اضطر الكثير من العراقيين للاعتماد على أنفسهم بتوفير الأمن الشخصي لهم كأشخاص وكشركات، بعد يأسهم من القوات الأمنية التي أثبتت عجزها عن توفير الأمن للمواطنين، ما دفع الكثير منهم إلى الاستعانة بشركات أمنية توفّر لهم ما عجزت عنه القوات العراقية. وتنتشر اليوم في العراق أكثر من 20 شركة أمنية، تُعتبر من ضمن القوات التي تتحرك وسط شوارع العاصمة، وهي مخولة باستخدام السلاح، الأمر الذي أصبح يشكّل عبئاً جديداً على حياة المواطن العراقي، وفق مراقبين، يعتبرون أنّ هذا التوجّه يعكس حالة من الفوضى الأمنية داخل البلد.
وقال عضو في لجنة الأمن البرلمانية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الظرف الأمني الذي يمر به العراقيون والخطر الذي يخشونه على حياتهم بسبب فقدان الأمن، دفع الكثير منهم كأفراد وكشركات، إلى الاستعانة بشركات أمنية تكون مسؤولة عن حمايتهم الشخصية"، لافتاً إلى "انتشار مكاتب خاصة في بغداد وعدد من المحافظات مهمتها توفير الشركات الأمنية لمن يحتاجها".
من جهته، تساءل عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، أحمد الجبوري، عن "دور ومسؤولية القوات الأمنية وقوات الشرطة المحلية، في حفظ أمن المواطن". وقال الجبوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "استعانة المواطنين بالشركات الأمنية الأجنبية تطرح تساؤلات كثيرة عن الجدوى من وجود كل هذا العدد الكبير من الأجهزة الأمنية العراقية، وخصوصاً الشرطة المحلية والموازنة الكبيرة المرصودة لها"، مبيناً أنّ "اعتماد العراقيين على شركات أمنية محلية يؤكد أنّ العراقيين لا ثقة لديهم بالشرطة العراقية، وأنّهم لا يستطيعون التأمين على حياتهم إلا من خلال الشركات الأمنية".
وتساءل: "إذا كان الأغنياء والمقاولون وأصحاب الشركات يستطيعون تأمين أنفسهم من خلال أموالهم وتوفير شركات أمنية، فمن يوفر الحماية للفقراء، وهل يُتركون للعصابات الإجرامية؟"، مطالباً الحكومة بـ"تتبّع تفاصيل هذا الموضوع الخطير، والوقوف على أسبابه وبحث الجدوى من القوات الأمنية التي لا تستطيع حماية المواطنين في البلاد".
وتثير تلك الشركات التي تتنقل داخل أزقة وشوارع بغداد، مخاوف الأهالي الذين لا يستطيعون حتى الاقتراب منها، وهي مخوّلة باستخدام السلاح ضدّ أي جهة. وعدّ الخبير الأمني، فالح العزي، وجود تلك الشركات الأمنية "خطيراً على حياة المواطنين؛ خصوصاً أنّها لا تعمل وفقاً لقانون منظّم".
وتساءل العزي: "ما الحماية التي توفرها الحكومة للمواطن من تلك الشركات؟"، مبيناً أنّ "الحكومة للأسف تحمي تلك الشركات من المواطنين وليس العكس، وتخوّلها باستخدام السلاح ضدّه، الأمر الذي يتطلب إعادة نظر، وإعادة ترتيب الملف الأمني بالابتعاد عن حالة الفوضى الخطيرة".
أما المواطن عادل الفخري، فأكد أن "تلك الشركات وإن كانت توفر حماية لبعض الأشخاص، إلا أنّ وجودها بحد ذاته تهديد للمواطنين، إذ إن السماح لها باستخدام السلاح يجعل المواطن تحت رحمتها، الأمر الذي يعد تهديداً خطيراً على حياتنا". وقال الفخري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العراقيين كل يوم يرون جهات خارجة عن القانون تجوب شوارعهم، فما بين المليشيات والجماعات المسلحة والشركات الأمنية ضاعت دماء العراقيين".