يحتسي محمد حميد الشاي مع مجموعة من الأصدقاء بعد انتهاء يوم عمل طويل في مطعمه في إحدى المدن الدنماركية. خلال جلستهم، يناقشون ما تشهده أوروبا من هجمات إرهابية، واصفين ما يجري بـ "الكارثة". هؤلاء كانوا قد اختاروا العيش في هذا البلد، لضمان راحة البال، إلا أن ما تمنوه واختبروه لبعض الوقت لم يدم طويلاً. مضى على هجرة حميد من سورية إلى الدنمارك نحو ربع قرن. يقول: "في البلد الجديد، تمكنت من تأمين مستقبل أطفالي الذين ولدت غالبيتهم فيه". ويسأل: "ماذا يريد منا هؤلاء؟ وإلى أين نهاجر هذه المرة؟".
حميد هو أحد آلاف الفلسطينيين الذين يشكلون جالية كبيرة في عدد من دول شمال أوروبا وألمانيا، قبل أن ينضم إليهم أخيراً المزيد. لا يشعر حميد بالقلق على نفسه فقط. يقول "بطبيعة الحال، أفكّر في أبنائي وأحفادي ومستقبلهم". من جهة أخرى، فإن "وسائل الإعلام التي تجعل الجميع مجرمين لا تساهم حقيقة في تخفيف وطأة ما نعيشه". يشير إلى شخص قدم أخيراً من منطقة دوما (محافظة ريف دمشق)، قائلاً إنه "بعد مرور فترة قصيرة عل لجوئه، صار يشعر كما شعرنا طيلة سنوات نكبتنا".
بدوره، لا يملك أبو محمد دوماني إلا الموافقة على ما قاله صديقه. يقول: "أشعر بالخجل والخوف حين أرى وأسمع ما يدور حولي. لم يخطر في بالي يوماً أن نصير شعباً مطروداً من وطنه، ونضطر إلى الهجرة إلى أوروبا عبر البحر. في البلد الجديد، وما إن اعتقدنا أننا صرنا بأمان، حتى بدأت الهجمات الإرهابية".
الفرق بين حميد ودوماني هو أن الأول يحمل الجنسية الدنماركية، بينما الثاني مهاجر جديد، يعيش في منطقة تنشط فيها مجموعات "القصاص الذاتي" التابعة لما يسمى جيش أودين، وتنتشر في مدن شمال أوروبا بحجة "حماية المواطنين من عنف اللاجئين". لكنهما يتشاركان مشاعر القلق.
يحكي حميد أن ما كان يملكه في دمشق استولى عليه متنفذون عام 2012. هذا الرجل، وبعد سنوات قضاها في الغربة، كان قد تمكن من شراء أرض وشيد فوقها منزلاً. وإن كان قد حزن على تعبه، إلا أن أكثر ما يضايقه في الوقت الحالي هو "الأجواء المشحونة. والمؤسف أن كثيرين لا يبالون أو لا يدركون خطورة ما يجري. وربما لا يتابعون ما تكتبه وسائل الإعلام المحلية".
لجوء وإرهاب
يرى غسان، الذي ولد وعاش في الدنمارك، أن الربط بين العمليات الإرهابية وقدوم اللاجئين إلى أوروبا لم يعد محصوراً بوسائل الإعلام المتشددة، لافتاً إلى أن الأمر بات أقرب إلى التحريض الممنهج. يضيف: "يقولون إن المشكلة تتعلق بالدمج. لكن في الوقت نفسه، يُرفض طلب توظيفي بعد تخرجي بسبب اسمي وأصلي. وعلى الرغم من ذلك، بقيت مصراً على البحث عن حقي بعدم التمييز، فيما قد يختار آخرون العزلة والانطواء. الحلُّ بسيط جداً، على ألا يكون الاندماج من طرف واحد فقط".
بعضُ السياسيين في دول الشمال، بالإضافة إلى وسائل الإعلام ذات التوجّه اليميني القومي، باتوا يستعيدون مواقف رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان وكأنها أقوال مقدسة، هو الذي كان قد تحدث عن "العلاقة بين اللجوء والهجرة والتهديد الإرهابي ضد أوروبا". تكرار تلك المواقف، من بينها تصريح وزير الخارجية المجري بيتر سيغارتو، يجد صدى لدى الأحزاب البرلمانية في الدول الإسكندنافية وألمانيا.
إلا أن الشباب الذين تحدّثوا لـ "العربي الجديد"، بالإضافة إلى اللاجئين الجدد، يطرحون بعض الأسئلة. مراد، الذي قدم إلى البلاد أخيراً ويأمل بلمّ شمل أسرته، يسأل: "أليس هؤلاء الذين ارتكبوا التفجيرات من مواليد بلجيكا وفرنسا؟ ما علاقتنا نحن القادمين إلى بلد جديد بحثاً عن الحماية بكل هذا حتى تتشدد القوانين المتعلقة بنا، ونتهم بأمور لا ذنب لنا فيها؟".
اقرأ أيضاً: الدنمارك تواصل ضبط حدودها رغم مناشدات الاتحاد الأوروبي
من جهته، يجد محمد المقيم في ألمانيا، صعوبة في فهم الرابط بين شعارات الأحزاب اليمينية وتقدمها في استطلاعات الرأي ووضعه كلاجئ. يقول إن "الأمر محبط. ما تشهده أوروبا يحمل مسؤوليته للاجئون وهذا ظلم كبير. يظن البعض أننا جميعاً أغبياء ولا ندرك ما يجري حولنا. لكننا جئنا إلى هنا بسبب ما يجري في سورية. لا ذنب لنا في ما يعانيه بلدنا وقد اكتفت الدول بالتفرج على مأساتنا، لنصبح في وقت لاحق مسؤولين عما يجري".
إلى ذلك، فإن بعض المهتمين بأزمة اللاجئين يرفضون تحميلهم مسؤولية الهجمات الإرهابية والجرائم الفردية. في هذا السياق، تقول فاطمة السعيد، الناشطة في مساعدة اللاجئين والمقيمة في ألمانيا منذ ثلاثين عاماً، إنه "حتى قبل هجمات باريس، وتحديداً في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، كانت بعض الدول الأوروبية قد أعلنت رفضها قبول المزيد من اللاجئين المسلمين. وبعد هجمات بروكسل، لم يتطرّق أحد إلى معاناة الشعب السوري الذي يعيش تحت إرهاب داعش والنظام".
تضيف: "فلنتذكر ما صرحت به رئيسة وزراء بولندا بياتا سيدلو، التي قالت إن بلادها لن تقبل لاجئين بعد اليوم لضمان سلامة مواطنيها". وتسأل: "متى كان الموقف البولندي مختلفاً؟ بصراحة، نعيش في ظل نفاق يمتد من السويد وحتى فرنسا. وهناك استغلال سياسي وقح لمأساة اللاجئين، وسعي لتغيير موقف الرأي العام حيالهم".
من جهتها، تؤيّد سوزانه ستفنسون موقف فاطمة. وتقول إنه "في الدول الإسكندنافية، وفي السويد والدنمارك تحديداً، نلاحظ أن هناك هجمة سياسية غريبة تعمد إلى استغلال دماء الضحايا في دول أخرى لتأليب الرأي العام، من خلال صحف ووسائل إعلام تنقل مواقف سياسيين هي أقرب إلى النازية الجديدة، على غرار حزب الشعب في الدنمارك، الذي يحرض ضد المهاجرين واللاجئين، وتحديداً ضد العرب والمسلمين. وبدلاً من مراجعة ما يقال عن التمييز والإقلاع عن وهم الاندماج أو رفض التعددية الثقافية والإثنية، تصر الأحزاب اليمينية ومعها أحزاب من يمين الوسط، وحتى بعض تلك اليسارية، على ترديد الشعارات نفسها حول تهديد القيم الأوروبية".
وتلفت ستفنسون إلى أن "هذه ليست مشكلة الأقليات بل العقل السياسي الأوروبي الذي يظن بأن التشديدات الأمنية والقانونية هي المخرج للأزمات بدلاً من الانفتاح".
إدانة الإسلام
من جهة أخرى، يستغرب الكثير من الشباب الذين ولدوا في تلك الدول، كيف أن بعض أعضاء البرلمان من أصول عربية يطالبون المسلمين، وبكل بساطة، بإدانة الإسلام. وكأن هؤلاء السياسيين يستغلون مشكلة قائمة منذ عقود لنيل الإعجاب وأصوات الناخبين. ويرى بعض الشباب أن الحل بسيط، ويتمثل في إعادة النظر بمسألة رفض الاعتراف بالمواطنين من أصول عربية ومسلمة ومعاملتهم على قدم المساواة مع غيرهم من الأوروبيين الأصليين، بدلاً من نبذهم بسبب الاسم أو الدين، ومطالبتهم برفض الإسلام بدلاً من إدانة ممارسات بعض المسلمين. وبدا هذا الطلب وكأنه محاولة لتجريد هؤلاء من هويتهم وثقافتهم، مع الإبقاء على الغيتوات، وخلق فجوات خطيرة بين المجتمعات المهمشة في الضواحي والمواطنين الآخرين.
وهذا ما تشير إليه الباحثة أميرة ناصر، تعليقاً على مطالبة ناصر خضر، أحد البرلمانيين من أصل عربي، الشباب المسلمين باتخاذ مواقف معينة. تضيف أن "خضر يطالب الشباب باتخاذ بعض المواقف، بينما يعيش تحت حماية الأمن بحجة أنه مهدد". وتسأل: "لماذا لا ينخرط معنا في نقاشات بدلاً من إطلاق مواقفه الاستعلائية هذه؟".
السؤال الذي يطرحه محمد حميد، خلال جلوسه مع أصدقائه، عن الوجهة الجديدة التي يمكن الهجرة إليها، بات يطرحه كثيرون في المجتمعات الأوروبية، من دون أن يكون له إجابة، حتى لدى السياسيين اليساريين الذين تواصلت معهم "العربي الجديد". هؤلاء يقولون إنه "لا يمكن السماح بأن يخطف المتطرفون في اليمين الأوروبي والمتطرفون الإسلاميون ديمقراطيتنا". ويشيرُ هؤلاء إلى "طرح سؤال ملح عن كيفية تغيير تعاطي بلادنا مع المواطنين من الجيلين الثاني والثالث، بما يضمن الانفتاح الكامل والتعددية الثقافية، ورفض استغلال البعض لموجات اللجوء ومساعدة اللاجئين على تحسين أوضاعهم الاقتصادية. علينا مساعدة هؤلاء من خلال إطلاق مشاريع واضحة".
اقرأ أيضاً: اتجار بالأطفال.. أين يختفي الآلاف في أوروبا؟
حميد هو أحد آلاف الفلسطينيين الذين يشكلون جالية كبيرة في عدد من دول شمال أوروبا وألمانيا، قبل أن ينضم إليهم أخيراً المزيد. لا يشعر حميد بالقلق على نفسه فقط. يقول "بطبيعة الحال، أفكّر في أبنائي وأحفادي ومستقبلهم". من جهة أخرى، فإن "وسائل الإعلام التي تجعل الجميع مجرمين لا تساهم حقيقة في تخفيف وطأة ما نعيشه". يشير إلى شخص قدم أخيراً من منطقة دوما (محافظة ريف دمشق)، قائلاً إنه "بعد مرور فترة قصيرة عل لجوئه، صار يشعر كما شعرنا طيلة سنوات نكبتنا".
بدوره، لا يملك أبو محمد دوماني إلا الموافقة على ما قاله صديقه. يقول: "أشعر بالخجل والخوف حين أرى وأسمع ما يدور حولي. لم يخطر في بالي يوماً أن نصير شعباً مطروداً من وطنه، ونضطر إلى الهجرة إلى أوروبا عبر البحر. في البلد الجديد، وما إن اعتقدنا أننا صرنا بأمان، حتى بدأت الهجمات الإرهابية".
الفرق بين حميد ودوماني هو أن الأول يحمل الجنسية الدنماركية، بينما الثاني مهاجر جديد، يعيش في منطقة تنشط فيها مجموعات "القصاص الذاتي" التابعة لما يسمى جيش أودين، وتنتشر في مدن شمال أوروبا بحجة "حماية المواطنين من عنف اللاجئين". لكنهما يتشاركان مشاعر القلق.
يحكي حميد أن ما كان يملكه في دمشق استولى عليه متنفذون عام 2012. هذا الرجل، وبعد سنوات قضاها في الغربة، كان قد تمكن من شراء أرض وشيد فوقها منزلاً. وإن كان قد حزن على تعبه، إلا أن أكثر ما يضايقه في الوقت الحالي هو "الأجواء المشحونة. والمؤسف أن كثيرين لا يبالون أو لا يدركون خطورة ما يجري. وربما لا يتابعون ما تكتبه وسائل الإعلام المحلية".
لجوء وإرهاب
يرى غسان، الذي ولد وعاش في الدنمارك، أن الربط بين العمليات الإرهابية وقدوم اللاجئين إلى أوروبا لم يعد محصوراً بوسائل الإعلام المتشددة، لافتاً إلى أن الأمر بات أقرب إلى التحريض الممنهج. يضيف: "يقولون إن المشكلة تتعلق بالدمج. لكن في الوقت نفسه، يُرفض طلب توظيفي بعد تخرجي بسبب اسمي وأصلي. وعلى الرغم من ذلك، بقيت مصراً على البحث عن حقي بعدم التمييز، فيما قد يختار آخرون العزلة والانطواء. الحلُّ بسيط جداً، على ألا يكون الاندماج من طرف واحد فقط".
بعضُ السياسيين في دول الشمال، بالإضافة إلى وسائل الإعلام ذات التوجّه اليميني القومي، باتوا يستعيدون مواقف رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان وكأنها أقوال مقدسة، هو الذي كان قد تحدث عن "العلاقة بين اللجوء والهجرة والتهديد الإرهابي ضد أوروبا". تكرار تلك المواقف، من بينها تصريح وزير الخارجية المجري بيتر سيغارتو، يجد صدى لدى الأحزاب البرلمانية في الدول الإسكندنافية وألمانيا.
إلا أن الشباب الذين تحدّثوا لـ "العربي الجديد"، بالإضافة إلى اللاجئين الجدد، يطرحون بعض الأسئلة. مراد، الذي قدم إلى البلاد أخيراً ويأمل بلمّ شمل أسرته، يسأل: "أليس هؤلاء الذين ارتكبوا التفجيرات من مواليد بلجيكا وفرنسا؟ ما علاقتنا نحن القادمين إلى بلد جديد بحثاً عن الحماية بكل هذا حتى تتشدد القوانين المتعلقة بنا، ونتهم بأمور لا ذنب لنا فيها؟".
اقرأ أيضاً: الدنمارك تواصل ضبط حدودها رغم مناشدات الاتحاد الأوروبي
من جهته، يجد محمد المقيم في ألمانيا، صعوبة في فهم الرابط بين شعارات الأحزاب اليمينية وتقدمها في استطلاعات الرأي ووضعه كلاجئ. يقول إن "الأمر محبط. ما تشهده أوروبا يحمل مسؤوليته للاجئون وهذا ظلم كبير. يظن البعض أننا جميعاً أغبياء ولا ندرك ما يجري حولنا. لكننا جئنا إلى هنا بسبب ما يجري في سورية. لا ذنب لنا في ما يعانيه بلدنا وقد اكتفت الدول بالتفرج على مأساتنا، لنصبح في وقت لاحق مسؤولين عما يجري".
إلى ذلك، فإن بعض المهتمين بأزمة اللاجئين يرفضون تحميلهم مسؤولية الهجمات الإرهابية والجرائم الفردية. في هذا السياق، تقول فاطمة السعيد، الناشطة في مساعدة اللاجئين والمقيمة في ألمانيا منذ ثلاثين عاماً، إنه "حتى قبل هجمات باريس، وتحديداً في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، كانت بعض الدول الأوروبية قد أعلنت رفضها قبول المزيد من اللاجئين المسلمين. وبعد هجمات بروكسل، لم يتطرّق أحد إلى معاناة الشعب السوري الذي يعيش تحت إرهاب داعش والنظام".
تضيف: "فلنتذكر ما صرحت به رئيسة وزراء بولندا بياتا سيدلو، التي قالت إن بلادها لن تقبل لاجئين بعد اليوم لضمان سلامة مواطنيها". وتسأل: "متى كان الموقف البولندي مختلفاً؟ بصراحة، نعيش في ظل نفاق يمتد من السويد وحتى فرنسا. وهناك استغلال سياسي وقح لمأساة اللاجئين، وسعي لتغيير موقف الرأي العام حيالهم".
من جهتها، تؤيّد سوزانه ستفنسون موقف فاطمة. وتقول إنه "في الدول الإسكندنافية، وفي السويد والدنمارك تحديداً، نلاحظ أن هناك هجمة سياسية غريبة تعمد إلى استغلال دماء الضحايا في دول أخرى لتأليب الرأي العام، من خلال صحف ووسائل إعلام تنقل مواقف سياسيين هي أقرب إلى النازية الجديدة، على غرار حزب الشعب في الدنمارك، الذي يحرض ضد المهاجرين واللاجئين، وتحديداً ضد العرب والمسلمين. وبدلاً من مراجعة ما يقال عن التمييز والإقلاع عن وهم الاندماج أو رفض التعددية الثقافية والإثنية، تصر الأحزاب اليمينية ومعها أحزاب من يمين الوسط، وحتى بعض تلك اليسارية، على ترديد الشعارات نفسها حول تهديد القيم الأوروبية".
وتلفت ستفنسون إلى أن "هذه ليست مشكلة الأقليات بل العقل السياسي الأوروبي الذي يظن بأن التشديدات الأمنية والقانونية هي المخرج للأزمات بدلاً من الانفتاح".
إدانة الإسلام
من جهة أخرى، يستغرب الكثير من الشباب الذين ولدوا في تلك الدول، كيف أن بعض أعضاء البرلمان من أصول عربية يطالبون المسلمين، وبكل بساطة، بإدانة الإسلام. وكأن هؤلاء السياسيين يستغلون مشكلة قائمة منذ عقود لنيل الإعجاب وأصوات الناخبين. ويرى بعض الشباب أن الحل بسيط، ويتمثل في إعادة النظر بمسألة رفض الاعتراف بالمواطنين من أصول عربية ومسلمة ومعاملتهم على قدم المساواة مع غيرهم من الأوروبيين الأصليين، بدلاً من نبذهم بسبب الاسم أو الدين، ومطالبتهم برفض الإسلام بدلاً من إدانة ممارسات بعض المسلمين. وبدا هذا الطلب وكأنه محاولة لتجريد هؤلاء من هويتهم وثقافتهم، مع الإبقاء على الغيتوات، وخلق فجوات خطيرة بين المجتمعات المهمشة في الضواحي والمواطنين الآخرين.
وهذا ما تشير إليه الباحثة أميرة ناصر، تعليقاً على مطالبة ناصر خضر، أحد البرلمانيين من أصل عربي، الشباب المسلمين باتخاذ مواقف معينة. تضيف أن "خضر يطالب الشباب باتخاذ بعض المواقف، بينما يعيش تحت حماية الأمن بحجة أنه مهدد". وتسأل: "لماذا لا ينخرط معنا في نقاشات بدلاً من إطلاق مواقفه الاستعلائية هذه؟".
السؤال الذي يطرحه محمد حميد، خلال جلوسه مع أصدقائه، عن الوجهة الجديدة التي يمكن الهجرة إليها، بات يطرحه كثيرون في المجتمعات الأوروبية، من دون أن يكون له إجابة، حتى لدى السياسيين اليساريين الذين تواصلت معهم "العربي الجديد". هؤلاء يقولون إنه "لا يمكن السماح بأن يخطف المتطرفون في اليمين الأوروبي والمتطرفون الإسلاميون ديمقراطيتنا". ويشيرُ هؤلاء إلى "طرح سؤال ملح عن كيفية تغيير تعاطي بلادنا مع المواطنين من الجيلين الثاني والثالث، بما يضمن الانفتاح الكامل والتعددية الثقافية، ورفض استغلال البعض لموجات اللجوء ومساعدة اللاجئين على تحسين أوضاعهم الاقتصادية. علينا مساعدة هؤلاء من خلال إطلاق مشاريع واضحة".
اقرأ أيضاً: اتجار بالأطفال.. أين يختفي الآلاف في أوروبا؟