أسدل الستار على مسلسلات موسم الدراما الرمضانية. أسئلة كثيرة ستُطرح لاحقًا حول المستوى العام لما شاهدناه، وهل كان هذا المستوى على قدر نسب المشاهدة؟ أسئلة كثيرة، لن نجد لها إجابات شافية. أسئلة بديهية من حق كل متابع طرحها. بدأ البحث عن المعايير التي يتم من خلالها تصنيف الـ"دراما"، الدراما الرمضانيَّة التي خرجت إلى الضوء مُشوهة، مسلوبة الحسّ والقيمة. حكايات افتقدت لخبرة المخرجين والكتّاب معًا، أسئلة مُلحة تعادل كل هذا الاستخفاف.
من اللحظة الأولى لإعلان شركة "صادق الصبّاح"، عن اختيار قصة "الشريدة" للكاتب الراحل نجيب محفوظ، وتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، في ثلاثين حلقة، حصل لغط كبير، وطُرحت سيناريوهات كثيرة، تسأل عن إمكانية "توسيع" نص بسيط مؤلف من تسعين صفحة، إلى مسلسل من ثلاثين حلقة تلفزيونية. ليس هذا فقط، أحداث الفيلم مفصلة على امرأة ورجل يختلفان لمجرد تباين علمي. هي فتاة فقيرة أنهت دراستها في الحقوق، والتقت برجل أراد الزواج منها وتحقيق أحلامها، لكنها تتكبر عليه فتخسره نهاية الفيلم. لكن المسلسل المقتبس عن "الشريدة" معاناة حقيقية، وضياع واضح من اللحظة الأولى للعرض.
عائلة "بو مصلح" تسكن في محطة للوقود، تعاني الأمرين بعد وفاة الأب، تحاول التغلب على مصاعب الحياة والشقاء، امرأة وابنتيها، لا طموح أمامهم سوى البقاء في المنزل والحفاظ على مصدر الرزق من المحطة ذاتها، ويحيط بالعائلة مجموعة من الجيران الذين تشغلهم هموم تتقاطع مع هموم العائلة نفسها.
تُنهي أميرة (نادين نسيب نجيم) دراسة الحقوق وتستعد لدخول عالم المحاماة، وليس أمامها سوى شهادتها، والبحث عن محام للعمل في مكتبه. تجري الأحداث بملل في الحلقات العشر الأولى، لا جديد سوى محاولات العائلة والمحيطين بها الانتصار على معارك الحياة اليومية وقساوتها. في المقابل، يجلس رجل أربعيني، اسمه جابر (عابد فهد) في مزرعة قريبة، تقوده الصدفة للقاء المحامية أميرة.
قد تكون المخرجة، رشا شربتجي، وقعت في فخ كاتب مسلسل "طريق"، أو اعتذار عدد من الكتّاب عن إعادة كتابة النص والسيناريو. والواضح أن الوقت لم يكن لصالح رشا شربتجي ولا للكاتب أو "ورشة" الكتّاب الذين صاغوا النص. والواضح أن ذلك كله أسهم في إضعاف الأحداث، فكانت أقرب إلى الهزل في بعض الحلقات. واعتمدت على معيار الصدفة الذي يصل إلى درجة الاستغباء. فيجد مثلاً عامل "الدش" على سطح مبنى تسكنه عصابة "لا مبرر لوجودها في القرية"، رجلاً مختطفاً لدى العصابة، وتقوده الصدفة نفسها للإخبار عن الرجل، ويجري تسليمه بطريقة ضعيفة إلى ذويه.
هكذا لا يجد المشاهد لدى متابعته "طريق" سوى السؤال، لماذا كل هذا وما السبب أو الداعي لهذه الأحداث المتقطعة؟ والتي تزيد من "ركاكة" المسلسل، أو ملء الحلقات بقصص مجتزأة من واقع اجتماعي يلقي بثقله على القرية برمتها من الجارة الفقيرة (وداد) إلى مُزينة الشعر (مريم) التي انتظرت حبيبًا وصوليًا يتركها ليلة زفافهما. وغيرها من الحالات التي كان سهلاً ربطها بطريقة أكثر إقناعا، تقي شر السقوط في فنون الاختراع "الميلودرامي" القائم على مواقف مُعلبة لا يمكن أن نجدها في الواقع. بل غلبت أفكار المخرجة وفريق عملها فقط. مواقف ملبدة، خرجت عن السياق العام للفارق الاجتماعي أو الطبقي الذي تقوله القصة الأساسية، والتي لا تتناسب بالضرورة مع واقع اليوم، وهذا أيضاً دليل إدانة على قلة الأمانة التي دفعت بفريق الكتّاب أو الإخراج إلى جمع كل هذا بحبكة غير متماسكة لا مجال لتبريرها.
تبقى ضرورية الإشارة إلى الحرفية العالية التي نقلها عابد فهد في إطار عفوي مستجد اتسم بالدقة، "كاريكتر" جديد ينقذ فهد من رتابة وضعف المسلسل. ويضعه أمام تحد آخر بإمكانه أن يفكر مليًا في استعادته لاحقاً مع محترفين.
من اللحظة الأولى لإعلان شركة "صادق الصبّاح"، عن اختيار قصة "الشريدة" للكاتب الراحل نجيب محفوظ، وتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، في ثلاثين حلقة، حصل لغط كبير، وطُرحت سيناريوهات كثيرة، تسأل عن إمكانية "توسيع" نص بسيط مؤلف من تسعين صفحة، إلى مسلسل من ثلاثين حلقة تلفزيونية. ليس هذا فقط، أحداث الفيلم مفصلة على امرأة ورجل يختلفان لمجرد تباين علمي. هي فتاة فقيرة أنهت دراستها في الحقوق، والتقت برجل أراد الزواج منها وتحقيق أحلامها، لكنها تتكبر عليه فتخسره نهاية الفيلم. لكن المسلسل المقتبس عن "الشريدة" معاناة حقيقية، وضياع واضح من اللحظة الأولى للعرض.
عائلة "بو مصلح" تسكن في محطة للوقود، تعاني الأمرين بعد وفاة الأب، تحاول التغلب على مصاعب الحياة والشقاء، امرأة وابنتيها، لا طموح أمامهم سوى البقاء في المنزل والحفاظ على مصدر الرزق من المحطة ذاتها، ويحيط بالعائلة مجموعة من الجيران الذين تشغلهم هموم تتقاطع مع هموم العائلة نفسها.
تُنهي أميرة (نادين نسيب نجيم) دراسة الحقوق وتستعد لدخول عالم المحاماة، وليس أمامها سوى شهادتها، والبحث عن محام للعمل في مكتبه. تجري الأحداث بملل في الحلقات العشر الأولى، لا جديد سوى محاولات العائلة والمحيطين بها الانتصار على معارك الحياة اليومية وقساوتها. في المقابل، يجلس رجل أربعيني، اسمه جابر (عابد فهد) في مزرعة قريبة، تقوده الصدفة للقاء المحامية أميرة.
قد تكون المخرجة، رشا شربتجي، وقعت في فخ كاتب مسلسل "طريق"، أو اعتذار عدد من الكتّاب عن إعادة كتابة النص والسيناريو. والواضح أن الوقت لم يكن لصالح رشا شربتجي ولا للكاتب أو "ورشة" الكتّاب الذين صاغوا النص. والواضح أن ذلك كله أسهم في إضعاف الأحداث، فكانت أقرب إلى الهزل في بعض الحلقات. واعتمدت على معيار الصدفة الذي يصل إلى درجة الاستغباء. فيجد مثلاً عامل "الدش" على سطح مبنى تسكنه عصابة "لا مبرر لوجودها في القرية"، رجلاً مختطفاً لدى العصابة، وتقوده الصدفة نفسها للإخبار عن الرجل، ويجري تسليمه بطريقة ضعيفة إلى ذويه.
هكذا لا يجد المشاهد لدى متابعته "طريق" سوى السؤال، لماذا كل هذا وما السبب أو الداعي لهذه الأحداث المتقطعة؟ والتي تزيد من "ركاكة" المسلسل، أو ملء الحلقات بقصص مجتزأة من واقع اجتماعي يلقي بثقله على القرية برمتها من الجارة الفقيرة (وداد) إلى مُزينة الشعر (مريم) التي انتظرت حبيبًا وصوليًا يتركها ليلة زفافهما. وغيرها من الحالات التي كان سهلاً ربطها بطريقة أكثر إقناعا، تقي شر السقوط في فنون الاختراع "الميلودرامي" القائم على مواقف مُعلبة لا يمكن أن نجدها في الواقع. بل غلبت أفكار المخرجة وفريق عملها فقط. مواقف ملبدة، خرجت عن السياق العام للفارق الاجتماعي أو الطبقي الذي تقوله القصة الأساسية، والتي لا تتناسب بالضرورة مع واقع اليوم، وهذا أيضاً دليل إدانة على قلة الأمانة التي دفعت بفريق الكتّاب أو الإخراج إلى جمع كل هذا بحبكة غير متماسكة لا مجال لتبريرها.
تبقى ضرورية الإشارة إلى الحرفية العالية التي نقلها عابد فهد في إطار عفوي مستجد اتسم بالدقة، "كاريكتر" جديد ينقذ فهد من رتابة وضعف المسلسل. ويضعه أمام تحد آخر بإمكانه أن يفكر مليًا في استعادته لاحقاً مع محترفين.