لم يأت المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، بالنتائج التي كانت السلطة الفلسطينية ترغب بتحقيقها؛ بل إن المؤتمر كان إشكالياً جداً وأظهر تخبط السلطة والضعف في تخطيطها وأدائها حتى على مستوى تنظيم مؤتمر صحافي.
فبدلاً من أن يستغل الرئيس عباس وجوده في نيويورك ومقر الأمم المتحدة، بعد الجلسة التي ناقش مجلس الأمن خلالها الخطة الأميركية، ويعقد مؤتمراً صحافياً في مقر المنظمة الدولية، قرر أن يستنجد بأولمرت ويعقد مؤتمراً صحافياً معه في قاعة صغيرة بالفندق الذي يقيم فيه بالقرب من الأمم المتحدة.
وكان أولمرت قد تفاوض مع عباس ولسنوات حول حل نهائي، من دون نتيجة قبل أن يدان بتهم فساد. كما أن أولمرت رحب بالخطة الأميركية، وقال إنها نقطة بداية يمكن الانطلاق منها حتى لو كانت فيها شوائب.
فيما وصف عباس أولمرت بالصديق الذي "يعرفه منذ زمن وعمل معه من أجل السلام". وتحدث عن كلمته في مجلس الأمن، وقال إنه متمسك بالسلام على أساس الشرعية الدولية والمرجعيات الدولية المحددة وصولاً إلى تحقيق مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967. وقال عباس واصفاً الصفقة الأميركية بأنها تتنكر لقرارات الشرعية الدولية وتقضي على حل الدولتين، ولا يمكن أن تكون أساسا لأي مفاوضات تقود لسلام منشود، لذلك رفضناها وجرى رفضها من قبل منظمات ودول العالم.
وقال عباس إنه كان على اتصال دائم مع أولمرت قبل أن تتوقف المفاوضات ووصفها بـ"الواعدة"، وقال إنهما كانا قريبين من الحل لكنهما لم يصلا إلى حل. وتحدث عن مرجعيات وتقدم حقيقي بالمفاوضات مع أولمرت، وعبّر عن استعداده لاستئناف المفاوضات حيث انتهت مع أولمرت، ضمن إشراف اللجنة الرباعية وليس على أساس خطة الضم وشرعنة الاستيطان وتدمير خيار حل الدولتين ودفع المنطقة إلى الفوضى.
وقال أولمرت في مداخلته التي قدمها بعد مداخلة عباس: "أشعر بالسعادة لسماع التزام رئيس السلطة الفلسطينية المتكرر بأن السلطة الفلسطينية ستعمل كل ما بوسعها مع الحكومة الإسرائيلية من أجل الدفاع عن الجميع ضد أعمال إرهابية والعنف، كما تعهدت به السلطة الفلسطينية منذ مدة طويلة".
وأضاف أولمرت أن "هذا الالتزام ضروري لخلق الثقة الضرورية بين الطرفين". ثم قال إنه لم يأت إلى الولايات المتحدة لانتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على الرغم من أنه يفعل ذلك في إسرائيل. وأكد كذلك أنه لم يأت إلى الولايات المتحدة لانتقاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ثم أشار إلى وجود عدد من الخطط المتعلقة بالسلام. وقال عن خطة ترامب إنها "تهدف إلى تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويجب أن يتم التفاوض مع الفلسطينيين. ومع من علينا أن نتفاوض؟ أعتقد أن لدينا شريكاً. والشريك الوحيد الذي يمثل الفلسطينيين وأظهر أن لديه خطة للتفاوض (هو عباس). وللأسف لم نتوصل إلى حل في حينه. وعندي رأي آخر عن كيفية التعامل مع الخطة الأميركية".
وتابع: "لكن عباس رجل سلام ويعارض الإرهاب وهو الطرف الوحيد الذي يمكننا التفاوض معه، ولذلك من المهم بالنسبة لي كشخص تفاوض مع عباس لفترة طويلة وجمعتنا لقاءات عديدة. ولذلك أعتقد أن السلام هو الرسالة التي أردت أن أتحدث عنها. ومن الضروري ألا نستمع فقط إلى الجانب السلبي (الرفض للخطة)، بل إنه يقول (عباس) إنه مستعد للتفاوض في أي وقت مع دولة إسرائيل".
ثم تحدث أولمرت عن الخطة الأميركية وقال: "أعتقد أن الخطة تنطلق من أمر مهم وهو حل الدولتين، ولذلك إذا كان هذا التزاماً وشرطاً تم قبوله ويمكن قبوله من جميع الأطراف فإننا هنا أمام جانب إيجابي يجب أن يعتمد من قبل كل الأطراف بما فيها الطرف الفلسطيني. وأتمنى ألا يتجاهل الجانب الفلسطيني، بمن فيهم الرئيس وكبير المفاوضين، صائب عريقات، أننا هنا أمام التزام بحل الدولتين في خطة الرئيس ترامب. ونحن أمام خطة يمكن اعتمادها لتأسيس إطار للمفاوضات. هذه المفاوضات سوف تحدث ربما بعد وقت ولكن ستحدث. وشريك إسرائيل في محادثات السلام الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ومن سيكون من الجانب الإسرائيلي؟ سنرى".
وأجاب أولمرت على بعض الأسئلة بعد مغادرة محمود عباس، ومعه صائب عريقات ووزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي. فلم يقل أولمرت، كما أرادت السلطة الفلسطينية، إن من يعيق المفاوضات والتوصل إلى حل سلمي هو الجانب الإسرائيلي. وقال رداً على أسئلة حول المفاوضات ومن المسؤول عن وقفها: "لا يمكنني التعليق حول ما حدث بعد خروجي من منصبي. ولكن ما يمكنني قوله، إنه عندما تفاوضت مع عباس كنا قريبين جدا من التوصل إلى اتفاق. إلا أن الرئيس في حينه لم يرفض تلك الخطة، لكنه لم يقبلها وتوقفنا عند ذلك حين تركت منصبي كرئيس الوزراء".
ثم أضاف: "لقد شعرت بخيبة أمل حينذاك، وقلت للرئيس (عباس) إنه ارتكب خطأ ولم أغير رأيي ولكن يجب أن أؤكد أنه لم يقل أبدا لا".