمان أصوات اللوبيات المناصرة لإسرائيل أو على الأقل عدم استعدائها".
يعرف عن شيرمان في واشنطن، أنها من أبرز خبراء العقوبات في الحكومة الأميركية، وعلى وجه التحديد العقوبات المفروضة على إيران. فعندما يفاخر الرئيس أوباما بأنّ العقوبات التي فرضت على إيران هي التي أجبرتها على المجيء إلى طاولة المفاوضات، بل والقبول بالتخلي ولو مؤقتاً عن طموحها النووي، فإن الأميركيين يدركون أنه يشيد بحائكة تلك العقوبات، ويندي شيرمان، وإن لم تكن إشادته بها صريحة.
دعمت شيرمان هيلاري كلينتون في حملتها ضد أوباما عام 2008. ويبدو أن كلينتون هي من تبنّى إشراك شيرمان في المفاوضات مع إيران. وكانت قد بدأت حياتها المهنية كأخصائية اجتماعية في بوسطن، وهذا ما جعلها قادرة على فهم شخصيات المفاوضين على الجهة المقابلة ومرامي ما يطرحونه. اعتمد كيري على شيرمان في فريق التفاوض، وأشاد أكثر من مرة، بخبرتها وهدوئها أثناء التفاوض. كما أنّ سلفها، وليام بيرنز، الذي مهّد سراً للتفاوض مع إيران عام 2013، أشاد بها قائلاً إنّ "شيرمان يُعتمد عليها في كشف الثغرات والألغام التي تتضمنها أطراف مقترحات الطرف الآخر"، في إشارة إلى الإيرانيين. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، في أحد تقاريرها عن المفاوضات، إن الرئيس أوباما الذي يأمل في أن تكون الصفقة من بين أكبر موروثات سياسته الخارجية، اعتمد على ويندي في المفاوضات بشكل رئيسي لما تتصف به من هدوء وثبات. ونقلت الصحيفة عن أوباما وصفه لها، بأنها "واحدة من الدبلوماسيين الأكثر فاعلية في جيلها".
ولفتت الصحيفة إلى أن العمل الذي قامت به شيرمان خلال الأسابيع الأخيرة من المفاوضات، يؤكد أنها "قائدة مفاوضات من الطراز الأول". ويقال في واشنطن، إنها هي التي قدّمت مقترحات الحلول الأخيرة مع طهران، وأقنعت المفاوضين الإيرانيين في اللحظة الأخيرة بالموافقة على تفكيك الجزء الأكبر من بنية إيران النووية. كما صاغت تفاصيل عمليات التفتيش للمواقع العسكرية وغيرها من المواقع التي كان الإيرانيون في السابق يعارضون تفتيشها. ورأت الصحيفة أنّ شيرمان إذا رحلت عن الخارجية الأميركية، "ستترك فراغاً كبيراً قد لا يساعد كبار المسؤولين في الإدارة الحالية أو المقبلة على استيعاب خفايا الاتفاق. كما يقول آخرون، إنّها تعي أن أهمية ما لم يدرج في الاتفاق، تتجاوز ما تم إدراجه في نصوص الاتفاق.
اقرأ أيضاً: اتفاق نووي "تاريخي" بين إيران والغرب.. والسعودية تنتقد
ماري إليزابيت هارف
تعتبر ماري هارف إحدى أهم المتحدثين والمتحدثات باسم الخارجية الأميركية، لكن دورها في المفاوضات مع إيران، لم يكن الحديث عمّا يجري في التفاوض بل العمل على إخفاء ما يجري في قاعات التفاوض، وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير. بل إن بعض الدبلوماسيين في الخارجية الأميركية يتحدثون عن مشاركة عملية مباشرة لهارف في التفاوض وفي تقديم اقتراحات بنّاءة أفادت الوفد الأميركي، بعضها مستقاة من أسئلة الصحافيين لها.
وسواء قامت هارف بدورها عندما كانت تتحدث إلى الصحافيين في المقر الرئيسي للخارجية الأميركية في واشنطن أو عندما كانت تسافر ضمن وفد التفاوض، فإنّها لم تكن تذكر شيئاً عن التفاوض يمكن أن يرضي ظمأ المتعطشين لمعرفة ما كان يجري حينها. ومن أسباب نجاحها في الإخفاء، أنها كانت تعرف تفاصيل ما تريد إخفاءه، ولولا ذلك، لما تمكنت من تنفيذ استراتيجية إعلامية تتناقض مع التبجيل الأميركي للشفافية. وعلى عكس ذلك، عملت هارف منذ أن توّلت موقعها عام 2012 على خلق انطباع، بأن المفاوضات مع إيران لا جدوى منها. كما خلقت انطباعاً أثناء المفاوضات، بأنها قد تنتهي بالفشل، لأنّ إيران لا تريد الإيفاء بشروط النجاح. وكان الغرض من هذه الاستراتيجية إلى جانب التعتيم على حقائق ما يجري بين المفاوضين، هو كبح جماح المعارضين للتفاوض في واشنطن وفي غير واشنطن، بإيهامهم أن الاتفاق الذي يخشونه لن يتم على أمل أن يبقوا متفرجين من دون اتخاذ خطوات عملية قد تعرقل التوافقات المخفية والتفاهمات المبطّنة.
اعتمدت الخبيرة الإعلامية في إخفاء المعلومات على مسارين متوازيين، أحدهما تهويل حجم القضايا التي كانت مثار خلاف بين المفاوضين الأميركيين والإيرانيين، والثاني هو حجب المعلومات عن البنود التي تم الاتفاق عليها، خصوصاً تلك التي تزعج حلفاء أميركا. وما ساعد هارف على النجاح في هذه المهمة المزدوجة، هو خبرتها السابقة كمتحدثة باسم وكالة الاستخبارات المركزية، وهي مهمة إعلامية حساسة تعتمد على قدرة القائم بها على معرفة كل شيء وقول لاشيء.
ومقارنة بمهامها الحساسة، فإنّ تاريخ هارف المهني لم يكن طويلاً، إذ إنّها صغيرة السن. ولدت هارف عام 1981 في مدينة شيكاغو في ولاية إلينوى، التي انطلق منها نشاط أوباما السياسي، واستقطبت إدارته أعداداً كبيرة من نشطاء حملاته الانتخابية. وعندما ظهرت هارف في أول مؤتمر صحافي لها في الخارجية الأميركية، كانت تبلغ من العمر 33 عاماً فقط، لتصبح المتحدثة الأصغر سنّاً على الإطلاق. وقبل ذلك، كانت المتحدثة الأصغر سناً في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي).
وغالباً ما كانت هارف أثناء الجولات الحاسمة من التفاوض مع إيران، تتبادل تراشق الكلمات مع المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، التي تبدو أكبر سنّاً منها. وأبدت المرأتان أحياناً اتفاقاً في الرأي بأنّ "الاتفاق النووي غير ممكن"، مع الاختلاف في تفسير الأسباب. وکانت هارف تساهم في توجيه الضغوط على المفاوضين الإيرانيين بتصريحاتها العلنية، التي كثيراً ما شددت فيها على أنّ واشنطن لن توقع الاتفاق، ما لم تحصل علی الضمانات اللازمة لتفتیش کل المواقع النوویة الإیرانیة. وكانت أفخم ترد عادة بالتأكيد على أن إيران متمسكة بالشفافية في مشروعها النووي وبالسيادة في آن واحد.
لكن الهجمات الشرسة التي كانت تتعرض لها هارف، لم تكن من جانب الإيرانيين، بل من الجمهوريين والمتعاطفين معهم في القنوات الأميركية التي وصلت إلى درجة اتهامها بتأييد ما يصفونه بالتطرف الإسلامي. ويتندر بعض المعلقين الجمهوريين عليها وعلى زميلاتها بالقول إن "نساء كيري في الخارجية يتصدّين لأفكار الحزب الجمهوري أكثر من تصديهن للأفكار الإرهابية المتطرفة".
تعود نشأة هارف إلى ولاية أوهايو، حيث درست المرحلة الثانوية هناك، قبل أن تنتقل إلى ولاية إنديانا لدراسة المرحلة الجامعية الأولى في جامعة بلومينغتون، لكن انطلاقتها الحقيقية، عندما التحقت بجامعة فرجينيا، إذ نالت ماجستير في العلاقات الدولية، وتخصصت في قضايا الشرق الأوسط، وكان تركيزها على السياسة السعودية. ويبدو أن هذا التخصص سهّل استقطابها للعمل مع وكالة الاستخبارات الأميركية، مثلما سهّلت لها معلوماتها عن الشرق الأوسط لاحقاً، الانتقال إلى قسم العلاقات العامة في الوكالة كمتحدثة صحافية قبل أن تصل إلى سن الثلاثين.
عام 2012، شاركت هارف في حملة أوباما وأصبحت المتحدثة باسمه في القضايا الأمنية، فاختارها الرئيس نائباً لجين بساكي المتحدثة الأولى حينها، باسم الخارجية. ترفض هارف استخدام مصطلحات سائدة في الإعلام الأميركي من بينها، "إرهاب إسلامي" و"متطرفون إسلاميون"، وتدافع عن ذلك بالقول، " ليس هناك تطرف إسلامي وتطرف غير إسلامي، بل هناك تطرف عنيف لا يجب أن ينسب إلى أي دين". وتتعرض بسبب هذا الرأي إلى انتقادات أثناء مقابلاتها التلفزيونية. لكن بعض معارفها عن قرب، يزعمون أنها تتبنى وجهة نظر خاصة تنادي بالتقارب ليس مع إيران فقط، ولكن مع شيعة العالم، بحجة أن جميع الانتحاريين المسلمين من المنتمين إلى المذهب السني وأن الشيعة التقليديين ينبذون العنف. ومن سمات هارف التي قد تعوقها في تقدمها المهني مستقبلاً، عدم رضا بعض المناصرين لإسرائيل في الخارجية الأميركية الذين يتهمونها همساً، بأنّها معادية للسامية، وهي تهمة خطيرة فيما لو خرجت إلى العلن.
لاعبون آخرون
الخبير الأميركي في شؤون الطاقة النووية، ريتشارد نفيو وخبراء أميركيون آخرون قاموا بدور مهم في توجيه الدبلوماسية الأميركية نحو صياغة شروط الاتفاق التقنية بالتعاون مع خبراء أوروبيين. كما أن وزيرة الخارجية الإيطالية السابقة فيديريكا موغيريني التي تعمل حالياً ممثلة عليا لشؤون الأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قامت بدور كبير في تقريب وجهات النظر الأميركية والإيرانية وإعادة صياغة النقاط التي كانت مثار خلاف كبير بين الجانبين، وفقاً لما ذكره لـ"العربي الجديد" أكثر من مصدر في الخارجية الأميركية.
اقرأ أيضاً آخر معارك أوباما: تسويق الاتفاق النووي داخليا