لم تبسط المؤسسة العسكرية سيطرتها على ميادين الثورة، التي تحولت الى ثكنة عسكرية، بعد انقلاب 3 يوليو فحسب؛ ولم تكتف كذلك بتأمين مصالحها الاقتصادية ووضعها في الدستور الجديد، بل نفذت بخطى ثابتة إلى السياسة؛ "من خلال تمويل عدد من الأحزاب السياسية بملايين الجنيهات"، حسب تصريحات لواء جيش متقاعد.
وكان مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية، اللواء سامح سيف اليزل، قد أفاد -في تصريحات تليفزيونية، الأربعاء الماضي- بأن "القوات المسلحة موّلت عددًا من الأحزاب السياسية بملايين الجنيهات لمنافسة جماعة الإخوان".
من جانبه، قال مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية، اللواء عادل سليمان: إن "تصريحات اليزل غاية في الخطورة؛ فهي تعني أن القوات المسلحة اخترقت هذه الأحزاب والحركات الاحتجاجية التي استخدمتها لتنفيذ انقلاب 3 يوليو الذي خططت له مبكرًا".
وتابع سليمان -في تصريحات خاصة لـ"الجديد"-: "هذا يؤكد أيضا أن تلك الأحزاب والحركات، مثل أحزاب جبهة الإنقاذ وغيرها من الأحزاب الجديدة وحركة تمرد، مصنوعة وبلا أي وزن، بدليل أنها فضلت الارتماء في أحضان العسكر بعدما فشلت في منافسة الإخوان في أي استحقاقات انتخابية".
الأمر ينطبق كذلك على حزب النور، حسب سليمان، الذي توقع حصوله هو الآخر على تمويلات ليس من المؤسسة العسكرية فقط؛ بل من دول الخليج الداعمة للانقلاب وفي مقدمتها السعودية"، حسب قوله.
ويرى الخبير العسكري، أن تصريحات اليزل ليست عشوائية إنما مدروسة وتم إعلانها عن قصد، خاصة أن الأخير معروف بقربه من الدوائر الأمنية، لكنها في الوقت نفسه لا تثبت تورط الجيش لأنها لم تصدر من أي جهة رسمية.
تجريف الحياة السياسية
"الأمر لا يمثل خطورة.. فلا توجد حياة سياسية في مصر بعد 3 يوليو، حتى نخشى اختراقها من قبل الجيش، كل من يفكر مجرد التفكير في الاعتراض على الممارسات الحالية يتم النيل منه بكل السبل"، هذا ما قاله عضو المكتب السياسي في جبهة طريق الثورة وسام عطا.
"يبدأ الأمر بتشويه المعارضين وتخوينهم في وسائل الإعلام، وينتهي بالاعتقال والقنص في الشوارع"، أضاف عطا ساخرًا.
وأكمل "لا يشترط أن يمول الجيش أحزاباً أو حركات؛ فهناك رجال أعمال يرتبطون بشبكة مصالح مع المؤسسة العسكرية يقومون بهذا الدور، وأسس بعضهم أحزاباً بالفعل، مثل حزب المصريين الأحرار الذي أسسه نجيب ساويرس".