وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، في بيان صحافي، الأحد الماضي، إن الوزارة نفذت مسحاً في نهاية عام 2018، وأظهر تراجع نسب الفقر إلى 20 في المائة، بعد أن سجل 22.5 في المائة عام 2014، مبيناً أن هذه النسب تباينت بين المحافظات بحسب النشاط الاقتصادي والحركة التنموية.
وأضاف البيان الحكومي أن "قياس مؤشرات الفقر يعتمد على أبعاد متعددة، من بينها الصحة والسكن والتعليم والدخل والحاجة إلى الغذاء، ووفقا لهذه الأبعاد، أطلقت الوزارة الاستراتيجية الوطنية لخفض الفقر في الفترة من 2018 إلى 2022، والتي تستهدف خفض النسبة إلى 16 في المائة، بعد أن أسهمت استراتيجية سابقة في خفضه من 23 في المائة عام 2010 إلى 15 في المائة بنهاية عام 2013، قبل أن يعاود الارتفاع مجدداً".
وتظهر خريطة وزارة التخطيط للفقر في العراق أن محافظة المثنى تحل بالمركز الأول بنسب فقر تصل إلى 52 في المائة، وفي الديوانية 48 في المائة، وفي ميسان 45 في المائة، وفي ذي قار 44 في المائة، وفي نينوى 37.7 في المائة، وفي واسط 19 في المائة، وفي بابل 11 في المائة، وفي صلاح الدين 18 في المائة.
وبلغت نسب الفقر في دهوك 8.5 في المائة، وفي السليمانية 4.5 في المائة، وفي أربيل 6.7 في المائة، وفي كركوك 7.6 في المائة، وفي ديالى 22.5 في المائة، وفي العاصمة بغداد 10 في المائة، وفي كربلاء 12 في المائة، وفي النجف 12.5 في المائة، وفي البصرة 16 في المائة، وفي الأنبار 17 في المائة.
وقوبلت الأرقام التي أعلنتها الوزارة باستنكار واسع من قبل العراقيين الذين اعتبروا زيادة نسب الفقر في المجتمع أمراً واضحاً، ولا يقارن بأرقام الحكومة غير الواقعية. وقالت المحامية بشرى الطائي، لـ"العربي الجديد"، وهي من سكان محافظة ذي قار (جنوب)، إن "أكثر من 44 في المائة من سكان المحافظة يعيشون في فقر مدقع، خاصة بعد تجريف الأراضي الزراعية وانتشار البطالة، الأمر الذي دفع العديد من الطلاب إلى ترك الدراسة للبحث عن فرص عمل رغم عدم توفرها".
وأضافت الطائي: "العراق من أكثر البلدان ثروة، وهذا يمكن أن يجعل المواطن العراقي يعيش في رفاهية لو استغلت المصادر الطبيعية والاقتصادية جيدا، لكن الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد لم تنفذ المشاريع الخدمية أو الاقتصادية، وتجاهلت الأساسيات الاقتصادية التي يمكن استغلالها لتحسين المستوى المعيشي للسكان والقضاء على الفقر".
وقالت العراقية آمنة كاطع، من بلدة سعد بمحافظة ديالى، إنها أسرتها المكونة من سبعة أفراد تعيش في بيت مستأجر، إذ لم يتمكن زوجها الذي يعمل سائق أجرة من شراء منزل، ورغم كونها تحمل شهادة جامعية، لكنها لم تحصل على وظيفة، وتعمل مدرسة بالمجان في مدارس مدينة بعقوبة، مما فاقم الفقر الذي تعيشه الأسرة مع زيادة متطلبات الأبناء.
وأوضحت كاطع، لـ"العربي الجديد"، أن "جميع الأسر في البلدة تعيش ظروفا اقتصادية صعبة، والجهات الحكومية لا تلتفت إلى معاناتهم، أو تعمل للتخفيف منها، وهناك آلاف الأسر النازحة التي يتم إجبارها على العودة، رغم عدم توفر مقومات العيش الكريم في مناطقهم".
وشكك الناشط مهدي شعنون في مصداقية إحصائية نسب الفقر التي أعلنتها وزارة التخطيط،
وأكد لـ"العربي الجديد" أن "قاعدة البيانات التي تعتمدها وزارة التخطيط مزيفة جملة وتفصيلا كونها ترتكز على معايير وضوابط غير منطقية لتحديد نسب الفقر، فهي تعتبر كل من يمتلك سلعة معمرة شخصاً فوق خط الفقر، وتقطع عنه راتب شبكة الحماية الاجتماعية، بخلاف المعايير الدولية المعروفة التي تعتمد معدل دخل ثابت للفرد".
وأضاف شعنون أنه "من الغريب أن تتحدث وزارة التخطيط عن تراجع نسب الفقر دون أن توضح أسباب هذا التراجع، في الوقت الذي ترتفع فيه نسب البطالة بشكل واضح، ويعاني القطاع الخاص كسادا غير مسبوق بسبب السياسات الخاطئة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ 16 عاما".
وبينت عضو مجلس النواب عن محافظة ديالى، غيداء كمبش، أن "إحصائيات وزارة التخطيط العراقية حول معدلات الفقر في المحافظة غير دقيقة"، وأكدت في تصريحات صحافية أن "الواقع على الأرض يؤكد أن نسبة الفقر في ديالى أعلى بكثير من المعلن، خاصة في المناطق المحررة التي وصلت معدلات الفقر بها إلى أكثر من 50 في المائة".