يوميّاً، كلَّ صباح قبل أن أنام، أختلس النظر إليه من شباك غرفتي..، هو في الستين من عمره، لكن حين ترى تقاسيم وجهه تعتقد أن عمره تجاوز الألف عام على الأقل.
يقف أمام بيته، يتلفت يميناً وشمالاً، ثم يمشي محنيّ الظهر. يحني ظهره حتى يكاد رأسه يدوس على قدميه، عندما يصل إلى آخر الشارع، يلتفت من جديد إلى الخلف، ويبدأ بالركض فجأة، كلصّ مُلاحَـق، إلى أن يغيب عن ناظري. فعله اليومي هذا أثار فضولي، فقررت ملاحقته في المرة المقبلة لأكتشف سره. وهذا ما فعلته في اليوم التالي.
انتظرته في آخر الشارع، وما أن بدأ الركض حتى لحقت به. كان يجري بسرعة لم أتوقعها من رجل ستيني، كاد قلبي يتوقف تعباً وأنا أحاول اللحاق بهذا العجوز. يجري ويمسك ببنطاله بكلتا يديه خوفاً من سقوطه، نظراً لنَحْفه الغريب، وكلما اعترضت طريقه سيارة، دبابة، نملة... قفز من فوقها بسهولة، وكأنه يمتلك جناحين. أما أنا الشاب فكنت أركض خلفه مرخياً لساني أمامي ككلب منهك، إلى أن توقف أخيراً عند بناء مهجور، التفت يميناً وشمالاً ثم دخل.
اختبأت، وبدأت أراقبه متلهفاً لأكتشف سرّه الذي طالما أثار فضولي. تناول فأساً من بين الركام، وبدا لي أنه كان قد خبأه مسبقاً. لم يأخذ الحفر وقتاً طويلاً، يبدو أنه خبأ كنزه على عمق خفيض، عندما انتهى أخرج شيئاً كبيراً، وضمّه إلى صدره.
هذا الشيء لم يكن سوى طفل صغير، طفل ميت ضمّه إلى صدره لثوانٍ معدودة وأعاده إلى الحفرة.. بعدها مدّ يده إلى داخل سترته المهترئة، وأخرج رغيف خبز ووضعه في الحفرة فوق الطفل الميت، وطمر الحفرة من جديد وخرج. تلفت يميناً وشمالاً وعاد إلى الجري.
لم ألحق به هذه المرة، مشيت مذهولاً إلى أن وصلت بيتي بعد خمس ساعات، علماً أن بيتي يلزمني ربع ساعة لأصل إليه. من يومها لم أعد أراقبه، كلما اقترب موعد خروجه المعتاد من البيت. ألجأ إلى فراشي..، ألتفت يميناً وشمالاً وأختبئ تحت لحافي...
يقف أمام بيته، يتلفت يميناً وشمالاً، ثم يمشي محنيّ الظهر. يحني ظهره حتى يكاد رأسه يدوس على قدميه، عندما يصل إلى آخر الشارع، يلتفت من جديد إلى الخلف، ويبدأ بالركض فجأة، كلصّ مُلاحَـق، إلى أن يغيب عن ناظري. فعله اليومي هذا أثار فضولي، فقررت ملاحقته في المرة المقبلة لأكتشف سره. وهذا ما فعلته في اليوم التالي.
انتظرته في آخر الشارع، وما أن بدأ الركض حتى لحقت به. كان يجري بسرعة لم أتوقعها من رجل ستيني، كاد قلبي يتوقف تعباً وأنا أحاول اللحاق بهذا العجوز. يجري ويمسك ببنطاله بكلتا يديه خوفاً من سقوطه، نظراً لنَحْفه الغريب، وكلما اعترضت طريقه سيارة، دبابة، نملة... قفز من فوقها بسهولة، وكأنه يمتلك جناحين. أما أنا الشاب فكنت أركض خلفه مرخياً لساني أمامي ككلب منهك، إلى أن توقف أخيراً عند بناء مهجور، التفت يميناً وشمالاً ثم دخل.
اختبأت، وبدأت أراقبه متلهفاً لأكتشف سرّه الذي طالما أثار فضولي. تناول فأساً من بين الركام، وبدا لي أنه كان قد خبأه مسبقاً. لم يأخذ الحفر وقتاً طويلاً، يبدو أنه خبأ كنزه على عمق خفيض، عندما انتهى أخرج شيئاً كبيراً، وضمّه إلى صدره.
هذا الشيء لم يكن سوى طفل صغير، طفل ميت ضمّه إلى صدره لثوانٍ معدودة وأعاده إلى الحفرة.. بعدها مدّ يده إلى داخل سترته المهترئة، وأخرج رغيف خبز ووضعه في الحفرة فوق الطفل الميت، وطمر الحفرة من جديد وخرج. تلفت يميناً وشمالاً وعاد إلى الجري.
لم ألحق به هذه المرة، مشيت مذهولاً إلى أن وصلت بيتي بعد خمس ساعات، علماً أن بيتي يلزمني ربع ساعة لأصل إليه. من يومها لم أعد أراقبه، كلما اقترب موعد خروجه المعتاد من البيت. ألجأ إلى فراشي..، ألتفت يميناً وشمالاً وأختبئ تحت لحافي...