يُلخّص ذلك أزمة لبنان تقريباً، وهو ما تذكّره اللبنانيون خلال الأيام الماضية، على "فيسبوك"، إثر منشورٍ للمصوّر الصحافي نبيل إسماعيل، تضمّن صورةً اعتبر أنّها "حلّت لغزاً عمره 27 عاماً". لكنّ تبيّن أنّ قصّته مختلقة، وفق ما روى الصحافي وليد حسين في موقع "المدن".
هذه هي القصة:
قال إسماعيل في منشوره بتاريخ الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني: "بعد قرابة أسبوع من استضافتي وزميلي المصور جوزيف براك في البرنامج التلفزيوني للإعلامي جو معلوف في أواخر العام 2017، حيث عرضتُ ضمن المقابلة بعض الصّور التي التقتطها خلال الحرب الأهلية اللبنانية، ومن ضمنها صورتان التقتطهما خلال حرب الإلغاء (عام 1990 بين الجيش اللبناني بقيادة ميشال عون والقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع)، جاءني اتصال من شخص لا أعرفه سألني عن الصور...".
وقال المتصل للمصوّر إسماعيل، بحسب ما روى: "صورتك حلّت لنا لغز مقتله. لغزاً عمره 27 سنة! صاحب الصورة شخص يعمل طبيباً في مستشفى (أوتيل ديو)، ومن يومها نحن عائلته لا نعرف عنه شيئاً، أحياناً نعتقد أنه مخطوف وأحياناً معتقل وأحيانا نقول إنه قتل! يومها افتقدته عائلته عندما لم يعد إلى منزله كعادته كل مساء. في اليوم الثاني اتصلنا بمكان عمله في المستشفى حيث أفادونا بأن الطبيب قد غادر المستشفى ظهر أمس. يومها لم يعد إلى منزله، فعشنا لغزاً محيّراً، أين الطبيب؟ حي أو ميت؟ وحين شاهدنا صورك على الشاشة أصبنا بالصدمة... وتأكدنا من أن الجثة في الصورة هي جثة الطبيب والسيارة سيارته. وأكّدت صورك لنا أنه سقط ضحية خلال الاشتباكات التي جرت في تلك المنطقة. لقد قتلوه وهو متجه إلى منزله. لقد حلّت صورك لغزاً حيّرنا وشغل عقلنا خلال 27 سنة كيف قتل؟".
Facebook Post |
المنشور أثّر في اللبنانيين وحاكى وجعهم المستمرّ من الحرب الأهليّة التي انتهت عسكرياً، لكنّ آثارها لا تزال مستمرّة ويعيشها المواطنون يومياً. واستمرّت التعليقات عليه والمشاركات، حتى بدأ معلّقون يشاركون معلوماتٍ عن الطبيب.
Facebook Post |
وأشار إسماعيل في منشورٍ آخر، أمس، إلى أنّه تلقّى اتصالاً جديداً من صديق مقرّب من عائلة الطبيب، أوضح فيه أنّه بعد وقف إطلاق النار تمّ سحب الجثث المتراكمة في المنطقة من جراء الاقتتال، وسحبت جثة الطبيب كما باقي الجثث، ووضعت جميعها في براد مستشفى أوتيل ديو، حيث كان يعمل الطبيب. وبعد أكثر من أسبوع وبينما كان أحد الممرضين يساعد أهالي الضحايا في التعرف إلى جثث أبنائهم لفت انتباهه وجود جهاز "جيني" في خاصرة إحدى الجثث، عرف عندها أن صاحب الجثة طبيب. الصور أتت كإثبات على معرفة مكان مقتل الطبيب الضحية.
لكنّ الصحافي وليد حسين نشر مقالاً، اليوم الإثنين، في موقع "المدن"، أشار فيه إلى أنّ قصّة إسماعيل مختلقة. وقال "الضحيّة ليست مجهولة الهوية، وليس من مفقودي الحرب كما قال إسماعيل. كما تبيّن أن أهل طيّاح لم يتواصلوا مع أحد ليحلّوا لغز فقيدهم، لا سيّما أنهم دفنوا جثمانه في حينها، بعد استلامهم له من مستشفى أوتيل ديو في العام 1990".
ونقل الموقع عن بيانات جامعة القديس يوسف، أنّ "صورة القتيل تعود إلى الدكتور سليم طياح، وهو من مواليد غزير 1930، الذي تخرج في عام 1958 وكان يدرّس في الجامعة. وبعد مراجعة رئيس بلدية غزير شارل سمعان الحداد، تعرّف على طيّاح لدى سماع اسمه، مؤكدّاً أنه ليس من مفقودي الحرب". كما أكّد أخ الضحية رينيه طيّاح تسلم العائلة لجثّة المغدور ودفنها في غزير.