يسعى رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، إلى إجراء تعديل وزاري، بعيداً عن الكتل السياسية، مستغلاً ضغط الشارع العراقي المطالب بالتغيير وإجراء الإصلاحات، فيما تؤكد قوى أن التعديل الوزاري مجرد تخدير للشعب، على أساس أن البدلاء سيأتون من طريق الكتل السياسية المتنفذة.
وأعلن عبد المهدي في كلمة مساء الأربعاء، أنه سيطلب من البرلمان التصويت على تعديل وزاري في جلسته لهذا اليوم الخميس، دون أن يكشف عن أبرز الوزراء، غير أن مصادر حكومية عراقية أكدت لـ"العربي الجديد"، أن أبرز التعديلات المطروحة من قبل رئيس الحكومة ستكون طرح اختيار وزير التربية وآخر للصحة بدلاً من الوزير المستقيل سابقاً علاء الدين العلوان، وإعفاء اثنين يرجَّح أنهما وزيرا الاتصالات والزراعة، بينما لا تزال المشاورات جارية بشأن وزراء الصناعة والكهرباء والنقل، بين عبد المهدي وكتل سياسية يتبع لها الوزراء المراد إقالتهم.
يأتي ذلك مع دعوات إلى الخروج بتظاهرات حاشدة في بغداد ومدن جنوبية عدة يوم غد الجمعة، تحمل المطالب نفسها والتأكيد لما وصفه ناشطون بعدم ثقتهم بوعود الحكومة وقراراتها، ومحاسبة المتورطين بقتل المتظاهرين.
وقال القيادي في "جبهة الإنقاذ والتنمية" أثيل النجيفي، لـ "العربي الجديد"، إن "التعديل الوزاري أقل ما يمكن أن تقدم الحكومة لإرضاء الشعب، وهو حالة من أجل امتصاص النقمة المتزايدة من التشكيلة الوزارية، التي تطالب بإقالة كل الحكومة. فعلى الأقل يُقال بعض الوزراء الذين عُرفت عليهم شبهات الفساد أو شبهات أخرى".
وبيّن النجيفي أنه "بكل تأكيد، هناك كتل وأحزاب سياسية لن ترضى بهذا الأمر، لكن القناعة لدى الكتل الكبيرة بأن هذا الأمر خطير، ولا بد من هذا التعديل الوزاري، ولن يهتموا بأقوال الكتل الصغيرة المتحالفة معهم، سواء وافقت أو لم توافق".
ولفت إلى أن "الجميع يدرك أن خطر الإقالة واقع على جميع الحكومة، فإذا لم يُجرَ تعديل وزاري، فهذا يعني أن الحكومة بكاملها يجب أن تقال".
من جانبها، قالت القيادية في "ائتلاف النصر"، النائبة ندى شاكر جودت: "نعتقد أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، سيجري تعديلاً وزارياً بسيطاً، والوزراء البدلاء سيقدمون من الكتل والأحزاب نفسها التي تستحوذ على الوزارة حالياً".
وأضافت جودت، لـ "العربي الجديد"، أن "هذا التعديل الوزاري، من أجل تخدير الشعب، فلا يمكن عبد المهدي التحرر من ضغوطات الكتل السياسية، التي هي بصراحة أقوى من ضغوطات الشعب، فالقوى السياسية دائماً ما تردد لعبد المهدي: (نحن من أتى بك إلى رئاسة الوزراء)".
وتابعت قائلة: "الوزارات التي تسيطر عليها الكتل الكبيرة والقوية لا يمكن عبد المهدي التقرب منها، خصوصاً أن بعض تلك الوزارات على شبهات فساد".
وشددت القيادية في "ائتلاف النصر"، قائلة: "نحن مع تغيير الحكومة الحالية، لا مع تعديل وزاري، فهذا هو الحل الأمثل، فعبد المهدي لا يستطيع أن يتحرر من سيطرة الكتل السياسية عليه".
أما القيادي في "تحالف الفتح" (داعم لعبد المهدي وحكومته)، النائب عامر الفايز، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "هناك اتفاقاً مسبقاً بين الكتل السياسية ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قبل انطلاق التظاهرات على إجراء تعديل وزاري"، موضحاً أن "عبد المهدي سيستغل ضغط الشارع العراقي من أجل إجراء هذا التعديل بكل أريحية، رغم وجود اتفاق مسبق من الكتل على هذا الأمر، ولهذا عبد المهدي سيقدم وزراء بدلاء بعيداً عن الكتل السياسية، مستغلاً ضغط الشارع وغضبه، ويختار وزراء مستقلين مهنيين تكنوقراط".
في المقابل، بيّن مصطفى حميد، أحد الناشطين في التظاهرات العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن "المظاهرات خفّت شدتها، بسبب قوة القمع التي تعرضوا له، وحالياً هناك محاولات تجميع صفوف"، وفقاً لتعبيره.
وأضاف: "يوم غد الجمعة نأمل أن يكون استئنافاً لشدة التظاهرات وزخمها، ولن تتوقف التظاهرات حتى تحقيق ما خرجت من أجله، تُضاف إليها محاسبة القتلة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي"، وفقاً لقوله. واعتبر أن "التعديل الوزاري ضحك على الشعب، لأن المشكلة ليست ببضعة وزراء، بل بسياق كامل أسست عليه الدولة وثبت فشله"، مضيفاً أن "يوم غد الجمعة، ستكون وجهة المتظاهرين إلى ساحة التحرير، لكن قد يحول القمع دون ذلك، لذا سنحاول أن يكون في موقع بديل قريب منها"، وفقاً لقوله.