أسر جون قاقيش (23 سنة) في شهر مايو/ أيار 2015، بتهمة تنفيذ عملية طعن في البلدة القديمة أسفرت عن إصابة مستوطنين، وحكم عليه لاحقا بالسجن لمدة تسع سنوات، قبل أن يتم إضافة عامين آخرين لمدة محكوميته لتصل إلى 11 عاما، أمضى منها حتى الآن قرابة ثلاثة أعوام.
تقول والدته لـ"العربي الجديد"، وسط بكاء لا يتوقف، إنها كانت سنوات ثقيلة على العائلة، "جون غائب عنا جسدا، وحاضر بروحه الطيبة التي تملأ المكان بالفرحة. يخفف عنا الحضور الدائم لرفاقه ومحبيه من أبناء الحارة، ومن البلدة القديمة، مسلمين ومسيحيين على حد سواء. لا تفوت هؤلاء مناسبة إلا ويكونون على رأس من يقدم التهاني للعائلة، ومشاركتها الفرحة".
هذا العام أضاءت عائلة جون شجرة الميلاد مع رفاق ابنهم من حارة السعدية بالبلدة القديمة، والذين قدموا حاملين رسالة حب وانتماء للقدس والقضية، كما قال والد الأسير، بينما لا يخفي اعتزازه بهذه المبادرة الطيبة التي تحمل كثيرا من المعاني والدلالات، وعمق الارتباط بين أبناء الشعب في القدس.
وتشارك والدة جون زوجها مشاعر الحب والانتماء لمدينتها وأهلها، ولرفاق جون تحديدا، وقالت إن "الميلاد المجيد مناسبة عظيمة تقربنا أكثر من أحبتنا. حين نتذكر جون يعتصرنا الألم والحزن لغيابه، لكني أنتظر اليوم الذي يتحرر فيه جون وسائر رفاقه الأسرى، وأصلي مع عائلتي ليل نهار لبلوغ تلك اللحظات".
التقينا العائلة التي أكملت استعداداتها للاحتفال بالميلاد، وقال والد جون "في الميلاد المجيد نتمنى أن يكون السيد المسيح عونا لنا في التغلب على حالة الحزن والاشتياق لمن غاب عن البيت، وترك بغيابه فراغا كبيرا. ندعوه أن يشفي المرضى، وأن يمنح البشرية كلها الأمن والسلام. هذا ما نفتقده نحن أهل القدس، وهذا ما نصلي من أجله ليل نهار".
وتمنح القدس التي تزينت حاراتها ودكاكينها بزينة وأشجار الميلاد أهل المدينة مظاهر الفرحة والبهجة التي يتوقها المقدسيون، ويقبل على شراء الزينة أيضًا كثير من المسلمين؛ نساء وفتيات وشبان يافعون يملأون البلدة القديمة، وحارة النصارى تحديدا، حيث الزقاق عامر بأطفال انطلقوا إلى كنيسة القيامة التي امتلأت بزوارها، وبالرهبان والخوارنة، وبأفواج كبيرة من السياح، كلهم أتوا ليحتفلوا بالميلاد على أبواب القيامة.
أمر واحد نغص عليهم استعداداتهم للاحتفال بالميلاد المجيد، هو تظاهر بلدية الاحتلال بمشاركة مسيحيي المدينة احتفالاتهم بالعيد من خلال توزيع أشجار الميلاد، وإعطاء رخصة لإحدى الشركات لإضاءة شجرة الميلاد في ساحة مدرسة الفرير بمنطقة باب الجديد بالبلدة القديمة، ما أثار حفيظة كثيرين من أبناء المدينة.
واضطرت إدارة المدرسة إلى الدفاع عن نفسها، مؤكدة في بيان: "منذ تأسيس مدرسة الفرير الثانوية في القدس عام 1876، أخذت المدرسة على عاتقها المساهمة في بناء مجتمعنا الفلسطيني المقدسي، ونود التأكيد بأن هذا السوق الميلادي لم يكن بتنظيم المدرسة، وإنما هو من تنظيم شركة خاصة، وبعد علمنا بمصادر التمويل حاولنا إلغاء الاتفاق، ولكننا وقعنا بالشروط الجزائية، والتي لم يكن بالإمكان التنصل منها، ونؤكد أن هذا الحدث لن يتكرر مستقبلا".