أوّل من أمس، شهدت دول الخليج العربي بمجملها أمطاراً غزيرة ورياحاً قوية خلّفت أضراراً عديدة اختلفت حدّتها بين دولة وأخرى. أكثر المناطق تضرراً، كانت العاصمة الإماراتية أبوظبي بالإضافة إلى إمارة دبي، فتعطلت حركة الطيران وكذلك المدارس وبعض المصالح الحكومية، فيما عرقلت حركة المرور. وقد أظهرت الصور المتداولة غرق الشوارع في السيول وسط انتشار كثيف لقوات الدفاع المدني وشرطة المرور، في ما يشبه حالة طوارئ عامة. ويعود ذلك إلى أنّ الإمارات العربية المتحدة لم تشهد إلا نادراً أمطاراً بهذه الغزارة، كذلك هي لا تسجّل عادة هذا المنسوب المرتفع من مياه هذه الأمطار. بالتالي عُدّ ذلك منسوباً تاريخياً.
على أثر تلك الظروف المناخية، أصدرت وزارة التربية والتعليم الإماراتية قراراً بتعليق الدراسة يومَي الأربعاء والخميس (9 و10 مارس/آذار الجاري)، فيما علّقت رحلات جوية في مطار دبي وتأخرت أخرى بحسب ما أفاد شهود عيان لنحو خمس ساعات في بعض الرحلات. كذلك، علّق سوق أبوظبي للأوراق المالية جلسة التداول، معللاً الأمر بـ "سوء الأحوال الجوية".
إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام إماراتية وقوع 253 حادث سير خلال سبع ساعات فقط من العاصفة، فيما تلقت الإدارة العامة للعمليات في شرطة دبي نحو 3200 مكالمة هاتفية ذات صلة. وأوضحت غرفة طوارئ البلدية في مدينة أبوظبي، أنها تلقت 435 بلاغاً حول تجمّع المياه، وأنها استخدمت مائة صهريج ومائة مضخة لسحب مياه الأمطار من الشوارع وإعادة حركة المرور في المدينة إلى طبيعتها. كذلك تلقت شركة أبو ظبي للتوزيع نحو 900 بلاغ حول انقطاع في التيار الكهربائي.
حتى الساعة، لم يُعلن عن وقوع قتلى نتيجة للأمطار، فيما لم تعلن السلطات الرسمية الإماراتية حتى اللحظة - في إمارتَي أبوظبي ودبي - عن تقديراتها الأولية للخسائر، في ظل تكهنات بأن التغيرات المناخية في المنطقة سوف تؤدي إلى هطول مزيد من الأمطار مع عواصف خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضاً: الطفل عبد الواحد يقود أضخم "لعبة"
من جهة أخرى، تداول مغردون ومدونون إماراتيون على وسائل التواصل الاجتماعي، دعوات إلى تحميل تطبيق "حارس المدينة" الذي أطلقته حكومة أبوظبي قبل سنوات، بهدف زيادة التعاون بين الحكومة والمواطنين والمقيمين. ودعا البعض إلى تصوير الأضرار التي ضربت المرافق العامة وإرسالها إلى السلطات الحكومية، بدلاً من نشرها وكذلك تسجيلات الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هم رأوا بذلك "عملاً غير حضاري" يُعدّ "تشويهاً لجمال دولتنا". وكان مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي قد نشروا صوراً ومقاطع فيديو، تبيّن حجم الأضرار الناتجة عن الأمطار التي توقفت أمس الخميس.
أما في بقيّة دول الخليج، فكانت الأمطار أقل غزارة بالمقارنة مع الإمارات. وشهدت السعودية والكويت وقطر والبحرين أمطاراً متفاوتة الحدة والنسب، بينما تشهد سلطنة عُمان منخفضاً جوياً أدى إلى هطول أمطار غزيرة أدت حتى الساعة إلى وفاة ثلاثة أشخاص، أحدهم بسبب صاعقة بحسب ما قيل.
في السعودية، حذّرت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وكذلك الدفاع المدني من موجة الأمطار الغزيرة التي تتعرض لها المناطق الوسطى والشرقية، فيما أتت تحذيرات الأرصاد للمناطق الشرقية من السعودية باللون البرتقالي، وهو ما يعني تنبيهاً متقدماً حول تأثير ظاهرة جوية ووجوب أخذ الحيطة والحذر. وتوقّعت الرئاسة العامة تعرّض المنطقة إلى موجات غزيرة من الأمطار مع استمرار تكوّن السحب الرعديّة الممطرة، مصحوبة برياح سطحية نشطة تتركز في بعض المناطق.
وكان متخصصون في المناخ قد أوضحوا أنّ هذه الموجة التي تطاول البحرين والكويت وصولاً إلى الإمارات العربية المتحدة وعُمان، هي جزء من "منخفض العقربي" الذي تشهده المنطقة حالياً. ولم تعلن الجهات الأمنية عن عدد الحوادث التي وقعت من جرّاء الأمطار الغزيرة، غير أن مصادر في مرور الرياض أكدت تسجيل نحو 421 حادثاً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما أوضحت مصادر في مرور الشرقية أن عدد البلاغات التي تم تسجيلها تجاوزت 243 حادثاً.
من جهته، نشر مرصد الأحوال الجوية القطري أول من أمس، تنبيهات للمواطنين والمقيمين في قطر، بعدم ارتياد المناطق البحرية وتجنب التجمعات المائية أثناء القيادة، بسبب عدم استقرار الأجواء وسرعة الرياح. وأمس الخميس، تحسّنت الأحوال وسجّلت في الدوحة أجواء مشمسة. أما سلطنة عمان، فقد شهدت أمطاراً وعواصف رعدية عنيفة صحبها تساقط حبات البَرَد الناجمة عن تأثيرات "منخفض العقربي"، الذي يتكرر لفترة زمنية محدّدة من العام في فصل الشتاء.
وفي البحرين، توقع مصدر مسؤول في إدارة الأرصاد الجوية، بدء انحسار الأمطار ليتحوّل الطقس إلى معتدل مع رياح شمالية تتراوح من خفيفة إلى معتدلة السرعة، فيما يُتوقع أن تسوء الأحوال من جديد في المملكة غداً السبت. وعزا المصدر سبب ذلك إلى تحرك سلسلة من المنخفضات الجوية في طبقات الجو المتوسطة والعليا باتجاه الأجزاء الوسطى لشبة الجزيرة العربية والخليج العربي.
اقرأ أيضاً: شرق المتوسّط تحت الثلج