لم تفلح محاولات المقدسي عامر عبيدو، من حي واد الدم في بلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة، لوقف عملية هدم منزله مساء الأربعاء، رغم أنه تمكن من تأجيلها صباح نفس اليوم، حيث سوت الجرافات الإسرائيلية المنزل بالأرض.
ساعات طويلة أمضاها عبيدو بين محكمة بلدية الاحتلال في القدس، ثم محكمة الصلح الإسرائيلية، فالمحكمة المركزية الإسرائيلية وهو يسابق الزمن لمنع عملية الهدم، ولدى المحاكم الثلاث نجح في استصدار أمر بتأجيل الهدم، لكنه فوجئ وهو يجمع رسوم التأجيل التي فرضتها المحكمة المركزية عليه، باتصال من عائلته يفيد بأن الجرافات بدأت تضرب جدران البيت وسقفه وتحوله خرابا.
وعبيدو رب أسرة مكونة من ثمانية أفراد، تقيم في منزلها منذ ستة عشر عاما، وعلى مدى السنوات الماضية حاول دون جدوى الحصول على ترخيص لمنزله من البلدية، وتحمّل جميع نفقات المحامين ورسوم المهندسين والغرامات في سبيل بقاء البيت الذي يؤوي أفراد العائلة.
وصف عبيدو لـ"العربي الجديد"، ما جرى بأنه مشهد من أفلام الغرب الأميركي المتوحش. "استيقظت عائلتي صباحا على هدير الجرافات، وأدركوا أن الهدم وشيك، اتصلت بالمحامي الذي نجح في استصدار قرار من محكمة بلدية الاحتلال بتأجيل الهدم إلى الأسبوع القادم، لكن بلدية الاحتلال استأنفت ضد قرار محكمتها".
يتابع: "توجهنا إلى المحكمة، وأخيرا المحكمة المركزية، التي وافقت على تجميد الهدم حتى الاستئناف للمحكمة العليا، لكنها اشترطت وضع ما قيمته 50 ألف شيقل في صندوق المحكمة في غضون نصف ساعة من قرارها، وكان ذلك مستحيلا، فليس في جعبتنا هذا المبلغ، ولا يمكن تأمينه. رغم ذلك بدأت بجمع المبلغ، ثم وردني الخبر بأن طواقم الهدم لم تنتظر وشرعت بالتنفيذ".
كان المسكن بالنسبة إلى عبيدو وعائلته حلما تحقق قبل ستة عشر عاما، تحمل خلالها وعلى حساب قوت أبنائه دفع مخالفات للبلدية تجاوزت الأربعين ألف شيقل. لكن الأمر لم ينته بما فعلته الجرافات بمنزله، وما تحمله من نفقات لإقامة البيت ومخالفاته. عليه من الليلة أن يبحث عمن يساعده في تأمين رسوم الهدم التي ستجبيها بلدية الاحتلال منه مقابل ما قامت به جرافاتها، ولتأمين مصاريف الحماية التي وفرتها طواقم شرطة الاحتلال لطواقم البلدية البالغة نحو 70 ألف شيقل.
ليس هناك ما يمكن أن يفعله عبيدو في الحال. عليه التوجه أولا إلى الصليب الأحمر أملا في أن يمده بخيمة مؤقتة للإقامة، في انتظار أن يعيد من جديد بناء المنزل أو الإقامة على أنقاضه بأي صورة.
وانضم عبيدو منتصف الأسبوع الأول من العام الجديد إلى مواطن مقدسي آخر، هو عدنان الشويكي، من بلدة شعفاط شمالي القدس، كانت جرافات بلدية الاحتلال استهلت عمليات الهدم بتدمير منزله وتشريد عائلته المكونة من 18 فردا، فيما انضمت هذه العائلات إلى 11 عائلة فلسطينية هدمت مساكنها الثلاثاء الماضي، في بير المسكوب وواد سنيسل من أراضي أبو ديس شرق القدس، وكانت تؤوي 87 شخصا، ليرتفع بذلك عدد الذين باتوا دون مأوى منذ مطلع هذا الأسبوع إلى 113 فلسطينيا.