مجد الريماوي، طفل فلسطيني بالكاد تجاوز عامه الأول. لكنه، وحتى يتمكّن والده من معانقته، احتاج قراراً قضائياً من محكمة العدل الإسرائيليّة العليا. أما السبب، فهويّته الفلسطينيّة ولأنه أبصر النور بطريقة غير اعتياديّة. في البداية، رفض الاحتلال الاعتراف به أو بنسبه إلى والده الأسير عبد الكريم الريماوي. فالأخير نجح في تهريب المَني من داخل زنزانته، ليتمّ زرعه في رحم زوجته ليديا الريماوي التي أنجبت طفلهما مجد.
مجد، هُرّب من السجن نطفة، ليعود إليه زائراً باحثاً عن أبيه. لكن عودته لم تكن مفروشة بالورود، بل ذاقت العائلة الأمرَّين حتى تمكّن والده الذي يقضي حكماً بالسجن 25 عاماً بتهمة مقاومة الاحتلال، من احتضانه. بعد تهريبه المَني، أنزلت إدارة السجن عقوبات بحقّ عبد الكريم، في حين أصدرت محكمة إسرائيليّة حكماً بتغريمه خمسة آلاف شيكل (نحو 1500 دولار أميركي). إلى ذلك، مُنع من لقاء ابنه. فالاحتلال لا يعترف به.
وتتحدّث الوالدة ليديا الريماوي عن الصراع القضائي الذي خاضته مع الاحتلال حتى تتمكّن من جمع مجد بوالده أخيراً. وبالفعل تحقّق الأمر قبل يومَين، بموجب قرار قضائي. لكن الاحتلال حاول عرقلة الزيارة حتى اللحظة الأخيرة. وتخبر ليديا: "عندما وصلنا إلى السجن، قالت لي مجنّدة إسرائيليّة إنني ممنوعة من الزيارة ويتوجّب عليّ الخروج". تضيف: "كنت أتوقّع ذلك. لكنني صُدمت عندما طلبت مني اصطحاب الطفل معي. حاولت أن أشرح لها أن مجد يزور والده بموجب قرار قضائي، إلا أنها لم تبدِ تجاوباً".
وتتابع: "خرجت حاملة ابني، والدموع تملأ عينَيّ. لم أعرف ماذا أفعل. اتصلت بالمحامية، فطلبت مني الانتظار وأكدت لي أن مجد سيزور والده حتماً". وبعد دقائق، طمأنتها المحامية بأن المشكلة انتهت، وقد أبلِغَت إدارة السجن بالقرار القضائي وسيتمكّن مجد من لقاء والده.
بعد انتظار لدقائق عدّة، عادت المجنّدة التي طردت الوالدة وصغيرها وبدأت تسأل عن مجد، وأخبرت ليديا أنه سيدخل إلى والده لوحده. لكن الصغير رفض مرافقتها وبدأ بالبكاء. فأحضروا شقيقته رند التي كانت قد تمكّنت من الدخول قبل بعض الوقت، حتى تتولى هي أمره. وبالفعل اصطحبته إلى والدهما.
ما حصل "فرحة لا يمكن أن يتخيّلها أحد"، بحسب ما تؤكّد ليديا. وتسأل: "فكيف تعتقد أن يكون شعور أب يحتضن ابنه للمرّة الأولى.. ابن جاء إلى الدنيا بطريقة غير طبيعيّة وبمعاناة شاقة". عندما أنهى مجد زيارته، استقبله أهالي الأسرى الذين كانوا ينتظرون دورهم في قاعات الانتظار "استقبال الأبطال". فهو تمكّن بقوّة حقه من كسر جبروت المحتل.