باتت اللوائح السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب تهدّد مناخ الاستثمار في تونس الذي بذلت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة مجهودات كبيرة لتجويده بفضل التشريعات التي أقرها البرلمان في السنوات الأخيرة.
وزادت خلال الفترة الأخيرة المخاوف من أن يؤثر إدراج تونس على القائمات السوداء للجنان الضريبية وتبييض الأموال على تدفق الاستثمارات الأجنبية التي تراجعت بشكل كبير منذ يناير/ كانون الثاني 2011.
وسادت حالة من الغضب أوساط الاقتصاديين والمستثمرين من تصويت البرلمان الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، على إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي زمن لا يتعدى ثمانية أسابيع، أدرجت تونس في مناسبتين ضمن القائمة السوداء، إذ أدرج وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2017 تونس على قائمة سوداء بالملاذات الضريبية الآمنة على مستوى العالم، تضمنت 17 دولة من ضمنها تونس، قبل أن تقع مراجعة التصنيف في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي بإدراجها ضمن القائمة الرمادية بعد تعهد حكومي بإجراء العديد من الإصلاحات في القطاع الضريبي.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي محسن حسن، لـ"العربي الجديد"، أن إدراج تونس بالقوائم السوداء سيؤثر حتما في تصنيفها الائتماني متوقعا أن تراجع كل من وكالتَي موديز وفيتش تصنيف تونس بخفض ترتيبها بعد الاستقرار النسبي الذي عرفته في المدة الماضية.
وإضافة إلى خفض تصنيفات تونس، أوضح حسن أن خروج تونس في المدة القادمة على السوق العالمية لاقتراض مليار دولار تحتاجها لتمويل الموازنة سيكون محفوفا بالمخاطر.
وقال: "من هذا المستثمر الذي سيقرض بلادا حالة ماليتها العموميّة مثل تونس في ظل كل المتغيرات في سوق الأسهم والسندات والنزول الحادّ في جميع المؤشرات العالمية وغياب الرؤية في البلاد".
واعتبر حسن أن هذا الإدراج سيكون سببا مباشرا في ارتفاع كلفة التمويلات الأجنبية، إن وجدت، بفعل ارتفاع المخاطر علي الاقتصاد التونسي ومؤثرا على خيارات المستثمرين الذين يحبذون الوجهات الاستثمارية الأقل مخاطرة.
ومن جانبه، دعا الأمين العام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في تصريح لـ "العربي الجديد " إلى الوعي بخطورة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد وتداعيات التصنيفات الأخيرة لتونس المتعلقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال الطبوبي: على السلطات السياسية والأحزاب إدراك خطورة التصنيفات الدولية والوعي بعمق أزمة الثقة التي باتت تميّز العلاقة بين الشعب والطبقة السياسية، مشددا على أهمية تدارك الوضع في أقرب الآجال تفاديا لتداعياتها على المناخ الاستثماري والاجتماعي في البلاد.
وعبّر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الممثل لرجال الأعمال عن استيائه لتصويت البرلمان الأوروبي، على إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكدت منظمة رجال الأعمال أن التداعيات السلبية لهذا القرار سواء على صورة تونس في الخارج أو على معاملاتها مع الهيئات الدولية وكذلك على قدرتها على استقطاب الاستثمارات الخارجية، ستكون سيئة جداً.
واعتبر الاتحاد في بيان له، صدر أول من أمس، أنّ هذا القرار غير منصف لتونس التي تعمل جاهدة على التصدي للإرهاب ومكافحة الفساد وعلى تحقيق الانتقال الاقتصادي بعد نجاحها في عملية الانتقال السياسي والديمقراطي، مشدّدا على ضرورة الكشف عن كل الملابسات، وما إذا كانت هناك اختلالات من أي جهة كانت قد أدت إلى تصويت البرلمان الأوروبي على هذا القرار.
ومنذ المصادقة على قانون الاستثمار الجديد في أبريل/ نيسان 2017 تستغل تونس المنتديات الاقتصادية المحلية والدولية للتعريف بالامتيازات الممنوحة للمستثمرين بهدف إقناعهم ببعث مشاريع في تونس فضلا عن سلسلة من القرارات الحكومية التي تخفف من بيروقراطية الإدارة.
ووفق بيانات رسمية لوكالة الاستثمار الأجنبي الحكومية، تطورت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس خلال عام 2017 بنسبة 12.8% لتبلغ ما قيمته 2244.4 مليون دينار مليون دينار أي نحو 935 مليون دولار مقابل 1989.9 في 2016 أي نحو 828 مليون دولار.