عام على اعتقال نشطاء الحسيمة في المغرب: أبرز المحطات

30 مايو 2018
الناشط ناصر الزفزافي رمز "حراك الريف" (تويتر)
+ الخط -
يتزامن قرار الناشط ناصر الزفزافي، أحد أبرز وجوه "حراك الريف" في المغرب، ورفاقه، في سجن عكاشة بالدار البيضاء، بخوض معركة الأمعاء الفارغة احتجاجاً على وضعه في الحبس الانفرادي، مع مرور سنة كاملة على اعتقال نشطاء كثر من مدينة الحسيمة.

احتجاج الزفزافي ومن معه من نشطاء على احتجازه في سجن انفرادي سوّغه ممثل النيابة العامة في محكمة الدار البيضاء، حكيم الوردي، معتبراً أن "الانفرادي" ليس سجناً تأديبياً أو عقابيا، كما يروّج له المعتقلون، بقدر ما هو تطبيق للقانون تنفذه إدارة السجون.

وفي الوقت الذي كشف فيه ممثل النيابة العامة أن الزفزافي مصنف في الخانة "أ" عند إدارة سجن عكاشة بسبب تسريبه مكالمة هاتفية قبل فترة، شدد محامو الناشط المعتقل على أن إصرار السجن على وضعه في حبس انفرادي هو سلوك عقابي وتضييق على المعتقل، الذي باتت فسحته انفرادية، واستقباله لأسرته انفراديا أيضا.



العام الذي مرّ على اعتقال نشطاء الريف، وبدأ مع اعتقال الزفزافي، في 29 مايو/أيار 2017، اتسم بعدد من الوقائع والأحداث الحاسمة والمؤثرة في مسار هذا الملف الشائك. انطلق بترحيل النشطاء المعتقلين من الحسيمة أقصى شمال المملكة إلى الدار البيضاء، ما أفضى إلى معاناة متواصلة لعائلاتهم بتكبّدها مشاق السفر من مناطق سكنهم إلى السجن.

ومن أبرز ما عرفته تلك السنة سلسلة الإضرابات عن الطعام التي خاضها المعتقلون في سجن عكاشة، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي وربيع الأبلق ومحمد جلول وآخرون، فضلا عن احتجاجاتهم المتواصلة، خصوصاً في جلسات المحاكمة الماراثونية.






واتسم ملف محاكمة نشطاء الريف، خلال عام كامل، بجلسات تسير وفق إيقاع ماراثوني طويل، كانت تنعقد مرتين في الأسبوع، حتى اتُخذ القرار بعقدها كل يوم ثلاثاء. كان القاضي يستنطق خلالها المعتقلين بتهم إثارة الفوضى وتهديد الأمن والاستقرار، وإجراء اتصالات هاتفية مع أشخاص من خارج البلاد، والتحريض على مواجهة قوات الأمن.


من أبرز أحداث محاكمة نشطاء الريف الضجة التي أثارها نشر مقطع فيديو قصير يظهر فيه الزفزافي شبه عار وكاشفاً عن جسده، للدلالة على عدم تعذيبه، ما أثار حينها سجالا قانونيا وحقوقيا وسياسيا كبيرا، كان أغلبه يتجه نحو إدانة هذا السلوك ورفض تصوير المعتقل بتلك الطريقة التي وصفها بعضهم بالمهينة.



وعرف مسار المحاكمة، خلال العام المنتهي، "انفراجا" تمثل في العفو الملكي عن 56 معتقلا من نشطاء الريف، كان أبرزهم المغنية الشابة سليمة الزياني، في يوليو/تموز 2017، ما اعتبره مراقبون في حينه مؤشرا على حلحلة الملف وإمكانية العفو أيضا عن رموز الحراك، غير أن ذلك لم يحدث حتى اليوم. وتذكر الحسيمة وأهاليها تأكيد الزفزافي للناس قبل اعتقاله على سلمية الحراك وضرورة التمسك بسلميته.



وخاض نشطاء الريف، خلال الشهور التي خلت، عددا من الأشكال الاحتجاجية، منها الإضراب عن الطعام، ورفض الزيارات العائلية، باعتبار أن الأسر تعاني كثيرا من زيارة المعتقلين ماديا وبدنيا ونفسيا، في الذهاب والإياب بين الحسيمة والدار البيضاء.



وفي مشهد آخر متصل بالذي سبق، عرفت قضية معتقلي الريف نوعاً من الاصطدام مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية) حين قرر توقيف حافلة سبق أن خصصت لنقل أفراد أسر المعتقلين بسبب "خلل" في استغلال تلك الحافلة، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها بين العائلات والمجلس المذكور، ويعاد تسيير الحافلة من جديد.



كذلك شهدت قضية اعتقال نشطاء الريف تطورا دوليا تمثل في جولات قام بها والد الزفزافي في عدد من البلدان الأوروبية، إذ جرى استقباله في البرلمان الأوروبي وألقى مداخلات عدة يشرح فيها وضعية معتقلي الريف. ويشار إلى أن أعضاء من السفارة الهولندية يتابعون بين الفينة والأخرى جلسات المحاكمة.

وقبل انقضاء العام الأول على اعتقال نشطاء الريف وصلت شظايا ملفهم الشائك إلى المحامين أيضاً. وأدين أحد محاميهم، عبد الصادق البوشتاوي، بالسجن 20 شهرا في فبراير/شباط الماضي بتهمة "إهانة موظفين عموميين ورجال القوة العمومية، والمساهمة في تنظيم تظاهرة غير مصرح بها وقع منعها، والمشاركة في مظاهرة بعد منعها".



وفي خضم كل هذه الأحداث والوقائع لم يكفّ حقوقيون وسياسيون عن المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الريف. وأصدروا بلاغات ونظموا وقفات احتجاجية وتضامنية في أكثر من مدينة، تطالب الدولة بإرساء مصالحة حقيقية مع منطقة الريف، عبر تسريح جميع الموقوفين.