عائلة الحوراني تُقيم في كرفان بين نفايات غزة

غزة

يامن سلمان

avata
يامن سلمان
27 نوفمبر 2018
D0AE4038-9C41-43FF-807C-86FC71428198
+ الخط -

حين وصلت عائلة الحوراني إلى قطاع غزة، لم تكن تملك سوى مائة دولار أميركي. كانت قد هربت من مدينة درعا في سورية بحثاً عن الأمان، واختارت العودة إلى غزة حيث يوجد أقارب لها هجروا من قرية المسمية في عام 1948. لم تعلم أنّ معاناة من نوع آخر كانت تنتظرها، فقد أقامت في كرفان حديدي بالقرب من مكب للنفايات.

الجد علي الحوراني ترك القطاع عام 1967، بعدما اعتقل عشرة أشهر في السجون الإسرائيلية، ونفي إلى الأردن ثم سافر إلى سورية، وأقام في مدينة اللاذقية قبل الانتقال إلى درعا. لكن الأزمة السورية اليوم، والتي انطلقت من درعا، دفعت العائلة إلى ترك المدينة والبحث عن مكان آمن، ثمّ العودة إلى القطاع.



كفى علي الوادية (55 عاماً) هي والدة عمر الحوراني (31 عاماً)، وتقيم مع ابنها وزوجته وأربعة أطفال في كرفان حديدي حصلت عليه مع عائلات متضررة أخرى من العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. ومنذ أربعة أعوام، ما زالت تقيم فيه لأنها لم تملك مكاناً آخر. وبسبب الفقر، سكنت العائلة في منطقة وادي غزة قرب مكبات النفايات والصرف الصحي والحشرات والبعوض.



تعاني الوادية من كسرين في ساقها ويدها، وقد أجرت عمليات عدة في سورية وقطاع غزة. اليوم، تعاني آلاماً شديدة في العظام، ولا تستطيع تأمين علاجها. معاناة الأم زادت عندما استشهد ابنها يحيى (35 عاماً)، والذي بقي في سورية على الرغم مما تشهده البلاد. تقول لـ "العربي الجديد": "في درعا، كنا نعيش في منزل بالإيجار، وكان ابني يعمل في الخردة مع والده. لكن إثر الأحداث، تحوّلت درعا إلى مدينة أشباح. غادرنا سورية في بداية أغسطس/ آب من عام 2011 إلى مصر. أحمل الهوية الفلسطينية، لكنّ ابني وزوجته لا يحملان إلا وثائق السفر التي تُمنح للّاجئين الفلسطينيين. المشكلة أنهما لا يستطيعان اجتياز معبر رفح. لذلك، دخلا غزة من خلال الأنفاق الحدودية بين مصر وغزة في 15 أغسطس/ آب في عام 2011". لحظة دخولها القطاع، أقامت في محل للإيجار في حي الشجاعية، لأنها لا تملك المال ثمن شقة. ثم انتقلت إلى محل آخر عند مدخل حي الشجاعية. وعلى الرغم من محاولاتها الحصول على شقة ضمن المنح المقدمة للعائلات الفقيرة، لم تحصل على أية شقة.



إيمان الحوراني (31 عاماً) زوجة عمر، تعاني من التهاب في الرئتين، وإقامتها على مقربة من الوادي تزيد وضعها الصحي سوءاً، كما أخبرها الأطباء. تقول لـ "العربي الجديد": "قبل دخولنا القطاع عن طريق معبر رفح، بقينا ثلاثة أيام ونحن نحاول إقناع الشرطة المصرية بالدخول لكن من دون جدوى. اضطررنا لدفع 200 دولار لصاحب أحد الأنفاق، و100 دولار للوصول".



تقيم العائلة في الكرفان منذ أربع سنوات. وكانت تقيم في الكرفان نفسه على مقربة من مستشفى الوفاء وسط قطاع غزة. لكن نتيجة الضغوط من سلطة الأراضي، أخلت العائلة المنطقة وانتقلت إلى منطقة قريبة من وادي غزة، أكثر المناطق تلوثاً في القطاع، عدا عن عدم صلاحيتها للسكن.



حصلت العائلة على وعد من وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة بالحصول على شقة سكنية ضمن المنح التي تقدم للشعب الفلسطيني في غزة لإغاثة العائلات الأشد فقراً. لكنها لم تحصل على أي شيء، على الرغم من أن الوزارة صورت العائلة داخل الكرفان. تضيف الحوراني: "وقّعت على عشرات الأوراق في الوزارة على أمل الحصول على شقة سكنية. للأسف، لم أحصل على شقة. وخلال المنخفض الجوي في 10 نوفمبر/ تشرين الأول الحالي، سقط سطح المنزل كونه من النايلون، وغرق الكرفان بالمياه. وفي هذا المكان، ما من بنى تحتية، ونعاني بسبب الحشرات والبعوض لأننا قريبون من قاذورات وادي غزة".




لدى الحوراني أربعة أطفال هم مرح (ستة أعوام)، وجنى (خمسة أعوام)، ومحمد ومحمود (ثلاثة أعوام ونصف العام). مرح وجنى تقضيان ساعتين يومياً للوصول إلى مدرستهما في منطقة الزهرة وسط القطاع. وعندما تسألهما زميلاتهما في المدرسة عن منزلهما، يبتعدن عنهما كونهما تقطنان في مكان مقزز. ومنذ دخول الزوج عمر هشام الحوراني (31 عاماً) إلى القطاع وحتى اليوم، عمل مع وزارة الصحة ستة أشهر في عام 2014، ثم مع وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة ثلاثة أشهر. لكن منذ عامين، لم يعد يعمل، علماً أنه يسعى إلى إيجاد عمل لتأمين ما يحتاجه إليه أطفاله. يقول لـ "العربي الجديد": "العالم كلّه يتقدّم وغزة تعود إلى الوراء. اعتقدنا أننا سنكون في مكان آمن أكثر في غزة. كان لدينا أمل بأن تتحسن ظروف غزة، وأن نعيش قرب أقاربنا. لكن العيش في القطاع خطر. نخشى أصوات طائرات الاستطلاع كما القصف".

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
جهود إنقاذ بأدوات بدائية في شمالي غزة (عمر القطاع/فرانس برس)

مجتمع

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في محافظة شمال غزة مخلفة مئات الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل، وإجبار الآلاف على النزوح.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
فرق الدفاع المدني في غزة/2 أكتوبر 2024(الأناضول)

مجتمع

أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة، مساء الأربعاء، توقف عمله بالكامل في محافظة شمال القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني هناك بات كارثياً.
المساهمون