03 نوفمبر 2024
عائلة الأسد تتراشق الاتهامات
كان قد مضى على اندلاع الثورة السورية 15 يوماً، وكانت قوات الأمن قد باشرت عملها بقمع المتظاهرين منذ اليوم الأول لخروجهم، وسط وجوم إعلامي مطبق من النظام، وكأن ما يحصل ليس في الشوارع الخلفية، بل في مجرّة أخرى.. حين بدأت وسائل الإعلام العالمية تنقل ما يجري بتفصيلاتٍ كثيرة، صار العالم يتساءل أين رئيس البلاد؟ ولمَ هو مختفٍ؟
بعد أكثر من أسبوعين، ظهر بشار الأسد في مجلس الشعب، وسط ملهاة مَن طالبَ بتنصيبه رئيساً على العالم. تحدّث حينها وكأن لا شيء يحدث حوله، وأن الشوارع هادئة، ولا تموج بثورة تطالب برحيله. حكى عن مؤامرة كبيرة يتعرّض لها وتوعّد بالتصدّي. هذا النموذج المتكرّر من الردود يبدو جاهزاً عند كل استحقاق، تجاهلٌ وتعالٍ في البداية وتوغل في التجاهل، ونظرية المؤامرة جاهزة ومناسبة، ويمكن التحدّث بها وتسويقها، ويمكن لأجهزة الأمن إقناع بعض الناس بتفاصيلها.
الآن، في ظل أزمات النظام الكثيرة، من قبيل نقص المواد الأساسية وفساد عام يغلف كل مفاصل الدولة، يشعر الداعم الروسي بعبء هذا كله، وتخرج وكالات أنبائه، ومجموعة من مسؤوليه القدامى الذين كان بعضهم على صلةٍ قديمةٍ بالنظام، ليتحدّثوا عن جائحة الفساد التي غمرت كل أجهزة الدولة السورية، ووصفوا رئيسها بالضعف، مشيرين إلى صعوبة الاستمرار على هذا النحو..
موجة كورونا العالمية التي انتشرت على طول الكرة الأرضية وعرضها، شملت هذا البلد المدمر، سورية، وسواء اعترف النظام أم لم يعترف بحجم انشار الفيروس، فحالات الوباء الجديد طاولت سوريين أُعلن عن وفاة بعضهم، ولم يحرّك هذا كله رغبة لدى بشار الأسد ليخرج إلى الإعلام، ويتحدث عما يجري ويوضح أو يشرح أو على الأقل يطرح نظريةً من نظريات المؤامرة التي يتقن نظامه ترديدها جيداً، ولكن الصمت الذي يلف القصر الجمهوري، عميقاً ومتواصلاً، وبعبارة أكثر دقة، يُقصد منه تجاهل ما يجري في الشوارع الخلفية.
سورية أوجدت طبقة سياسية متبلدة يملأها الغرور والصلف، في ظل خمسين عاماً من حكم آل الأسد. فقد أنجز الأب كل ما هو مطلوب لتأسيس كرسي رئاسة ثابت، تخطى فيه الطائفة، وصولاً إلى حكم العائلة الواحدة، فقد توقفت منذ العام 1970 الصراعات على السلطة بين التيارات والمجموعات والطوائف، وأصبحت حكراً على عائلة، بعد أن نجح الأب في الدفاع عن كرسيه في وجه شقيقه رفعت الأسد، بعد مواجهة حاسمة في ثمانينيات القرن الماضي، انتهت إلى إبعاد الأخ عن الجيش والمؤسسة العسكرية والسياسية إلى أن نُفيَ ممنوعاً من العودة. جرى ذلك في سياق تكريس العائلية في الحكم، على شكل توريثٍ للابن، وقد مر الأمر بسلاسة نادرة، انتقلت فيها السلطة إلى الوريث، وكأنما جرى التدرب على الأمر في بروفاتٍ كثيرة مسبقاً، حتى حفظ كل فرد دوره فأدّاه بيسر وسهولة وحرفية.
وبما أن الدولة لم يبق فيها إلا عائلة واحدة يدور كل شيء حولها، فمن الطبيعي أن يجري ما يجري ضمن أفراد هذه العائلة، والفصل الجديد هو مواجهة بين زوجة الرئيس وابن خالته، فتابعنا اتهاماتٍ بالفساد وتبديد الثروة، على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون، والجميع صار يعرف بالأمر، ولكن النظام المحافظ على صمته يمارس على عادته التجاهل والتعالي. وبغض النظر عن كل ما تعانيه هذه الدولة من نقصٍ في المواد الأساسية، ويدرج في النسيان الثورة التي فقد فيها أكثر من نصف مليون إنسان حياته، ولم تتبقَ منها إلا دورياتٌ مشتركة على طريق إم 4 في الشمال السوري، وتتستر كل السلطات الصحية والأمنية على أعداد المصابين بالداء المستجدّ، وتبقى صراعات عائلية فاسدة، يتراشق أفرادها الاتهامات، وتصل إلى كل الأسماع. أما الرئيس المدمن على الصمت والتجاهل يبقى كذلك، فهذا هو الإرث الذي حفظ السلطة، ومن الحصافة التمسّك به حتى الرمق الأخير.
الآن، في ظل أزمات النظام الكثيرة، من قبيل نقص المواد الأساسية وفساد عام يغلف كل مفاصل الدولة، يشعر الداعم الروسي بعبء هذا كله، وتخرج وكالات أنبائه، ومجموعة من مسؤوليه القدامى الذين كان بعضهم على صلةٍ قديمةٍ بالنظام، ليتحدّثوا عن جائحة الفساد التي غمرت كل أجهزة الدولة السورية، ووصفوا رئيسها بالضعف، مشيرين إلى صعوبة الاستمرار على هذا النحو..
موجة كورونا العالمية التي انتشرت على طول الكرة الأرضية وعرضها، شملت هذا البلد المدمر، سورية، وسواء اعترف النظام أم لم يعترف بحجم انشار الفيروس، فحالات الوباء الجديد طاولت سوريين أُعلن عن وفاة بعضهم، ولم يحرّك هذا كله رغبة لدى بشار الأسد ليخرج إلى الإعلام، ويتحدث عما يجري ويوضح أو يشرح أو على الأقل يطرح نظريةً من نظريات المؤامرة التي يتقن نظامه ترديدها جيداً، ولكن الصمت الذي يلف القصر الجمهوري، عميقاً ومتواصلاً، وبعبارة أكثر دقة، يُقصد منه تجاهل ما يجري في الشوارع الخلفية.
سورية أوجدت طبقة سياسية متبلدة يملأها الغرور والصلف، في ظل خمسين عاماً من حكم آل الأسد. فقد أنجز الأب كل ما هو مطلوب لتأسيس كرسي رئاسة ثابت، تخطى فيه الطائفة، وصولاً إلى حكم العائلة الواحدة، فقد توقفت منذ العام 1970 الصراعات على السلطة بين التيارات والمجموعات والطوائف، وأصبحت حكراً على عائلة، بعد أن نجح الأب في الدفاع عن كرسيه في وجه شقيقه رفعت الأسد، بعد مواجهة حاسمة في ثمانينيات القرن الماضي، انتهت إلى إبعاد الأخ عن الجيش والمؤسسة العسكرية والسياسية إلى أن نُفيَ ممنوعاً من العودة. جرى ذلك في سياق تكريس العائلية في الحكم، على شكل توريثٍ للابن، وقد مر الأمر بسلاسة نادرة، انتقلت فيها السلطة إلى الوريث، وكأنما جرى التدرب على الأمر في بروفاتٍ كثيرة مسبقاً، حتى حفظ كل فرد دوره فأدّاه بيسر وسهولة وحرفية.
وبما أن الدولة لم يبق فيها إلا عائلة واحدة يدور كل شيء حولها، فمن الطبيعي أن يجري ما يجري ضمن أفراد هذه العائلة، والفصل الجديد هو مواجهة بين زوجة الرئيس وابن خالته، فتابعنا اتهاماتٍ بالفساد وتبديد الثروة، على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون، والجميع صار يعرف بالأمر، ولكن النظام المحافظ على صمته يمارس على عادته التجاهل والتعالي. وبغض النظر عن كل ما تعانيه هذه الدولة من نقصٍ في المواد الأساسية، ويدرج في النسيان الثورة التي فقد فيها أكثر من نصف مليون إنسان حياته، ولم تتبقَ منها إلا دورياتٌ مشتركة على طريق إم 4 في الشمال السوري، وتتستر كل السلطات الصحية والأمنية على أعداد المصابين بالداء المستجدّ، وتبقى صراعات عائلية فاسدة، يتراشق أفرادها الاتهامات، وتصل إلى كل الأسماع. أما الرئيس المدمن على الصمت والتجاهل يبقى كذلك، فهذا هو الإرث الذي حفظ السلطة، ومن الحصافة التمسّك به حتى الرمق الأخير.