04 أكتوبر 2024
صور لشعب واحد
1 - يجلس في كشك الحراسة بعد استلام الوردية، يبدأ في فتح كيس فيه رغيف وقطعة جبن وبيضة مسلوقة، ينظر بتأمل إلى الكيس المهمل، الملقى تحت السيارة التي تركن أمام كشك الحراسة. فجأة، ينفجر الكيس في أثناء تناوله الرغيف بالبيض والجبن، ليتحول، هو والرغيف، أشلاء.
2- بعد أن ينتهي من صلاة العيد، يسمع جلبة وصياحاً، فينظر إلى مصدرهما، ليجد مجموعة من الشباب يرفعون لافتات وسط المصلين، يدقق النظر في اللافتات، ليقرأ عليها شعارات عن غياب العدالة وغياب الحرية وغياب الشفافية، يلمح في لوحاتهم صورة ابن عمه الذي قُتل برصاص الشرطة في مظاهرةٍ منذ أشهر. يتحرك مع المسيرة لاإرادياً بعد الصلاة إلى الشارع الرئيسي، على الرغم من أنه يكره المظاهرات والهتافات والسياسة. ولكن، في أثناء سيره في المظاهرة، وتفكيره في ابن عمه الشاب الذي قتلوه في مظاهرة مماثلة منذ أشهر، يفاجأ بظهور قوات الشرطة التي تبادر بإطلاق الخرطوش والغاز بكثافة، لتفريق المظاهرة قبل أن تكبر. يخفق قلبه بشدة، ويحاول أن يجري في أي مكان، قبل أن يلقى مصير ابن عمه. لكن، في أثناء هلعه وتردده وبحثه عن مكان للاختباء، ولأنه غشيم، ولا يعرف أين يجري وأين يختبئ، يصطاده القناص من فوق المدرعة هدفاً سهلاً، فيلحق بابن عمه الشاب الذي قتلوه في المكان نفسه قبل أشهر.
3- يحاول الضابط الشاب أن يعتدل في جلسته على سريره في المستشفى، بعد إصابته في هجوم إرهابي ضخم على الكمين الذي كان فيه. يحاول أن يحرك قدمه اليسرى، فلا يستطيع. يتذكّر بحزن أن قدمه تم بترها ضمن كل ما تم استئصاله بعد عدة عمليات خضع لها، لإنقاذ حياته بعد الانفجار المروع، يغلق عينيه في ألم، وهو يحاول تخيل حياته المقبلة، وكيف سيعيش بدون قدم يسرى، ولا ذراعين.
4- يجلس وحيداً في زنزانة التأديب، لا يعرف تحديداً ما الذي ارتكبه، ليضعه ضابط السجن في زنزانة التأديب. لكن موضوع التأديب والحرمان من الزيارات لا يهمه، ولا حتى الزنزانة المليئة بالحشرات والزواحف تهمه، ربما كان للمنع من الزيارات فائدة، فهو لا يريد سماع أخبار سيئة أخرى عن أمه التي لا يستطيع تدبير مصروفات علاجها، ولا عن أخته الصغيرة التي لا يستطيع تدبير مصروفات زواجها، ولا مصروفات ولديه التوأمين، اللذيْن وضعتهما زوجته المسكينة بعد حبسه بأيام سنتين في السجن على ذمة التحقيق في قضية تظاهر. أولاد الحلال ساعدوا في رفع بعض الأعباء عن كاهله، وتكفلوا بعلاج والدته، لكنه، وبسبب كثرة الأعباء، شعر أن أولاد الحلال قد انتهوا، ليته يجد من يستكمل مصروفات زواج أخته، أو تربية أبنائه.
يمدد رجله اليمنى على أرض زنزانة التأديب، ويحاول تدليك ذراعه التي أصابها ما يشبه الشلل، بعد تعذيبٍ تعرض له في السجن. يتذكّر اليوم النحس الذي قبضوا عليه، وهو خارج مصادفة من ورشة النجارة التي كان يعمل فيها قبل الحبس. كان يوما شاقّا من العمل، بمقابل قليل، لكن الأكثر شقاءً هو الحبس ظلماً عامين، لأن حظه العسر جعله يخرج من الورشة، بعد مرور مظاهرة لا تهمه، ولا يعرف عنها شيئا.
5- يجلس أحد الصحفيين ليكتب مقالته التي لن يهتم بها أحد، والتي تتضمن مقارنة بين التكريم الذي يلقاه شهداء الشرطة والجيش من معاش استثنائي ومنح لقب شهيد وإطلاق اسم أحدهم على مدرسة أو ميدان، والاهتمام الرسمي بزوجته وأولاده وتلبية احتياجاتهم من المهد إلى اللحد، في حين أن أسر الشهداء والمصابين المدنيين في المظاهرات السلمية، أو حتى المعتقلين، يلاقون كل أشكال الإهانة والمعاناة والتنكيل والتخوين.
6- يمسك الشاب "الريموت"، ليغير محطة تعرض أحد برامج التوك شو، وتستضيف خبيراً عسكرياً استراتيجياً يصيح، ويسب المنظمات المشبوهة، مثل هيومان رايتس ووتش أو منظمة العفو الدولية التي تتحدث فقط عن المعتقلين، والذين يتم تعذيبهم في السجون، أو الذين يتعرضون للاختفاء القسري، في حين أن هذه المنظمات تتجاهل شهداء الجيش والشرطة ومصابيهما، فيرد عليه ضيف آخر، يعمل محامياً حقوقياً، ويقول له إن هذه المنظمات تم إنشاؤها منذ عشرات السنين، لتدافع عن حقوق السجناء المظلومين في العالم، لأن هؤلاء المظلومين لا يجدون من يدافع عنهم، ولا من يتحدث بلسانهم، ولا يساعدهم.
يبدأ الخبير الاستراتيجي، وكذلك المذيع، في توجيه اتهامات العمالة والخيانة للمحامي الشاب، بسبب رأيه، ثم يستعد المذيع لاستقبال اتصالاتٍ سيتم توجيه السباب فيها لأهل المحامي "وكل اللي يتشدد له".
7- يطالع الشاب بعض المواقع والصفحات المؤيدة لعبد الفتاح السيسي، والتي تنشر مقالات وفتاوى وحوارات، تزعم أن قتلى المتظاهرين في النار، لأنهم خونة وعملاء، وأن حبسهم حلال، ثم سريعاً يتصفح الشاب مواقع أخرى، تحمل طابعا إسلامياً، وتقول "شهداؤنا في الجنة أما قتلى الجيش والشرطة ففي النار وبئس المصير". يغلق الشاب اللاب توب، ثم يشعل سيجارة الحشيش.
2- بعد أن ينتهي من صلاة العيد، يسمع جلبة وصياحاً، فينظر إلى مصدرهما، ليجد مجموعة من الشباب يرفعون لافتات وسط المصلين، يدقق النظر في اللافتات، ليقرأ عليها شعارات عن غياب العدالة وغياب الحرية وغياب الشفافية، يلمح في لوحاتهم صورة ابن عمه الذي قُتل برصاص الشرطة في مظاهرةٍ منذ أشهر. يتحرك مع المسيرة لاإرادياً بعد الصلاة إلى الشارع الرئيسي، على الرغم من أنه يكره المظاهرات والهتافات والسياسة. ولكن، في أثناء سيره في المظاهرة، وتفكيره في ابن عمه الشاب الذي قتلوه في مظاهرة مماثلة منذ أشهر، يفاجأ بظهور قوات الشرطة التي تبادر بإطلاق الخرطوش والغاز بكثافة، لتفريق المظاهرة قبل أن تكبر. يخفق قلبه بشدة، ويحاول أن يجري في أي مكان، قبل أن يلقى مصير ابن عمه. لكن، في أثناء هلعه وتردده وبحثه عن مكان للاختباء، ولأنه غشيم، ولا يعرف أين يجري وأين يختبئ، يصطاده القناص من فوق المدرعة هدفاً سهلاً، فيلحق بابن عمه الشاب الذي قتلوه في المكان نفسه قبل أشهر.
3- يحاول الضابط الشاب أن يعتدل في جلسته على سريره في المستشفى، بعد إصابته في هجوم إرهابي ضخم على الكمين الذي كان فيه. يحاول أن يحرك قدمه اليسرى، فلا يستطيع. يتذكّر بحزن أن قدمه تم بترها ضمن كل ما تم استئصاله بعد عدة عمليات خضع لها، لإنقاذ حياته بعد الانفجار المروع، يغلق عينيه في ألم، وهو يحاول تخيل حياته المقبلة، وكيف سيعيش بدون قدم يسرى، ولا ذراعين.
4- يجلس وحيداً في زنزانة التأديب، لا يعرف تحديداً ما الذي ارتكبه، ليضعه ضابط السجن في زنزانة التأديب. لكن موضوع التأديب والحرمان من الزيارات لا يهمه، ولا حتى الزنزانة المليئة بالحشرات والزواحف تهمه، ربما كان للمنع من الزيارات فائدة، فهو لا يريد سماع أخبار سيئة أخرى عن أمه التي لا يستطيع تدبير مصروفات علاجها، ولا عن أخته الصغيرة التي لا يستطيع تدبير مصروفات زواجها، ولا مصروفات ولديه التوأمين، اللذيْن وضعتهما زوجته المسكينة بعد حبسه بأيام سنتين في السجن على ذمة التحقيق في قضية تظاهر. أولاد الحلال ساعدوا في رفع بعض الأعباء عن كاهله، وتكفلوا بعلاج والدته، لكنه، وبسبب كثرة الأعباء، شعر أن أولاد الحلال قد انتهوا، ليته يجد من يستكمل مصروفات زواج أخته، أو تربية أبنائه.
يمدد رجله اليمنى على أرض زنزانة التأديب، ويحاول تدليك ذراعه التي أصابها ما يشبه الشلل، بعد تعذيبٍ تعرض له في السجن. يتذكّر اليوم النحس الذي قبضوا عليه، وهو خارج مصادفة من ورشة النجارة التي كان يعمل فيها قبل الحبس. كان يوما شاقّا من العمل، بمقابل قليل، لكن الأكثر شقاءً هو الحبس ظلماً عامين، لأن حظه العسر جعله يخرج من الورشة، بعد مرور مظاهرة لا تهمه، ولا يعرف عنها شيئا.
5- يجلس أحد الصحفيين ليكتب مقالته التي لن يهتم بها أحد، والتي تتضمن مقارنة بين التكريم الذي يلقاه شهداء الشرطة والجيش من معاش استثنائي ومنح لقب شهيد وإطلاق اسم أحدهم على مدرسة أو ميدان، والاهتمام الرسمي بزوجته وأولاده وتلبية احتياجاتهم من المهد إلى اللحد، في حين أن أسر الشهداء والمصابين المدنيين في المظاهرات السلمية، أو حتى المعتقلين، يلاقون كل أشكال الإهانة والمعاناة والتنكيل والتخوين.
6- يمسك الشاب "الريموت"، ليغير محطة تعرض أحد برامج التوك شو، وتستضيف خبيراً عسكرياً استراتيجياً يصيح، ويسب المنظمات المشبوهة، مثل هيومان رايتس ووتش أو منظمة العفو الدولية التي تتحدث فقط عن المعتقلين، والذين يتم تعذيبهم في السجون، أو الذين يتعرضون للاختفاء القسري، في حين أن هذه المنظمات تتجاهل شهداء الجيش والشرطة ومصابيهما، فيرد عليه ضيف آخر، يعمل محامياً حقوقياً، ويقول له إن هذه المنظمات تم إنشاؤها منذ عشرات السنين، لتدافع عن حقوق السجناء المظلومين في العالم، لأن هؤلاء المظلومين لا يجدون من يدافع عنهم، ولا من يتحدث بلسانهم، ولا يساعدهم.
يبدأ الخبير الاستراتيجي، وكذلك المذيع، في توجيه اتهامات العمالة والخيانة للمحامي الشاب، بسبب رأيه، ثم يستعد المذيع لاستقبال اتصالاتٍ سيتم توجيه السباب فيها لأهل المحامي "وكل اللي يتشدد له".
7- يطالع الشاب بعض المواقع والصفحات المؤيدة لعبد الفتاح السيسي، والتي تنشر مقالات وفتاوى وحوارات، تزعم أن قتلى المتظاهرين في النار، لأنهم خونة وعملاء، وأن حبسهم حلال، ثم سريعاً يتصفح الشاب مواقع أخرى، تحمل طابعا إسلامياً، وتقول "شهداؤنا في الجنة أما قتلى الجيش والشرطة ففي النار وبئس المصير". يغلق الشاب اللاب توب، ثم يشعل سيجارة الحشيش.