كشفت مصادر سياسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، أن مسؤولين حزبيين بارزين تلقوا تهديدات بـ"الاعتقال" من ضباط في جهاز "الأمن الوطني"، التابع لوزارة الداخلية المصرية، في حالة استمرارهم بمهاجمة حزب "مستقبل وطن"، المدعوم من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو الدفع بقوائم منافسة للحزب في انتخابات مجلس النواب، المقرر إجراء أولى مراحلها الشهر المقبل.
وقالت المصادر، التي اشترطت عدم ذكر اسمها، إن "التهديدات الأمنية طاولت قيادات وأعضاء في أحزاب الوفد، والمحافظين، والدستور، والتحالف الشعبي، وتيار الكرامة، على خلفية تنظيم بعض أعضاء الوفد اعتصاماً داخل مقر الحزب، رفضاً للمشاركة في (القائمة الوطنية) التي يرعاها حزب مستقبل وطن، واعتزام حزب المحافظين تشكيل قائمة حزبية منافسة لقائمة (النظام)، فضلاً عن إعلان بقية الأحزاب خوض الانتخابات على المقاعد الفردية".
وأضافت المصادر أن "رئيس حزب المحافظين، أكمل قرطام، تلقى اتصالات من قيادات أمنية تطالبه بالتراجع عن تدشين تحالف تحت اسم (الأحزاب الدستورية الحرة)، ويضم أحزاب الاتحاد، ومصر المستقبل، وحراس الثورة، والعربي الناصري، للدفع بقائمة منافسة لحزب مستقبل وطن، لا سيما أن ضغوطاً مشابهة دفعت الحزب للتراجع عن تقديم أوراق مرشحيه على قائمتي شرق وغرب الدلتا في انتخابات مجلس الشيوخ المنقضية".
وقال حزب "المحافظين"، في بيان، إن التحالف المزمع تدشينه يستند إلى المبادئ الأساسية لدستور عام 2014، والتي أكدت أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية، معرباً عن انفتاحه على كل التيارات الوطنية، والشخصيات العامة، وأصحاب التخصصات المختلفة الراغبة في مشاركته في الائتلاف لخوض الانتخابات.
وتعرض مرشحو الحزب لمضايقات وعرقلة أثناء تقديم أوراق الترشح والكشف الطبي في انتخابات مجلس الشيوخ، علاوة على احتجاز الممثل القانوني للحزب في قائمة شرق الدلتا في مقر جهاز الأمن الوطني لما يزيد على 7 ساعات لاستجوابه، الأمر الذي دفع الحزب لإعلان مقاطعة الانتخابات برمتها، بسبب ما وصفه آنذك بـ"التعنت" و"غياب الضمانات اللازمة لعملية انتخابية نزيهة".
إلى ذلك، فشلت مفاوضات قرطام مع مؤسس ما يعرف بـ"التيار الوطني"، لواء الجيش السابق طارق المهدي، ورئيس مجلس أمناء حزب "الاتحاد"، والأمين العام السابق للحزب الوطني (المنحل) حسام بدراوي، وأحزاب ما يسمى بـ"الحركة المدنية الديمقراطية"، في تشكيل 4 قوائم مغلقة لمنافسة حزب "مستقبل وطن" في الانتخابات المرتقبة.
فيما أعلنت أحزاب "الحركة المدنية الديمقراطية" مشاركتها في انتخابات مجلس النواب على المقاعد الفردية، بعد تصويت قواعدها الحزبية على القرار، وإجراء مشاورات للتنسيق المشترك مع مرشحين مستقلين وكيانات سياسية من خارج الحركة، على غرار مرشحي تكتل "25-30"، والذي يضم 16 نائباً في مجلس النواب الحالي.
وبحسب رئيس حزب "التحالف الشعبي" مدحت الزاهد، فإن قرار الحركة (تضم 4 أحزاب حالياً) بالمشاركة في انتخابات مجلس النواب، رغم مقاطعة الحركة نفسها لانتخابات مجلس الشيوخ، جاء لامتلاك الغرفة الأولى للبرلمان صلاحيات دستورية تتمثل في إقرار التشريعات، ومراقبة أداء الحكومة، بالإضافة إلى تعيين رئيس الجمهورية 5% فقط من أعضائه، وليس ثلث عدد الأعضاء كمجلس الشيوخ.
ولا تزال قضية "تحالف الأمل" تلقي بظلالها على نقاشات هذه الأحزاب، والتي فتحت قبل عام تقريباً، إثر إلقاء قوات الأمن القبض على الناشطين زياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد عبد الحليم، أثناء اجتماعهم لبحث تشكيل قائمة انتخابية معارضة، تضم شخصيات مميزة في مجالات التنظيم السياسي، والاقتصاد، والإعلام، والرياضة، بخلفيات مدنية (علمانية).
من جهته، أصدر رئيس حزب "الوفد" بهاء الدين أبو شقة بياناً، اليوم السبت، يقول فيه إنه "التقى سكرتير عام الحزب فؤاد بدراوي، وبحثا سبل مواجهة الأزمة الحالية في الحزب، ممثلة في قرار مشاركته القائمة الوطنية الموحدة لانتخابات مجلس النواب"، مستطرداً بأنهما "اتفقا على أهمية الحفاظ على استقرار الوفد في هذا الوقت، والمشاركة في القائمة الانتخابية استجابة لمصلحة الدولة العليا"، على حد البيان.
وأضاف أن غالبية أعضاء الهيئة العليا للحزب أكدوا من جديد على القرارات السابقة للهيئة بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وذلك برسائل كتابية جديدة، تغليباً للمصلحة العليا للبلاد. فيما أعلن عدد من أعضاء الهيئة العليا للحزب، في المقابل، رفضهم انفراد أبو شقة بقرار المشاركة في قائمة حزب "مستقبل وطن".
وواصل عدد من شباب "الوفد" الاعتصام داخل مقر الحزب لليوم الرابع على التوالي، للمطالبة بإقالة أبو شقة من منصبه، بسبب فشل الحزب في الحصول على أية مقاعد فردية في انتخابات الشيوخ الأخيرة، وتراجع عدد مقاعد الحزب في "القائمة الوطنية" من 40 مقعداً إلى 16 فقط.
ويواجه حزب "الوفد" أزمة داخلية على وقع موافقة غالبية أعضاء الهيئة العليا على الانسحاب من قائمة حزب "مستقبل وطن"، احتجاجاً على عدد المقاعد المخصصة للحزب، وهو ما رد عليه رئيس الحزب ببيان اعتبر فيه أن "قرار الهيئة العليا غير لائحي"، معلناً إلغاء تفويضه السابق للسكرتير العام للحزب إدارةَ ملف الانتخابات.
وكان أبو شقة قد دعا إلى اجتماع اليوم لبحث إجراء انتخابات مبكرة لرئاسة الحزب، غير أنه تراجع وألغى الاجتماع، داعياً إلى عقد انتخابات لرئاسة الحزب بشكل مباشر في 4 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وهو ما رد عليه المناوئون له بالتأكيد أن اجتماع الهيئة العليا قائم، ولا صحة لإلغائه.
وأصدر أعضاء الهيئة العليا بياناً قالوا فيه: "نؤكد على الأخوة الوفديين، الذين انتخبوا الهيئة العليا للحزب، كممثلين لإرادتهم، أننا لن نحيد عن دورنا، ولن ننحاز إلا لصالح الوفد، ولإرادة الوفديين"، مشددين على أن بيان أبو شقة بإلغاء الاجتماع صدر من دون علم الهيئة العليا، كسائر بيانات الحزب على مدار الأيام القليلة الماضية.