يتواصل تساقط أجهزة سخان الماء في المغرب، ومعه العديد من الضحايا، ما جعل البعض يسمونه "القاتل الصامت"، حيث قتل سبعة أشخاص في يوم واحد في مدينتين مختلفتين، وأرسل آخرين إلى المستشفى في حالات خطرة.
واهتزت مدينة الخميسات (وسط المغرب)، قبل ثلاثة أيام، على وقع مصرع ستة أفراد من أسرة واحدة، بينهم طفلتان تبلغان من العمر ست وثماني سنوات على التوالي، قضوا نحبهم اختناقا من جراء استنشاقهم الغاز المنبعث من سخان الماء داخل البيت.
وحكت ناجية من الفاجعة هاتفيا لـ"العربي الجديد"، أنها وجدت نفسها فجأة وسط ركام من جثث والدها وأمها وأشقائها، بينما شعرت بدوار عنيف أسقطها أرضا، لكنها استطاعت أن تخرج المفتاح من جيب والدها الذي تحول إلى جثة هامدة، وفتحت الباب وشرعت في الصراخ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وقالت الفتاة التي تلقت العلاج في مستشفى الخميسات وغادرته بعد تحسن حالتها، إنها لن تنسى يوم الجمعة الماضي الذي تحول بالنسبة لها إلى فاجعة، حيث شاهدت أفراد عائلتها صرعى في مشهد لا يمكن تخيله، بسبب تسرب الغاز من سخان الماء في المنزل.
وعرفت مدينة طنجة (شمال البلاد)، قبل يومين أيضا، مصرع شاب في مقتبل العمر، بسبب تعرضه لاختناق حاد نجم عن استنشاقه كمية كبيرة من الغاز المتسرب من سخان الماء، ولم تنفع معه الإسعافات الأولية، فيما لا زال آخران كانا معه في المنزل في حالة خطرة.
وقبل هذه الحوادث المميتة، كانت عدة مناطق بالبلاد قد شهدت حوادث مفجعة بطلها سخان الماء الرديء الرائج في الأسواق المحلية، والذي غالبا ما يتسرب منه غاز يتسبب في تسمم قاتل دون سابق إنذار.
ويتساءل الباحث محمد مجدولين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن رواج مثل هذه الأجهزة رديئة الصنع، والتي تؤدي إلى كوارث إنسانية متكررة، دون أن تحرك السلطات المعنية ساكنا، بالرغم من معرفتها أن هذه الأجهزة لا تستجيب لمعايير السلامة المطلوبة.
وأورد أن الفقراء وحدهم من يكتوون بمخاطر سخانات الماء الرديئة الرائجة في الأسواق بأسعار زهيدة، وهو ما يفسر أن أغلب ضحايا "القاتل الصامت" الجديد بالمغرب من الطبقات الفقيرة والضعيفة، باعتبار أن الأثرياء والطبقات المتوسطة لا يلجأون عادة إلى سخانات الماء رديئة الصنع.
ويقول الخبراء إن الغاز المنبعث من سخانات الماء منخفضة الثمن، لا يظهر أعراضا على المصاب تفيد باستنشاقه للغاز، وهو ما يجعله يتابع الاستحمام إلى أن تستقبل رئتاه كمية كبيرة من الغاز، ويؤدي به إلى فقدان الوعي، ثم إلى الوفاة إذا لم تتم نجدته.