ظريف ودبلوماسية الإكراه

13 اغسطس 2015
ظريف في وزارة الخارجية اللبنانية (حسين بيضون)
+ الخط -
لا طائل أو مغزى من التوقف عند ما قاله وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، خلال زيارته إلى لبنان إنّ "إيران لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية". فطهران موجودة أصلاً في بيروت، ولحرسها الثوري مكاتب فيها كما أنّه ممثل في الدولة والسلطة عبر جناحه المحلي المتمثل بحزب الله. كما أنّ عسكر إيران موجود على سواحل المتوسط، ومنها ينطلق للدفاع عن نظام بشار الأسد. لكن المستجدّ في خطاب البطل النووي الإيراني تأكيده أنه يحمل معه "لغة الدبلوماسية والحوار الذي كرسّه الاتفاق النووي".

تظهر نتائج هذه اللغة جلية على الأرض السورية، وتحديداً في الزبداني على بعد كيلومترات قليلة من الحدود اللبنانية. أوقف حزب الله، ومعه المعنيون الإيرانيون، الحرب المستمرة على المدينة منذ ستة أسابيع نتيجة مفاوضات مع الفصائل السورية المعارضة، مقابل وقف الهجوم المعارض على بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب.

باللغة المذهبية الصرفة، التي بات الحزب يخوض على أساسها الحرب في سورية، توقف الهجوم الشيعي على الزبداني السنية مقابل توقف الهجوم السني على بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيّتين. وبانتظار تسوية أوضاع مناطق النزاع الثلاث والمفاوضات المنتظرة حول مصير أهلها، لا بد من القول إنّ انجرار حزب الله إلى هذا السياق التفاوضي على المدن السورية جاء نتيجة العجز العسكري الفعلي عن الحسم من جهة و"التحرير" من جهة أخرى، على الرغم من كل التهويل الإعلامي المبشّر يومياً بانتصار إلهي. جاءت النتائج معاكسة، أولاً مع سقوط أكثر من خمسين قتيلاً من الحزب على مدى الأسابيع الستة، وثانياً من خلال فتح المعارضة السورية جبهات أخرى مع أعدائها نجحت من خلالها في وضع الضغوط عليهم، وإجبارهم على التسليم ولو مرحلياً بمنطق التفاوض وإعلان وقف إطلاق النار. يسير حزب الله مكرهاً بالمفاوضات الميدانية في سورية، تماماً كما أنّ الإيرانيين يحملون مكرهين لغة الدبلوماسية والحوار على الساحة السياسية في المنطقة. فمن يساهم في قتل ثورة الشعب السوري وأمله بالحرية والعدل، لا يمكن أن يحوّل سلاحه إلى حمامة سلام بين اتفاق نووي وآخر.
المساهمون