وُلد الشاعر عبد الله عيسى في مخيم ببيلا الواقع في جنبات مخيم اليرموك، الذي يصفه، في لقاء مع "جاليات العربي الجديد"، بأنه "الذاكرة الأولى والنفس الأول ولمسة الحب الأولى والقبلة الأولى"، إلى أن غادره في الـ15 من عمره إلى منطقة السيدة زينب وبدأ يعمل في الصحافة، حتى توجّه للدراسة إلى موسكو، حيث استقر به الحال منذ ثلاثة عقود.
ويسرد عيسى قصة مجيئه إلى روسيا، قائلا: "حضرت للدراسة في معهد مكسيم غوركي للأدب في عام 1989، وهو المعهد الوحيد في العالم الذي يدرس فيه شعراء وكتاب ونقاد، ثم حصلت على درجة الدكتوراه من معهد آسيا وأفريقيا التابع لجامعة موسكو الحكومية".
خلال دراسته في روسيا، تأثر عيسى بالحياة الثقافية والإبداعية الروسية، وتواصل مع رموز الأدب والفن فيها، وتعمّق في قراءة عوالم الشعراء الروس، وفي مقدمتهم بوريس باستيرناك وآنا أخماتوفا وإيفان بونين، وترجم أعمالاً لهم إلى العربية. كما قام بتقديم الكثير من الشعراء العرب إلى الروسية، مثل أدونيس والسياب ومحمد بنيس والأبنودي، وكذلك الشاعر محمود درويش في قصيدة "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، لاسيما في أعماله المتأخرة، والذي كان له السبق في تقديمها للقارئ والباحث الروسي.
اقــرأ أيضاً
وبالرغم من غربته الطويلة في روسيا، بقيت مكانة فلسطين عند عبد الله عيسى، حياة وعملا، أساس ما يحرك وجوده، وهو يصف ذلك بالقول: "أن تكون فلسطينياً، فهذا يعني أن فلسطين هي ملامحك وذاتك وجسدك الذي يتنقل بين المنافي ويتم توقيفه في المطارات وقد يقاد في أية لحظة إلى عتمة الزنازين. فلسطين هي الجسد والحلم معاً. وفي مجموعتي الشعرية الأخيرة، قدمت بعض الأشخاص المهمشين من المخيمات، بوصفهم أبطالاً يتجاورون مع الأبطال الكبار مثل ياسر عرفات وسميح القاسم وغيرهما".
في ظل المعاناة والمتاعب التي يعيشها الفلسطينيون منذ 70 عاما، يلخص عيسى أكبر إنجازاته في رحلة اغترابه الطويلة، قائلا: "أكبر إنجاز حققته في حياتي، هو أنني ما زلت حياً على الرغم من كل ما عانيناه من مخاضات تراجيديات النكبة والحروب والمجازر والمطاردات والسجون".
جمرة حلم العودة
ولا يزال الشاعر الفلسطيني عبد الله عيسى يقبض على جمرة الحلم بالعودة، العودة غير المنقوصة وغير القابلة للنسيان للشعب الفلسطيني كي يجسد كل أحلامه التي تليق به كشعب مبدع ومحب للحياة وقادر على صناعة الجمال. ويضيف بنبرة من الحزن: "ليس هناك أي ظلم على هذه الأرض أبشع من الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني تحت أبشع الاحتلالات. يحق لكل إنسان أن يعيش على أرضه، إلا أنت، عليك أن تموت أو تُقتل من أجلها حتى يستطيع أبناؤك العيش عليها. ومع ذلك، حين تكون فلسطينيا، فأنت مصاب ومحكوم بالأمل".
حصل عيسى، خلال مسيرته الشعرية، على العديد من الجوائز في مجال الأدب، إلا أنه يعتز بشكل خاص بوسام الاستحقاق في الثقافة والعلوم والفنون الذي تسلّمه عام 2016 من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويعد عيسى أول أديب فلسطيني وعربي ينال جائزة تشيخوف المرموقة في روسيا، عن كامل تجربته الأدبية، لإظهاره عوالم الإنسان كقيمة إنسانية كبرى، وتقديم قضيته الفلسطينية مشروعاً جمالياً في مواجهة شرعة القتل والمحو الإسرائيلية.
وعلى مدى سنوات الغربة، لم يقتصر نشاط عيسى على كتابة الشعر، بل عمل أيضا في الصحافة وإعداد أفلام وثائقية وروائية طويلة، بالإضافة إلى حضوره المتميز في الأوساط المختلفة.
ولعل من أكبر الأخطار التي كان يمكن أن تهدد حياته، حين تم اختياره للتفاوض مع المسلحين الذين احتجزوا مئات التلاميذ بمدرسة بيسلان جنوب روسيا، في سبتمبر/أيلول 2004، لكنه لم يدخل إلى المدرسة، في نهاية المطاف، بسبب وضع المحتجِزين شروطاً تعجيزية جديدة وبدء قوات الأمن الروسي عملية الاقتحام.
ويتذكر شعوره في تلك اللحظة، قائلا: "كنت سأعتز بأنني عشت حالة الموت من أجل إنقاذ حياة طفل واحد، وكنت مستعدا لهذه التجربة، لكن في اللحظة الأخيرة اتصل ممثل الإرهابيين، وأوقف دخولي، مطالبا بأن أذهب برفقة رؤساء جمهوريات الشيشان وإنغوشيا وأوسيتيا الشمالية، وكان هذا الطلب جنونياً ومستحيل التحقيق في تلك الليلة".
اقــرأ أيضاً
غوركي-درويش
يعد معهد غوركي الذي يحمل اسم الكاتب الروسي والسوفييتي الراحل مكسيم غوركي، مؤسسة تعليمية عريقة وفريدة من نوعها على مستوى العالم، حيث تخرج منه أشهر الأدباء والشعراء والنقاد، والمتخصصين في الأدب الروسي. ومن أبرز هؤلاء الكتاب، فيكتور أستافييف وجنكيز أيتماتوف ويوري تريفونوف ورسول حمزاتوف وغيرهم من كبار الأدباء.
وفي الوقت الحالي يضم معهد غوركي الذي تأسس عام 1933، بضعة أقسام، بما فيها العمل الأدبي والترجمة الأدبية والنقد الأدبي وغيرها.
تم تكريم الشاعر عيسى مؤخراً في جمهورية تشوفاشيا الروسية، بما في ذلك الإعلان عن ترجمة مختارات من أعماله، أثناء مشاركته في فعالية يوم الأرض الفلسطيني، والاحتفاء بذكرى الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، حيث تمت قراءة أشعاره بالتشوفاشية والتي ترجمها شاعر الشعب يوري سيميندير.
اقــرأ أيضاً
ويسرد عيسى قصة مجيئه إلى روسيا، قائلا: "حضرت للدراسة في معهد مكسيم غوركي للأدب في عام 1989، وهو المعهد الوحيد في العالم الذي يدرس فيه شعراء وكتاب ونقاد، ثم حصلت على درجة الدكتوراه من معهد آسيا وأفريقيا التابع لجامعة موسكو الحكومية".
خلال دراسته في روسيا، تأثر عيسى بالحياة الثقافية والإبداعية الروسية، وتواصل مع رموز الأدب والفن فيها، وتعمّق في قراءة عوالم الشعراء الروس، وفي مقدمتهم بوريس باستيرناك وآنا أخماتوفا وإيفان بونين، وترجم أعمالاً لهم إلى العربية. كما قام بتقديم الكثير من الشعراء العرب إلى الروسية، مثل أدونيس والسياب ومحمد بنيس والأبنودي، وكذلك الشاعر محمود درويش في قصيدة "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، لاسيما في أعماله المتأخرة، والذي كان له السبق في تقديمها للقارئ والباحث الروسي.
في ظل المعاناة والمتاعب التي يعيشها الفلسطينيون منذ 70 عاما، يلخص عيسى أكبر إنجازاته في رحلة اغترابه الطويلة، قائلا: "أكبر إنجاز حققته في حياتي، هو أنني ما زلت حياً على الرغم من كل ما عانيناه من مخاضات تراجيديات النكبة والحروب والمجازر والمطاردات والسجون".
جمرة حلم العودة
ولا يزال الشاعر الفلسطيني عبد الله عيسى يقبض على جمرة الحلم بالعودة، العودة غير المنقوصة وغير القابلة للنسيان للشعب الفلسطيني كي يجسد كل أحلامه التي تليق به كشعب مبدع ومحب للحياة وقادر على صناعة الجمال. ويضيف بنبرة من الحزن: "ليس هناك أي ظلم على هذه الأرض أبشع من الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني تحت أبشع الاحتلالات. يحق لكل إنسان أن يعيش على أرضه، إلا أنت، عليك أن تموت أو تُقتل من أجلها حتى يستطيع أبناؤك العيش عليها. ومع ذلك، حين تكون فلسطينيا، فأنت مصاب ومحكوم بالأمل".
حصل عيسى، خلال مسيرته الشعرية، على العديد من الجوائز في مجال الأدب، إلا أنه يعتز بشكل خاص بوسام الاستحقاق في الثقافة والعلوم والفنون الذي تسلّمه عام 2016 من الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويعد عيسى أول أديب فلسطيني وعربي ينال جائزة تشيخوف المرموقة في روسيا، عن كامل تجربته الأدبية، لإظهاره عوالم الإنسان كقيمة إنسانية كبرى، وتقديم قضيته الفلسطينية مشروعاً جمالياً في مواجهة شرعة القتل والمحو الإسرائيلية.
وعلى مدى سنوات الغربة، لم يقتصر نشاط عيسى على كتابة الشعر، بل عمل أيضا في الصحافة وإعداد أفلام وثائقية وروائية طويلة، بالإضافة إلى حضوره المتميز في الأوساط المختلفة.
ولعل من أكبر الأخطار التي كان يمكن أن تهدد حياته، حين تم اختياره للتفاوض مع المسلحين الذين احتجزوا مئات التلاميذ بمدرسة بيسلان جنوب روسيا، في سبتمبر/أيلول 2004، لكنه لم يدخل إلى المدرسة، في نهاية المطاف، بسبب وضع المحتجِزين شروطاً تعجيزية جديدة وبدء قوات الأمن الروسي عملية الاقتحام.
ويتذكر شعوره في تلك اللحظة، قائلا: "كنت سأعتز بأنني عشت حالة الموت من أجل إنقاذ حياة طفل واحد، وكنت مستعدا لهذه التجربة، لكن في اللحظة الأخيرة اتصل ممثل الإرهابيين، وأوقف دخولي، مطالبا بأن أذهب برفقة رؤساء جمهوريات الشيشان وإنغوشيا وأوسيتيا الشمالية، وكان هذا الطلب جنونياً ومستحيل التحقيق في تلك الليلة".
غوركي-درويش
يعد معهد غوركي الذي يحمل اسم الكاتب الروسي والسوفييتي الراحل مكسيم غوركي، مؤسسة تعليمية عريقة وفريدة من نوعها على مستوى العالم، حيث تخرج منه أشهر الأدباء والشعراء والنقاد، والمتخصصين في الأدب الروسي. ومن أبرز هؤلاء الكتاب، فيكتور أستافييف وجنكيز أيتماتوف ويوري تريفونوف ورسول حمزاتوف وغيرهم من كبار الأدباء.
وفي الوقت الحالي يضم معهد غوركي الذي تأسس عام 1933، بضعة أقسام، بما فيها العمل الأدبي والترجمة الأدبية والنقد الأدبي وغيرها.
تم تكريم الشاعر عيسى مؤخراً في جمهورية تشوفاشيا الروسية، بما في ذلك الإعلان عن ترجمة مختارات من أعماله، أثناء مشاركته في فعالية يوم الأرض الفلسطيني، والاحتفاء بذكرى الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، حيث تمت قراءة أشعاره بالتشوفاشية والتي ترجمها شاعر الشعب يوري سيميندير.